سّجل مرصد العمل الحكومي، أن "تدبير تنزيل ورش الحماية الإجتماعية كشف عن محدودية كبيرة في استشراف الآليات الكفيلة بضمان انخراط المغاربة في إنجاحه، وعن اختلالات محدقة باستمراريته واستدامته، وهو ما يمكنه أن يشكل تهديدا حقيقيا لاستكمال مسار الدولة الاجتماعية ويعطل مسار النموذج التنموي الجديد".
وأوردت الورقة الرصدية تحت عنوان "الاحتقان الاجتماعي ...التدبير الحكومي على المحك"، توصل "تيلكيل عربي" بنُسخة منها، أن أحد الاختلالات تجسد في "الهجرة الجماعية لعدد هائل، أزيد من 600 ألف من المستفيدين من نظام المقاول الذاتي نحو الاقتصاد غير المهيكل، أملا في الحصول على مجانية الاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية، في ظل اتخاذ الحكومة لإجراءات ضريبية غير مفهومة وغير محسوبة العواقب (فرض نسبة 30 في المئة كضريبة على المقاولين الذاتيين الذين يتجاوز رقم معاملاتهم 80 ألف درهم مع الزبون الواحد بدل 1 في المئة المعمول بها) بالتزامن مع تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية".
وأضافت الورقة أن "اعتماد الحكومة على مؤشر اجتماعي جامد محدد في نقطة مرجعية 9.32 بمعايير غير دقيقة وغير قادرة على الفصل الأكيد بين من يستحق الدعم و من لا يستحقه"
مثال توضيحي:
لدينا مواطنين يعملان كنجارين وبنفس الظروف الاجتماعية ونفس المدخول الشهري، واحد منهما فضل الانخراط في شرعنة عمله في إطار المقاول الذاتي ووضع ثقته في الدولة وبرامجها، والآخر فضل الاستمرار في العمل في الاقتصاد غير المهيكل.
يجد المواطنين نفسهما في مفارقة غريبة، فالأول الذي يحمل بطاقة المقاول الذاتي مطالب بأداء واجبات الانخراط في الضمان الاجتماعي بينما الثاني يستفيد من الإعفاء من هذه الواجبات ويستفيد من دعم الدولة.
وشدّدت الورقة على أن " إقرار الحكومة لإعفاء المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، من الاشتراكات والزيادات ومصاريف المتابعات والغرامات الواجبة للضمان الاجتماعي، وهو ما يؤكد عدم انخراط عدد كبير من هذه الفئات الجديدة في منظومة الحماية الاجتماعية في هذا الورش، وهو ما يهدد استدامته واستمراريته، علما أن ورش الحماية الاجتماعية الذي من المفروض ان يكلف أزيد 51 مليار درهم سنويا، تقوم هندسته المالية على أن نصف الموارد المالية سيتم تحصيلها من اشتراكات المنخرطين".
وأكد المرصد أن "ظهور هذه الاختلالات مرتبط بشكل وثيق بالتدبير المرتبك وغير المتناسق للحكومة، فهي لم تستحضر في تنزيلها لورش الحماية الاجتماعية، الآليات الضرورية لتحفيز المغاربة على الانخراط في إنجاح هذا الورش، وتغافلت بشكل غير منطقي وغير مبرر على مراجعة المنظومة الموازية لتطبيق وتفعيل هذا الورش، وهو ما بات يهدد نجاح هذا المشروع وقدرته على الاستمرار".
مثال توضيحي:
الهدف من التغطية الصحية الاجبارية عن المرض، هو أولا تمكين المغاربة من نظام موحد للتأمين عن المرض يخول لهم نفس المزايا ونفس الحقوق، وثانيا تحفيز عدد من الفئات منهم على الانخراط في هذا النظام وخاصة الفئات التي تعمل في إطار الاقتصاد غير المهيكل.
كيف يمكن أن ينخرط المغاربة في هذا النظام في ظل تعريفة مرجعية تحدد ثمن زيارة الطبيب في 80 درهم، وحصر التعويض عن الأدوية في الأدوية الجنسية، في ظل واقع يتسم بارتفاع ثمن عيادة الطبيب وسيادة الأدوية غير الجنيسة واستمرار فرض المصحات الخاصة لشيكات الضمان.
وطالب المرصد بـ"إيقاف أي شكل من أشكال الزيادة في نسبة الضريبة المفروضة على المستفيدين من برنامج المقاول الذاتي خاصة في سياق تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية".
ودعا إلى "الإسراع بإجراء الإصلاحات التحفيزية المرافقة لتنزيل تعميم الحماية الاجتماعية وخاصة تلك المرتبطة بالتغطية الاجبارية عن المرض (مراجعة التعريفة المرجعية للتعويض عن الأدوية، وفرض الأدوية الجنيسة في الوصفات الطبية، ومعالجة مشكل شيكات الضمان لدى المصحات الخاصة)، وتقوية برامج تشجيع الانتقال من العمل غير المهيكل الى العمل المهيكل، ما يضمن انخراط الكل في إنجاح هذا المشروع ويساهم في استدامته المالية".