"أزمة استغلال الملك العام".. الحراق: لا أنكر وجود خروقات وهناك رخص تمنح مقابل أصوات الناخبين

بشرى الردادي

راسلت الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم، أول أمس الثلاثاء، وزارة الداخلية؛ حيث جددت طلبها بخصوص عقد لقاء مع عبد الوافي لفتيت، لمناقشة أرضية لمشروع/مقترح القانون المتعلق بضبط شروط استغلال المقاهي والمطاعم من طرف الأشخاص الذاتيين والمعنويين، وتنظيم شغلهم للملك العام الجماعي، في ظل الحملات الحالية التي تقوم بها السلطات المحلية، في عدد من المدن المغربية، من أجل تحرير الملك العام، وإزالة واجهات المحلات التجارية من أجل توحيدها.

وفي هذا الصدد، حاورت "تيلكيل عربي" نور الدين الحراق، رئيس الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، لمعرفة سبب رفضهم الانخراط في هاته المبادرات التي توصف بأنها "إيجابية"، وسبب رفض وزارة الداخلية لقاءهم، بالإضافة إلى سبب الفوضى التي يعيشها القطاع، وكواليس الحصول على الرخص ودفع الإتاوات، وغيرها من النقاط.

هناك من يعتبر أنكم ترفضون الانخراط في مبادرات وزارة الداخلية فيما يخص حملات تحرير الملك العام.. ما ردكم؟

لم نرفضها بصفة مطلقة؛ بمعنى نحن معها، ولكن إلى حد ما.

لنكن واضحين، حتى تُفهم الأمور بالشكل الصحيح، نحن نطالب بوضع قانون منظم للقطاع، بشكل عام، والذي يضم، بدوره، قانونا منظما للاستغلال الاقتصادي للملك العام.

هذا الفراغ القانوني الذي نعيشه، حاليا، هو السبب وراء كل هذه الفوضى والعشوائية في التعامل.

وإلى حدود الساعة، لم نتوصل بأي رد من وزارة الداخلية بخصوص طلب لقائنا مع الوزير الوصي، "حتى واحد ما عطانا راس الخيط".

لا يعقل أن تفرض علي واجهة موحدة، وهناك فروقات كبيرة بين مقهى وآخر. كيف يمكن أن تهدم لي واجهة المكان، ونحن لم نتفق على البديل بعد؟

وأشير، هنا، إلى أنننا كجمعية، وضعنا مقترح قانون منظم للملك العام، وسيصادق عليه مجلسنا الوطني، في يناير المقبل، بطنجة. وبعدها، مباشرة، سنرسله إلى الفرق البرلمانية حتى تناقشه، ونتمنى أن يتم تمريره ضمن القانون المنظم، حتى ننهي، ولو قليلا، بعضا من المشاكل التنظيمية داخل القطاع.

ما مضمون مقترح القانون؟

مضمونه أن يكون هناك مبدأ أساسي؛ وهو احتساب المساحة المستغلة أو المراد استغلالها من الملك العام، بناء على المسافة الفاصلة بين حائط المقهى والرصيف، "باش هكذا بلا ما يجي عندي لا قايد ولا باشا". لدينا 4 أمتار. وكصاحب مقهى، سأستغل منها مترين فقط، وأترك مترين لضمان انسيابية المرور، أولا، ولضمان جمالية المدينة، ثانيا.

لكنك تتحدث وكأن جميع أرباب المقاهي والمطاعم يحترمون، حاليا، هاته المسافة الفاصلة؟

أنا لا أنكر أن هناك تجاوزات بعدد كبير من المقاهي، لكن الفراغ القانوني هو السبب في كل ما يحصل، كما سبق وقلت.

هل تعلمين بأنني قد أطلب رخصة لفتح مقهى، وأحصل على الموافقة المبدئية من طرف اللجنة المختلطة التي تضم عددا من المصالح، وأقوم بإعداد كل شيء، "وملي نبغي نسخن الماكينة"، تحل تلك اللجنة، مرة أخرى، بعين المكان، وتطلع على كل شيء، وتمنحني الموافقة النهائية، لتأتي، بعد مرور 15 يوما، و"تجيب لك معاها الطراكس باش تريب لك"؟ إنها نفس اللجنة، وأسطر على هذه النقطة.

