أفادت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أن عدد السياح الذين وصلوا إلى المغرب حتى نهاية أكتوبر 2024 بلغ 14.6 مليون سائح.
النقل الجوي يعزز النمو السياحي
صرح الزوبير بوحوث، الخبير السياحي، أن عدد السياح الذي زاروا المغرب حتى نهاية أكتوبر 2024، والذي بلغ 14.6 مليون سائح، يعد رقمًا إيجابيًا للغاية بالنظر إلى عدة عوامل. فقد تجاوز هذا العدد ما تحقق في كامل سنة 2023، حيث وصل عدد السياح آنذاك إلى 14.5 مليون سائح. كما أشار إلى أن الزيادة التراكمية في العشرة أشهر الأولى من سنة 2024 تمثل نموًا بنسبة رقمين، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا آخر.
وأضاف بوحوث، أن حصة السياح الأجانب أصبحت الآن تتفوق على حصة مغاربة العالم، في انتظار الحصول على إحصائيات دقيقة حول عدد ليالي المبيت، التي من المتوقع أن تشهد أيضًا زيادة بنسبة رقمين، بالإضافة إلى الزيادة المنتظرة في مداخيل العملة الصعبة بنفس النسبة. وبناءً على هذه المعطيات، يُتوقع أن يصل عدد السياح بنهاية السنة إلى أكثر من 16 مليون سائح، مع ارتفاع مداخيل العملة الصعبة إلى نحو 115 مليار درهم، وزيادة في عدد ليالي المبيت بأكثر من 10%. هذه المؤشرات الإيجابية تعكس النمو المستمر الذي يشهده القطاع السياحي.
وأشار بوحوث إلى أن "الأسباب التي أدت إلى هذه الانتعاشة السياحية متعددة، لكن العامل الأبرز يكمن في النقل الجوي، الذي يُعتبر أحد الركائز الأساسية في خطة تطوير القطاع. وقد استجابت الوزارة بشكل فعّال لمطالب المهنيين الذين أكدوا أن تعزيز النقل الجوي سيكون له تأثير كبير في دعم القطاع. ومع توقيع العديد من الاتفاقيات، خصوصًا مع شركات الطيران منخفضة التكلفة، التي تربط مجموعة من المدن المغربية بأخرى دولية، بدأت النتائج الإيجابية تظهر بشكل واضح".
تنويع الأسواق وتحقيق العدالة المجالية
وأضاف الخبير السياحي أنه "رغم النتائج الإيجابية، لا يزال هناك عدد من النقاط التي يجب معالجتها لزيادة تدفق السياح. أولاً، ضرورة تنويع الأسواق المستهدفة، حيث أن الأسواق التقليدية مثل أوروبا ما زالت تمثل حوالي 70 بالمائة من الوافدين. ثانيًا، من المهم تحقيق العدالة المجالية في توزيع الفوائد السياحية على مختلف مناطق المملكة، إذ لا يزال المستفيد الأكبر من النشاط السياحي هو مراكش وأكادير والدار البيضاء، بينما تبقى بعض الوجهات الأخرى، رغم امتلاكها لمؤهلات سياحية كبيرة، غير قادرة على جذب السياح بالشكل المطلوب بسبب ضعف خدمات النقل الجوي المتاحة إليها".
وتابع قائلاً إن "النقل الجوي، كعنصر محوري، قد أظهر نتائج ملموسة، إلى جانب جهود الترويج التي بدأها المكتب الوطني للسياحة منذ أبريل 2022، أي قبل تنفيذ خارطة الطريق في 2023. وأشار إلى أن المغرب استفاد أيضاً من الصورة الإيجابية التي تم نقلها إلى العالم عقب مشاركة المنتخب الوطني في كأس العالم، حيث كانت هذه المشاركة بمثابة الشرارة الأولى التي انطلقت وتم استثمارها بشكل جيد، مما ساهم في تحقيق هذه النتائج الإيجابية".
