قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن العالم يشهد تحولات رقمية لم يُشهد لها نظير، يُنتظر أن تغيِّر وجه العدالة.
وأضاف، خلال كلمة له، اليوم، في افتتاح أشغال المؤتمر الدولي للمجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة، أن الزحف السريع لأنظمة الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي الذي تشهده النظم الاقتصادية والصناعية، ماضٍ نحو إحداث تغييرات شاملة على الأنماط الاجتماعية السائدة وانتظارات مختلف الفاعلين، ولاسيما في مجال تطوير وتجويد الأداء القضائي وعلى المعاملات المألوفة. وهو ما سيضع تحديات خطيرة جداً على أنظمة العدالة بالعالم، التي ستجد نفسها مطالبة بمواكبة التحولات الرقمية، وإيجاد الحلول الملائمة للإشكاليات المستجدة التي ستطرحها. بل إن منظومة العدالة نفسها قد تعرف تغييرات هيكلية من جراء استعمال الذكاء الاصطناعي في حل المنازعات. وقد نجد أنفسنا بعد حين في أوضاع غريبة ومعقدة، يأخذ فيها الحديث عن استقلال القاضي شكلاً جديداً يرتبط بالبرمجيات الرقمية وواضعيها، أكثر من ارتباطه بالقاضي الذي يستعملها.
واعتبر أنه إذا كان التاريخ قد علمنا، منذ الثورة الصناعية، أن التأخر في مواكبة المستجدات العلمية للعصر يكلف الدول والشعوب غالباً، وهو قد كلف دول القارة فيما مضى استقلالها وحريتها، فإن العبرة تدعونا إلى مسايرة الثورة الرقمية اليوم حتى لا نظل متفرجين على الهامش. وهي الآن تقتحم أنظمة العدالة في الدول المتقدمة، وتدعونا لمسايرتها. ولا شك أن تناول مؤتمركم لهذا الموضوع، هو إدراك منكم لأهمية التحولات الرقمية التي بدأت تطرق باب أنظمة العدالة.
وثمن الشعار الذي ينعقد في إطاره المؤتمر، والذي يختزل جوهر رسالة القضاء في تحقيق العدل والإنصاف. وهي الفكرة التي استوعبها الدستور المغربي، ووضع لها إطاراً ومعايير، تحمي استقلال السلطة القضائية، كما تصون استقلال القضاة أنفسهم. ذلك أن دستور المملكة لسنة 2011 قد أنشأ السلطة القضائية باعتبارها السلطة الثالثة بالدولة، وجعلها مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أقر استقلال القضاة في أحكامهم وقراراتهم وجعل الملك ضامناً لاستقلال السلطة القضائية ولاستقلال القضاة. كما أناط بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية حماية استقلال القضاة والحرص على تطبيق الضمانات المخولة لهم.