أيام قليلة تفصل عشاق الساحرة المستديرة بالقارة السمراء، عن الحدث الكروي الأبرز في إفريقيا والذي سيجمع 24 منتخباً من جميع أرجائها تحت لواء النسخة الـ 32 لنهائيات كأس أمم إفريقيا، والتي تستقبلها الأراضي المصرية للمرة الخامسة في تاريخها.
المنتخب الوطني المغربي، يد شن بدوره مشاركة بنسخة 2019، للمرة الثانية توالياً تحت قيادة الفرنسي هيرفي رونار، بعد أن سجل حضوره بنسخة الغابون، وغادرها من دور ربع النهائي، بعد سقوط أمام فراعنة مصر.
"ذكريات الكان"، تستضيف في حلقاتها 12، مراد حديود، الدولي المغربي السابق الذي حمل قميص المغربي في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2004، رفقة جيل بادو الزاكي.، وسلك طريق الاحتراف ليبدأ تجربته من بلغاريا وتحديدا بقميص نادي ليتكس لوفتش، حيث خاض 104 لقاءً، قبل أن يعرج على سسكا صوفي، وعدد من الأندية الأوروبية.
حديود يعود بنا في هذا الحوار، إلى أبرز ذكريات "كان 2004" رفقة جيل يوسف حجي والزايري والشماخ، كما تحدث عن حظوظ الأسود بـ 2019 رفقة هيرفي رونار، خصوصاً وأن الأسماء الأساسية في ترسانته البشرية الأساسية اختارت تغيير مسارها لفترة الانتقالات الأخيرة، لتطرق باب دوريات الخليج، مشدداً بأن الخطوة قد يكون لها تأثير على المشاركة القارية.
- حدثنا عن المشاركة بـكأس أمم إفريقيا 2004، والوصول إلى النهائي رفقة الناخب الوطني السابق بادو الزاكي؟
هي مشاركة استثنائية للمنتخب الوطني المغربي، الذي وصل إلى تونس دون ضغوطات، فلا أحد كان يراهن آنذاك على تأهلنا إلى المباراة النهائية، وهو العامل الذي ساهم في خوض المجموعة للقاءاتها بـ "الكان" بأريحية كبيرة.
الناخب الوطني بادو الزاكي كسب الرهان في تلك الفترة، بتقدميه لترسانة بشرية ضمت لاعبين شباب، كانت انطلاقتهم الحقيقية من كأس أمم إفريقيا، وصنعوا بعد الفرصة التي أتاحها لهم إسماً كبيرا بالساحة الكروية.
الترسانة الأساسية لـ 2004 ضمت أيضاَ أصحاب الخبرة، وقائداً بمعني الكلمة، فنور الدين النيبت ليس باللاعب العادي بالنسبة وكان له دور كبير أيضاً في النجاح المحقق.
- ذكريات خاصة، ستبقى في ذهنك خلال "كان" تونس؟
- في كل مباراة كانت ذكريات جميلة تُكتب، ونزداد ثقة وحماسة لمواصلة المٌغامرة القارية، بنفس الروح وأيضاَ الأداء، منذ دور المجموعات ووصولا إلى مباراة الجزائر التي سجلنا فيها هدف التعادل في وقت "قاتل"، وبعدها مباراة مالي، وأخيراً اللقاء أمام تونس الختامي، الذي تجرعنا خلال مرارة الخسارة وتضييع اللقب.
- هل فعلاً كان أحد اللاعبين يخوض مبارياته وهو يعاني من مرض السكري المزمن؟
رغم أن هاته التفاصيل تدخل ضمن خانة الحياة الشخصية للاعبين، إلا أنني سأجدد القول بأن محمد اليعقوبي، كان في كل مباراة سواء بـ "كان 2004" أو بعده في مبارياته مع نادييه، يحقن نفسه خلسة بالأنسولين، ويٌشارك مع المجموعة من أجل الدفاع عن قميص منتخبه الأم.
لذا فأقول اليوم " لي عندو صحيحتو يحمد الله"، وقدمت هذا الاعتراف سابقاً فقط لأٌكد بأن هنالك لاعبين يستحقون منا الكثير من الشكر والعرفان، لما قدموه داخل الملاعب في فترة سابقة في صمت.
