غوتيريس يزور الجنود المغاربة في إفريقيا الوسطى

سامي جولال

توفي منهم، إلى حدود الآن،  تسعة جنود، ويبلغ عددهم 1612 جنديا، و4 خبراء عسكريين، حسب الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة. إنهم المغاربة المشاركون في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى، والمعروفة اختصارا بـ ''مينوسكا''.

سيزور أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، جمهورية إفريقيا الوسطى في مطلع الأسبوع المقبل، لقضاء ''يوم الأمم المتحدة''، الذي سيحتفل به في الـ 24 من أكتوبر الجاري، مع أفراد حفظ السلام في الجمهورية المذكورة، للإشادة بحفظة السلام في جميع أنحاء العالم، حسب ما نشره مركز أنباء الأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي.

جمهورية إفريقيا الوسطى، التي تعيش حالة من عدم الاستقرار، منذ مارس من سنة 2013، بعد سيطرة متمردين من حركة ''سيليكا''، المتكونة من ميليشيات مسلمة، على الحكم، بعد الإطاحة بالرئيس، حينها، فرانسوا بوزيزي، تُعَدُّ بمثابة ''مثلث برمودا'' الْبَرِّ بالنسبة للجنود المغاربة المشاركين في بعثة ''مينوسكا''، بحيث قتل، منذ بداية 2017 إلى الآن، 12 جنديا من أفراد حفظ السلام في أعمال عدائية في جمهورية إفريقيا الوسطى، 7 منهم مغاربة، حسب نفس المصدر.

آخر حوادث الهجوم على الجنود المغاربة في بعثة الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى، كان في الـ 22 من شتنبر المنصرم، بحيث تعرض هؤلاء لهجوم مسلح أدَّى إلى إصابة جندي مغربي. الهجوم نفذته جماعة ''أنتي بالاكا''، حين كان الجنود المغاربة، في بعثة ''مينوسكا''، يرافقون قافلة خدمات لوجستيكية تابعة للأمم المتحدة، حسب ما نشرته منابر إعلامية حينها. وشُنَّ الهجوم على الجنود المذكورين على بعد 100 كيلومتر من مدينة بنغاسو في إفريقيا الوسطى، التي تستقر فيها التجريدة المغربية التابعة لحاملي القبعات الزرق.

إفريقيا الوسطى، التي يعد نصف سكانها في حاجة لمساعدات إنسانية، والتي يعتبر فيها طفل من بين خمسة لاجئا أو مشردا داخليا، حسب منظمة الأمم المتحدة، شهدت، كذلك، في الـ 25 من يوليوز المنصرم، مقتل جنديين مغربيين في بعثة ''مينوسكا'' في مدينة بنغاسو، وذلك في كمين كانت وراء الإعداد له جماعة ''أنتي بالاكا''. كما أصيب جندي مغربي آخر بجروح في نفس الحادث.

مغاربة ودعوا أسرهم وعائلاتهم، واتجهوا نحو دولة لا يعلو فيها صوت على صوت الرصاص، هادفين إلى إرساء السلام والاستقرار فيها، لكنهم، وبعد قضاء فترة زمنية يطبعها التوتر والتوجس في إفريقيا الوسطى، يعودون إلى أقاربهم موضوعين في صناديق الموت.

جماعة ''أنتي بالاكا''، وهي ميليشيا مسيحية مسلحة في جمهورية إفريقيا الوسطى، يمكن وصفها بـ ''شبح الموت'' الذي يتربص بالجنود المغاربة في بعثة ''مينوسكا''، ويجعلهم يتوقعونه في أي مكان وزمان، أثناء تأدية مهامهم العسكرية في جمهورية إفريقيا الوسطى، بحيث لقي جندي مغربي، يوم الأحد 23 يوليوز الماضي، مصرعه في مدينة بنغاسو، على يد مسلحي نفس الجماعة، وذلك أثناء مرافقة مجموعة جنود مغاربة لشاحنات كانت تنقل إمدادات من المياه، خدمة لأهداف إنسانية في المدينة. كما أصيب ثلاثة جنود مغاربة آخرين بجروح في نفس الواقعة.