التحديات الرئيسية التي تواجه السياحة المغربية
وأكد بوحوث أن "النقل الجوي يظل المدخل الأساسي للنمو في القطاع السياحي، لكن هناك نقطتين ضروريتين يجب معالجتهما. أولاً، يتعلق الأمر بتنويع الأسواق، حيث بدأنا في توسيع الروابط مع أسواق جديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية عبر شركات طيران تربط مراكش بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى الربط المباشر بين الدار البيضاء والولايات المتحدة. ومع ذلك، ما زال من الضروري توسيع هذه الروابط لتشمل أسواقاً جديدة مثل الهند، البرازيل، الصين، اليابان وكوريا الجنوبية.
ولفت الخبير السياحي، إلى أن "معالجة قضية العدالة المجالية تظل أمرًا أساسيًا، خاصة وأن بعض المناطق في المغرب ما زالت تعاني من نقص في الربط الجوي. وإذا تمكنا من معالجة هاتين الإشكاليتين، سنضمن توزيعًا عادلًا ومستدامًا للنشاط السياحي عبر جميع مناطق المملكة".
كما أوضح المتحدث أن "نقطة أساسية أخرى تتعلق بحظيرة الفنادق في المغرب، حيث يصل عدد الغرف إلى حوالي 150 ألف غرفة (بما فيها أكثر من 50 ألف غرفة مغلقة أو تحتاج إلى الترميم) وهو ما يتطلب مجهودا استثماريا كبيرا. ورغم المجهودات التي بذلت على مستوى الاستثمار، فإنه من الضروري تسهيل الإجراءات لتشجيع المستثمرين على دخول السوق المغربي. وفي هذا السياق، يمكن الحديث عن ميثاق الاستثمار الذي يتيح للقطاع السياحي الاستفادة من حوافز من بينها منح قطاعية، حيث يستطيع المستثمر الحصول على استرداد يصل إلى 30 بالمائة من قيمة الاستثمار إذا تجاوز 50 مليون درهم".
خارطة طريق السياحة المغربية تتطلب تنويع الاستثمارات وتسهيل القروض
وأشار بوحوث إلى أن "هناك أيضًا برنامج "غو سياحة" الذي يوفر منحًا تصل إلى 40%، ولكن بشرط ألا يتجاوز حجم الاستثمار 10 مليون درهم. ومع ذلك، ما زلنا بحاجة إلى آلية دعم مخصصة للاستثمارات التي تتراوح قيمتها بين 10 و50 مليون درهم، حيث تظل هذه الفجوة بحاجة إلى تغطية لضمان توزيع متوازن للاستثمارات في القطاع".
وأكد الخبير السياحي أنه، "في المقابل، من الضروري تسهيل آليات الوصول إلى القروض. مضيفا أن اليوم هناك بيئة أحسن، حيث أصبحت البنوك أكثر انفتاحًا على المهنيين وتنظم لقاءات بشكل أكبر، ولكن يجب أن يستمر هذا الاتجاه بشكل أقوى".
وأضاف بوحوث، أن معالجة قضايا النقل الجوي، والعدالة المجالية، وتنويع الأسواق، بالإضافة إلى معالجة مشكل الاستثمار، لا تكفي وحدها. وهناك أيضًا إجراءات مهمة تتعلق بتطوير العنصر البشري عبر التكوينات المتاحة حاليًا. ومع ذلك، تظل مسألة تعزيز الرقمنة في المطارات واستثمارها في تحديث البنية التحتية أمرًا حاسمًا، خاصة بعد مشاهد الازدحام وضعف انسيابية حركة المسافرين، مما يعكس صورة سلبية للمغرب ويشكل تحديًا يجب معالجته".
واختتم حديثه قائلاً: "خارطة الطريق تتضمن مجموعة من المشاريع الكبرى المهيكلة، مثل منتزهات الترفيه بكل من مراكش وشلالات أوزود والمنتزه المتواجد بين الرباط والدارالبيضاء، بالإضافة إلى قصر المؤتمرات والمعارض بمراكش، وكذلك مجموعة من الاستثمارات المخطط لها في مدن أخرى. لذا، من الضروري تسهيل المساطر والإجراءات، مع ضرورة تفعيل دور القطاع البنكي في دعم هذه المشاريع، وكذلك مشاركة الفاعلين المحليين كالولاة، وعمال الأقاليم ورؤساء الجماعات المحلية. يجب أن يكون لهم دور فعّال في تحسين ظروف الاستقبال وتعزيز بيئة الأعمال لتحقيق النجاح المستدام للقطاع".