شخصياً أرى أن اليعقوبي من بين الأسماء الكروية التي كانت تٌفجر كل طاقتها في المستطيل الأخضر، فهو لاعب بشخصية هادئة جداً، وكان عاشقاً للساحرة المستديرة.
- قبل أقل من شهر على موعد الكأس القارية، في نظرك ماذا تغير بين جيل ا2004 واليوم؟
بالتأكيد هنالك فرق كبير بين النسختين من كأس أمم إفريقيا بين 2004 و2019، التي سيخوضها أسود الأطلس في مصر، تحت تأطير المدرب الفرنسي هيرفي رونار.
تلك الفترة الضغط والأضواء لم تكن مسلطة على ذلك الجيل، كما أن الترسانة البشرية التي حضرت ضمت لاعبين يٌشاركون في البطولة مع تمثيلية للمحترفين أيضاً، الذين كانت لهم بداية محلية من المغرب قبل خوض تجربة خارجية، بتجربة إفريقية كبيرة، لأنهم سبق ومثلوا أنديتهم في المسابقات المنضوية تحت لواء "الكاف".
أما بالنسبة للاعبين المحترفين، كالشماخ والزايري والمختاري وآخرون، فكانت بدايتهم الدولية مع بادو الزاكي، مما فرض عليهم رد الثقة التي قدمها لهم المدرب بضمهم لأول مرة بقائمة كأس أمم إفريقيا، وتقديم كل شيء بالمستطيل الأخضر للتأكيد على أن مشاركتهم ليست وليدة الصدفة بل يستحقونها.
صراحة أرى بأنها من بين المجموعة الأقوى التي مرت في تاريخ الكرة الوطنية، وعكس ما يٌقال عن شخصية الزاكي وأن اللاعبين يخافون منه، فإنه كان مدرباً في المستوى وتربطه بنا علاقة احترام كبيرة داخل وخارج الملعب.
- كيف ترى حظوظ "أسود الأطلس" بكأس أمم إفريقيا الذي سيعرف تواجد 24 منتخباً بدلاً من 16؟
أولاً، نتمنى بأن يكون التوفيق حليفنا في هاته النسخة من كأس أمم إفريقيا، التي ستشهد منافسة عالية بين المجموعات المشاركة بها، بعد التطور الكبير الذي عرفته أداء جل المشاركين بـ "الكان".
لكن علينا اليوم الاعتراف بأن لاعبي الأسود الأساسيين بتشكيلة هيرفي رونار، لا يٌشاركون على أعلى مستوى مع أنديتهم، بعد اختيار الثوابت الأساسية الاحتراف بمجموعة من الدوريات الخليجية، والتي تعتبر أقل تنافسية من نظيراتها بأوروبا، ما عدا 4 أو 5 لاعبين.
أما بالنسبة لهيرفي رونار، فإنه من بين أفضل المدربين حالياً المقبلين على خوض غمار "الكان"، وتتويجه الأخير بحفل الاتحاد الافريقي لكرة القدم "الكاف" خير دليل على ذلك، فالرجل بخبرة قارية كبيرة ويعرف خبايا وأسرار ملاعب القارة السمراء، بالنظر للتجربة التي راكم في نسخ سابقة من المسابقة.
لدينا زياش، لاعب بمستوى كبير وتابعنا كل ما قدم بدوري أبطال أوروبا الأخير مع الأياكس، إضافة إلى أسماء شابة كحكيمي، من صفوف بورسيا دورتموند وأيضاَ أشرف النصيري، لاعب ليغانيس، وأتمنى صدقاً أن تكون مشاركتهم فعالة ويساهموا في تحقيق الأفضل في هاته النسخة، فاليوم لا نريد التفاؤل أكثر من اللازم ونقول أننا سنتوج باللقب، لكن علينا مناقشة كل مواجهة على حدا والتقدم بثبات.
المغاربة اليوم يريدون الفرحة، وبدوري كلاعب دولي أٍريد أن أتابع إنجازاً تحققه المجموعة في مصر، وإن قدمنا انتقادا أو ملاحظة فلا يعني بأننا لا نريد الأفضل للمنتخب، بل فقط نطمح أن تتحسن أمور عديدة.