ولماذا؟

هنا الإشكال الحقيقي؛ عدم وجود خطاب موحد لدى المسؤولين والسلطات المحلية. هناك مزاجية في التعامل.

وسبق أن ناقشت هاته الإشكالية مع العامل السابق لسطات، وقلت له، حينها، إننا جميعا نتحمل المسؤولية فيما يخص أزمة استغلال الملك العام.

وعلى أي أساس يتم هدم الواجهة، إذن، بالنسبة لمن مُنحت لهم الرخصة مسبقا؟

هنا نختلف مع الوزارة؛ لأنه "أنا عندي رخصة الباش، وتتجي تتريب ليا، وتتقوليا ماشي هكذا خاصو يكون. إيوا كيفاش خاصو يكون هاد الباش؟". لا وجود لنموذج ضمن القانون. ولهذا، قمنا بوضع مقترح قانون يتضمن ثلاثة نماذج أو مقترحات بخصوص الشكل المطلوب، وحددنا الثمن الذي يجب دفعه مقابل المتر المربع، كل ثلاثة أشهر، بناء على الشكل المختار، حتى تتضح الأمور، وتكون هناك حماية قانونية لأرباب المقاهي والمطاعم، "ماشي قايد يخليك وقايد ما يخليكش، وقايد يقولك دير الزجاج وقايد يقولك غتحيدو".

وماذا عن أرباب المقاهي الذين يخرقون القانون منذ البداية.. من يمنحهم تلك الرخص؟

الجماعات هي التي تمنحهم الرخص. صحيح أن هناك تحايل في الحصول عليها من طرف أرباب المقاهي والمطاعم. بالمقابل، هناك استغلال للفراغ القانوني من طرف السلطات.

وللعلم، هناك عدد من المقاهي غير الحاصلة على الرخص حتى؛ بحيث "كيدير مولاها مقشدة، مثلا، في الرخصة، ولكن النشاط لي كيمارس ديال مقهى أو مطعم".

أتريد أن تقول إن قائد تلك المنطقة لا يعلم بالأمر؟

هو يعلم بالطبع، ولكننا، للأسف، نعيش فوضى لا يمكن تخيلها في القطاع. وإلا فلماذا لا يتم وضع لافتة بالقصدير، مكتوب عليها اسم البلد والمدينة، ورقم الرخصة، والمساحة المستغلة من الملك العمومي، ومواعيد الفتح والإغلاق؟ وكسلطة محلية أو جماعة، "ما نحتاجش نخرج قشلة د العسكر معايا باش نشوفوا الشخص واش عندو رخصة ولالا. غير واحد بالموتور يدور المدينة كاملة غيتأكد".

بمعنى أن أرباب المقاهي المنظمين يدفعون ثمن ما يقوم به أولئك غير المنظمين، بسبب الفراغ القانوني؟

تماما. هذا هو الوصف الدقيق لما يحدث. ودائما ما كنا نرفع مطلب تنظيم القطاع، وناقشناه مع الفرق البرلمانية، والبارحة فقط، جمعنا لقاء بفريق حزب الأصالة والمعاصرة في البرلمان ناقشنا، خلاله، ضرورة وضع قانون صارم ينظم كل شيء، بما في ذلك استغلال الملك العام، وأيضا، وضع قانون خاص بالمقاهي، وآخر خاص بالمطاعم، وقانون خاص بالمسافة الفاصلة بين مقهى وآخر، أو بين مقهى وبين مؤسسة من أي نوع.. إلخ.

لقد قلتها، صراحة، لفريق "البام": لدينا شبه موت تشريعي". فردوا علي: "عندك الصح".