جمهورية إفريقيا الوسطى، التي سيزورها الأمين العام للأمم المتحدة، شهدت، أيضا، في شهر ماي الماضي، مقتل جنديين مغربيين في ''مينوسكا''، وإصابة تسعة آخرين بجروح، وذلك نتيجة هجومين منفصلين شُنَّا على عناصر البعثة الأممية قرب مدينة بنغاسو.

الجنود المغاربة في بعثة قوات حفظ السلام في إفريقيا الوسطى، الذين تركوا عائلاتهم وأسرهم في المغرب وساروا نحو الموت، شهدوا أول قتيل في صفوفهم في هذه السنة في يناير الماضي، إذ قتل اثنان منهم، وجرح اثنان آخران، إثر هجوم استهدف قافلة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وذلك في جنوب شرق البلاد، وبالضبط في مدينة أوبو.

ووصف خالد الشكراوي، الأستاذ الجامعي المتخصص في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية، عدد الجنود المغاربة المشاركين في بعثة ''مينوسكا'' الذين توفوا بـ ''الكبير والفظيع''، لكنه اعتبر أن مسألة سقوط ضحايا بين الجنود المغاربة الأمميين الموجودين في إفريقيا الوسطى أمر متوقع، مبرزا أن مشاركة الجنود المغاربة في قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة، أمر مهم.

الشكراوي أضاف، في تصريح لـ ''تيلكيل عربي''، أن الصراع في جمهورية إفريقيا الوسطى تتدخل فيه مجموعة من الأجندات، ويدور حول السيطرة على السلطة والموارد الطبيعية، وليس صراعا دينيا أو إثنيا، كما تروج منابر إعلامية، مبرزا أن الصراع في الدولة المذكورة تتحكم فيه فرنسا، بحيث قال ''لا يمكن لأي دولة أو جهة التدخل في جمهورية إفريقيا الوسطى، إلا بإذن فرنسا، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة''.

المتخصص في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية قال إن مشكلة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، في مختلف مناطق العالم، تتجلى في محدودية هذه الأخيرة على المستوى القانوني، موضحا ''القوات الأممية لا يمكنها أن تستعمل السلاح، إلا في حالات الدفاع عن النفس''، مبينا أن التجريدات الوطنية، من مختلف الدول، المشاركة في قوات حفظ السلام، لا تتدخل عسكريا، إلَّا بإذن من أركانها العامة الوطنية، ومن الأمم المتحدة، مما يشكل، حسب الشكراوي، مشكلةً تكمن في ''ازدواجية الأوامر والتوجيهات''.

الشكراوي أبرز، في تصريحه، أنه عندما تقع تجريدة معينة في مشاكل مع جماعات مسلحة في إفريقيا الوسطى، فإن التجريدات الأخرى لا تتدخل لمساعدتها، إلا بإذن من دولها، وهو الأمر الذي يمنع تفادي وقوع القتلى والإصابات، خاصة حينما يتعلق الأمر بالفوارق الزمنية بين مختلف بلدان العالم، موضحا ''إذا طلبت تجريدة معينة مساعدة عسكرية من تجريدة دولة الصين، مثلا، فهذه التجريدة لن تتدخل إلا بإذن من مسؤولي دولتها، وهؤلاء سيتأخرون عن إصدار أمر بالموافقة أو الرفض حول طلب التدخل، إذا كان الوقت متأخرا''.

نفس المتحدث أفاد أن الوضع في دولة إفريقيا الوسطى معقد جدا، مبرزا أن الساحة هناك تشهد صراعات بين مجموعة من الجماعات المسلحة، التي تولدت عن جماعتي ''أنتي بالاكا'' و''سيليكا'' المسلحتين. كما بين أن المشكل تتدخل فيها مجموعة من الجهات، ذكر منها السودان، ورواندا، وتشاد، والولايات المتحدة الأمريكية.