أكدت البرلمانية نزهة إباكريم، عضو الفريق الاشتراكي (المعارضة الاتحادية) بمجلس النواب، أن "مصلحة المغرب تقتضي الانضمام لمجموعة "بريكس" (تكتل اقتصادي تأسس، سنة 2006، ويضم خمس دول؛ هي: جنوب إفريقيا، والهند، والبرازيل، والصين وروسيا)؛ إذ تتيح الخطوة العديد من الفرص لتطوير مبادلاته التجارية مع الأعضاء الرئيسيين للمجموعة".
ويأتي تصريح إباكريم بعدما كشفت ناليدي باندور، وزير خارجية جنوب إفريقيا، يوم 07 غشت الجاري، أن المغرب كان ضمن قائمة الدول الـ23 التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"، وذلك على هامش مؤتمر صحفي تحدثت فيه عن آخر الاستعدادات لاستضافة بلادها القمة الـ15، المقرر عقدها في الفترة الممتدة ما بين 22 و24 غشت الجاري، في جوهانسبورغ.
وترى البرلمانية أن "المستوى الحالي للمجموعة يسمح بهامش كبير لتحقيق نمو معتبر في المبادلات في الاتجاهين، وفي مختلف المجالات الاقتصادية: سياحة، فلاحة، صيد بحري، تجارة، صناعة، خدمات، نقل ولوجيستيك، نقل التكنولوجيا"، لافتة إلى أن "أعضاء "بريكس" يجدون في المغرب عضوا مفيدا بالنسبة للمجموعة، بحكم عدة اعتبارات؛ في مقدمتها الاستقرار السياسي للبلاد، ومواقفه التاريخية الشاهدة على استقلالية قراراته الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى موقعه الجغرافي الذي يؤهله ليكون بمثابة منصة مبادلات بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا".
وتابعت إباكريم أن "المغرب عمل على تكريس موقعها الجغرافي، من خلال تجهيز واجهتيه البحرية على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، إلى غاية حدوده مع جارته الجنوبية موريتانيا، بمركبات مينائية من الجيل الجديد، مرتبطة بمناطق صناعية وفضاءات لوجيستيكية منفتحة على الأنشطة الاقتصادية العالمية"، موضحة أن اعتبارات أخرى تجعل مجموعة "بريكس" تتعامل بمنطق رابح/رابح مع المغرب، تتمثل فيما حققه خلال العهد الجديد من مؤسسات اقتصادية فرضت تواجدها داخل القارة الإفريقية".
واعتبرت البرلمانية أنه "لا بد من حدوث بعض الرجات بحثا عن وضع جديد، أكثر استقرارا وأكثر توازنا، خاصة أن المغرب تربطه علاقات إستراتيجية اقتصادية وسياسية وأمنية مع الاتحاد الأوروبي ومع التكتلات الاقتصادية التقليدية والناشئة بداخله".
وأضافت: "كما تربطه علاقات مماثلة مع كل المملكة المتحدة ومع الولايات المتحدة وكندا، وهي علاقات إستراتيجية متعددة الأبعاد أبانت على أن المملكة المغربية شريك لا يمكن التفريط فيه، كما لا يمكن التعامل معه بمنطق لي الذراع، وهو الذي أبان عن مواقفه الثابتة والمستقلة، في عدة محطات تاريخية حاسمة عرفها التاريخ الحديث".
وتابعت إباكريم: "من هنا، تتم عملية تسريع انخراط المملكة المغربية في مجموعة "بريكس"، وفي نفس الوقت، الحد من تأثير ردود الفعل الاقتصادية المحتملة للمناوئين لهذه العملية".
كما أشارت إلى أن "الانخراط يجب أن يكون مقرونا بسلة من المعاهدات واتفاقيات التعاون بين أعضاء المجموعة والمملكة المغربية، بهدف مضاعفة استثماراتها بالمغرب، والرفع كذلك من المبادلات التجارية الثنائية أو المتعددة الأطراف، وتشجيع مواطني هذه الدول على الوجهة المغربية كوجهة سياحية".
محطات تاريخية
وذكرت إباكريم بأن "غداة استقلال البلاد عن الحماية الفرنسية، تولت أول حكومة من الحركة الوطنية تسيير شؤون البلاد، برئاسة عبد الله إبراهيم، الذي اتخذ عبد الرحيم بوعبيد نائبا للوزير الأول ووزيرا للاقتصاد والمالية".
وتابعت: "هذه الحكومة التي قررت إحداث بنك المغرب كمؤسسة وطنية مستقلة عن القوى الأجنبية، ثم أصدرت عملة مغربية تحت اسم الدرهم المغربي، أصبح العملة الرسمية للمغرب بعد الاستقلال، وبذل،ك قررت فك الارتباط والخروج من منطقة الفرنك الفرنسي".