لماذا، في نظرك، لا تتفاعل وزارة الداخلية مع مقترح تنظيم استغلال الملك العام؟

وزارة الداخلية تتعامل بتعال، "ما بغاتش تفهم"، رغم أن الوثيقة الدستورية تنص على المقاربة التشاركية، والمفروض فيها، كوزارة وصية، أن تكون من حماة هذه الوثيقة.

من المفروض ألا تتخذ أي قرار، دون الجلوس إلى طاولة الحوار مع المعنيين بالأمر. بخلافها، جلسنا مع جل الوزارات، ونتمنى أن تقدم على نفس الخطوة، هي الأخرى.

هل طلبتم وساطة بينكم وبينها؟

طلبنا الوساطة، مرارا، من جميع الفرق البرلمانية، لكننا لم نلقى أي تجاوب. "ما عرفناش واش ما قدروش يهدروا مع الوزير ويضغطوا عليه، ولا شنو بالضبط". لنكن صرحاء، وزارة الداخلية وزارة سيادية، بمعنى: "كتبقى هي والمزاج ديالها".

ما أقوله هو إننا يجب أن نغير العقلية، بغض النظر عن نوعية الوزارة؛ لأننا نعيش أزمة حقيقية تحتاج حلولا عاجلة.

الآن، هناك حملات تحرير للملك العام، في كل من فاس والدار البيضاء. وكجمعية، جلسنا مع السلطات في فاس، فقالوا لنا: "حنا باغين نقادوا الطرق والأرصفة على ود كأس العالم". من جهتنا، نقول: إن كان الأمر متعلقا بالأرصفة، "فراه نقدروا نريبوا فقط الجزء لي فيه الأشغال، ونخليو هاديك لي غتوصل ليها الأشغال من هنا لعام ولا عامين.. علاش تريبوا محلات الناس من دابا؟".

عموما، ما وضعية المساحات الفاصلة بين جدار المقهى والرصيف في المغرب؟ هل تسمح باستغلالها من طرف المقاهي، مع ضمان انسيابية المرور أم لا؟

أغلب المسافات الفاصلة تفوق أربعة أمتار؛ بمعنى أن الملك العام، بشكل عام، يسمح بإقامة واجهات.

يستطيع صاحب المقهى استغلال مترين، مقابل ترك المترين الآخرين، التي تعتبر كافية لضمان انسيابية المرور.

وفي حال ما إذا تبقى لنا أقل من متر ونصف، فلا يجوز منح الرخصة من أجل إقامة مقهى، "سير ديك الساعة شوفلك مشروع آخر".

سأعود إلى مسألة التحايل في منح الرخص.. من المستفيد منه؟

هناك تسييس للترخيص؛ بمعنى أن بعض رؤساء الجماعات يضمنون منح الرخصة لصاحب مقهى غير متوفر على الشروط اللازمة، مقابل ضمان هذا الأخير لأصوات الناخبين.

ورئيس الجماعة، بدوره، يستغل غياب القانون المنظم. جميع الأطراف تستغل ذلك، سواء تعلق الأمر بأرباب المقاهي والمطاعم، أو بالسلطة المحلية، أو برؤساء الجماعات. هذه هي الحقيقة. إنها مسؤولية مشتركة.

وأعتبر أنه آن الأوان لنتحلى بالشجاعة السياسية ونناقش أزمة الملك العام، بشكل بعيد تماما عن السياسة. "ما يمكنش أنا نبقى نصور الباشا والقايد جايين يريبوا، زعما راها نايضة الحملة".

كيف يتم تلقي الإتاوات من غير الحاصلين على الرخص؟

إنها مسألة خطيرة جدا. فحسب القانون المتعلق بالرسوم المستحقة لفائدة الجماعات، في المادة 16، يجب دفع الإتاوة بمجرد الحصول على الرخصة، لفائدة الجماعة المحلية. لكن "هوما كيتخلصوا من الناس بلا ترخيص". والقانون يمنعهم من ذلك.

ما دمت تقول إن رئيس الجماعة يخرق القانون، ألا تتم محاسبته؟

لا، وقد أحرجنا وزير الداخلية في هذه المسألة، في إحدى مراسلاتنا. "كيفاش تتخلصوا من ناس ما عندهمش الترخيص"؟

لكن الإتاوة موثقة.. أليس كذلك؟

نعم، والمكلفة بتوثيقها هي المصالح الجبائية في الجماعة.

وكيف لنظام جبائي ألا يذكر نقطة غياب الرخصة، لدى تحصيل الإتاوة؟

لهذا أقول إننا جد متخلفين في هذه المسألة، سواء من الناحية الجبائية، أو من الناحية التنظيمية، مقارنة مع بلدان قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال.

والقانون أعطى الصلاحية للجماعات المحلية حتى تضع القرارات التنظيمية. وبناء على القرار التنظيمي، تقوم بمنح الترخيص. لكن السؤال الكبير هو؛ أين هو القرار التنظيمي؟ لا وجود له. بمعنى أن "الجماعة غير كتخلص منك وصافي، ولي كياكل الدق هو مول القهوة والمواطن".

لنكن دقيقين، "مول القهوة المزيان"، وليس المتحايل؟

صحيح. وقد قلتها لخالد سفير، في إحدى المرات: "كون سمعتو الهدرة ديالنا كجمعية، إلا ما تحلتش 90 في المائة من مشاكل الملك العام، أنا مستعد نعتذر ونحيد من هاد الرئاسة، وماباقيش ندور بهاد القطاع نهائيا".

بالنسبة للإتاوة، بكم تقدر؟

كل الرسوم محددة بقانون، من إلى، باستثناء الملك العام الجماعي المستغل من طرف المهنيين. "كل واحد يطلب لك لي بغا على حسب المزاج ديالو".

وأشير، هنا، إلى الصراع السابق بيننا وبين العمدة السابقة لمدينة الرباط، أسماء أغلالو، التي قدمت استقالتها، على إثره.

كانت هناك إتاوة مقدرة بـ30 درهما للمتر مربع، كل ثلاثة أشهر، لترفعها هي إلى 525 درهم. بناء على ماذا؟ بناء على "حتى شي قانون".

لا وجود لأي قانون، حتى نحدد من يحترمه ومن يخرقه. "المزاجية واصلة إلى درجة أنه يقدر يكون رئيس جماعة طلع ليه الدم من شي مول قهوة ما تعاملش معه مزيان، وعندو أغلبية مريحة، اليوم كانوا كيخصلوا أرباب المقاهي والمطاعم 30 درهم، يقولك غدا ندير ليهم 2000 درهم".

ما معنى "ماتعاملش معاه مزيان"؟

"يقدر مول مقهى طلع ليه الدم وكرهو فكاع مالين القهاوي"، ليقوم رئيس الجماعة، في اليوم الموالي، بعقد دورة استثنائية، ويحدد إتاوة جديدة، بشكل انتقامي، في ظل غياب قانون يمنعه من ذلك.

وللعلم، نفس الشيء وقع لنا، في طنجة، مع العمدة السابق، والذي رفع قيمة الإتاوة من 30 درهما إلى 1000 درهم. وبعد عدة وقفات احتجاجية، تم تخفيضها، مجددا، لكن إلى 150 درهما.

ما هي قيمة الإتاوات المطبقة، حاليا، في المدن الكبرى؟

في طنجة، الإتاوة، كما قلت، هي 150 درهما، بينما في الدار البيضاء، تتراوح ما بين 50 و80 درهما، وفي الرباط، وصلت إلى 525 درهما؛ بحيث ننتظر قرارا من العمدة الجديدة للمدينة، التي جمعنا بها لقاء، مؤخرا. أما في مراكش، فالإتاوة متراوحة ما بين 40 و80 درهما، وفي مكناس انخفضت من 80 إلى 40 درهما، بناء على القرار الجبائي الذي اتخذ في الدورة الأخيرة للجماعة.

وفي الختام، أقول إن تحديد هاته الإتاوات يبقى مستندا على المزاجية؛ بمعنى أنه قد يتغير في أي لحظة من اللحظات. ولهذا، نحن نطالب بتسقيفها.