وحسب البرلمانية، "كان للقرار تداعيات تمثلت في تضييق مالي وهروب للرأس مال، التي وصلت إلى 40 مليار فرنك حينها، وتدابير انتقامية؛ ما أفضى إلى أزمة حادة بين المملكة وفرنسا".
وأقدمت الحكومة الفرنسية، وقتها، على توقيف كل المساعدات والقروض والدعم وتعاون البنوك الفرنسية، في الوقت نفسه، كما جرى وقف الحسابات المغربية، بينما كانت المالية العمومية في وضعية كارثية.
وواجهت حكومة عبد الله إبراهيم الخطوات الفرنسية، حينها، بمجموعة من الإجراءات والتدابير، تتعلق بمجال الصرف، كما لجأت الحكومة إلى إنجاز تعاملاتها بعملات البلدان الشريكة في المبادلات التجارية.
بالموازاة مع ذلك، انخرط عبد الرحيم بوعبيد، نائب رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية، آنذاك، في مفاوضات من أجل استعادة بنك الدولة، الذي كان بنك فرنسا باريس والأراضي المنخفضة يملك أغلبية أسهمه، واستمرت المفاوضات، حتى يونيو 1959، وهو التاريخ الذي شهد إحداث بنك المغرب.
سياسة نقدية مستقلة
وقالت إباكريم إنه "بفضل القرارين، تمكن المغرب من اكتساب سياسة نقدية مستقلة تتسم بالمرونة والتكيف مع مستجدات الاقتصاد العالمي".
وحسب ما جاء في الورقة التقنية رقم 2، الصادرة عن بنك المغرب بخصوص "إصلاح نظام الصرف، بعد إحداث الدرهم الذي حل محل الفرنك، في 16 أكتوبر من سنة 1959 (ثلاث سنوات بعد استقلال المغرب)، مع سعر صرف قدره 100 فرنك مقابل درهم واحد، وإلى غاية سنة 1973، كانت قيمة الدرهم ترتبط بقيمة الفرنك الفرنسي، نظرا لهيمنة المبادلات التجارية مع فرنسا".
واستطردت: "ابتداء من عام 1973، أدت التغييرات على مستوى الأنظمة النقدية الدولية، لاسيما التخلي عن الدولار كعملة مرجعية، إلى تغيير نظام الصرف، باعتماد نظام تحديد قيمة الدرهم، بناء على سلة عملات مكونة من عملات شركاء المغرب التجاريين الرئيسيين".
وفق البرلمانية المغربية، فإنه "في 13 أبريل 2015، راجعت السلطات أوزان العملات المكونة للسلة من 80 في المائة إلى 60 في المائة بالنسبة لليورو، ومن 20 في المائة إلى 40 في المائة بالنسبة للدولار".
تحولات تاريخية
وتابعت إباكريم: "على مستوى العلاقات الاقتصادية للمملكة مع باقي دول العالم، نجد أن المغرب خلال العهد الجديد، عهد الملك محمد السادس، سجل تحولا عميقا في دينامية المبادلات الخارجية للمملكة، والتي تميزت بالتنوع من خلال الانفتاح على كل الأقطاب الاقتصادية العالمية (أوروبا، الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، الهند، البرازيل)".
ولم تقتصر عملية تنويع الشراكات على الجانب الأوروبي والآسيوي؛ إذ تشير البرلمانية إلى أنها "تميزت أيضا، بتعزيز تواجد الشركات المغربية الكبرى بالعديد من الدول الإفريقية؛ منها اتصالات المغرب، والمكتب الشريف للفوسفاط، والخطوط الملكية المغربية للطيران، والمكتب الوطني للكهرباء، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى".
ووفق التقرير السنوي لبنك المغرب عن سنة 2022، تبين المبادلات التجارية للمغرب مع شركائه الرئيسيين، أن دول الاتحاد الأوروبي تحظى بالصدارة، مع تسجيل تحولات لفائدة إسبانيا على حساب فرنسا، كما سجل توازنا في مبادلات المغرب مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، والهند، مع تسجيل بعض التقدم على حساب الولايات المتحدة.
وأعلنت مجموعة "بريكس"، في عام 2022، عزمها زيادة عدد الدول الأعضاء، بهدف جعل المجموعة أكثر شمولا، وأعربت 19 دولة، على الأقل، عن رغبتها في الانضمام إلى الكتلة الاقتصادية، بما في ذلك الأرجنتين، وإيران، والجزائر، وتونس، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر.