اعتبر المبعوث الأممي للصحراء ستيفان دي ميستورا، خلال إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، أنه "من الضروري تجديد ولاية (مينورسو)"، وأن "البعثة يجب أن تستمر في العمل والاستمتاع بحرية الحركة التي تحتاجها".
وأوضح دي ميستورا أن "الخلفية التي يوفرها الوضع على الأرض والبيئة الأمنية تبقى ذات أهمية جوهرية"، مشيدا في الوقت ذاته بعمل بعثة "مينورسو"، مضيفا أن "الحوادث الأمنية، والتي كان بعضها خطيرا، ووقعت خلال العام وتم تغطيتها في التقرير الأخير للأمين العام تظهر أننا لا يمكن السماح بأي تهاون".
وأكد المصدر ذاته أنه تأثر مرة أخرى بمدى بؤس الظروف المعيشية وغياب الأمل في حياة أفضل بمخيمات المحتجزين في تندوف، موضحا أن الأمطار الغزيرة الأخيرة وتأثيرها الكارثي على بعض المخيمات زاد من تفاقم الوضع.
وشدد دي ميستورا على أن "مستوى اليأس والإحباط بين المجتمع المدني في المخيمات، يؤكد غياب الآفاق والشعور العميق بفقدان الثقة في العملية السياسية".
واعتبر المبعوث الأممي في إحاطته أن استقرار المنطقة بأسرها وتعزيز ازدهارها يبقى مهددًا، بالنظر إلى طبيعة بعض الحوادث التي سجلت خلال العام الماضي.
وأبرز دي ميستورا أنه "لا يمكن أيضا إغفال البعد الإقليمي"، موضحا أن "الوضع الحالي بين الجزائر والمغرب، مع قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وغيرها من مظاهر التوتر، يمثل مصدر قلق مستمر ولا يساعد في حل قضية الصحراء. وأن المنطقة تحتاج إلى تجاوز هذه الحالة من العداء، إذا كنا نرغب في تعزيز التكامل في المنطقة ككل وهو عامل يمكن أن يسهل ويستفيد من التقدم في ملف الصحراء".
وأضاف المصدر ذاته أن "قضية الصحراء شهدت عددا من المبادرات الثنائية في الفترة الأخيرة. ومنذ ذلك الحين، "لاحظنا كلمات الملك محمد السادس، خلال خطابه أمام البرلمان في 11 أكتوبر، حيث أكد الدعم الذي تلقاه خطة الحكم الذاتي من بلدان مختلفة. وكانت رسالة الرئيس ماكرون إلى الملك محمد السادس مثالًا واضحا على مثل هذه المبادرات الثنائية، وعلامة على أن خطة الحكم الذاتي المغربية تحظى بدعم بعض الفاعلين الدوليين".
وعبر دي ميستورا عن "الحاجة إلى تعزيز العملية السياسية بشكل بناء وبأقصى سرعة"، مضيفا أنه وفي الاجتماع الأخير، "أصر وزير الخارجية ناصر بوريطة مرة أخرى على أن مبادرة الحكم الذاتي لعام 2007 تظل نهائية، وليست نقطة انطلاق العملية"، وأن "هذا يجب أن يكون موضوع المفاوضات بمشاركة جبهة (البوليساريو) والجزائر وموريتانيا بالإضافة إلى المغرب".
وذكر المبعوث الأممي "بدعوة مجلس الأمن وجميع الأطراف لتوسيع مواقفهم وتجنب الشروط المسبقة. كما أكد في هذا السياق، "باحترام ولكن بحزم أن الوقت قد حان للمغرب لتفسير وتوسيع اقتراح الحكم الذاتي لعام 2007".
ومن جانبه، فضحت احاطة المبعوث الأممي استمرار وزير الخارجية الجزائري في دعم المواقف التي عبرت عنها جبهة "البوليساريو". في المقابل، يسوق على أن "بلاده لا تعتبر نفسها طرفًا في النزاع". فيما أعاد وزير الخارجية الموريتاني تأكيد موقف حكومته المتعلق بالحياد الإيجابي.
وأكد دي ميستورا الملاحظة بأنه على "الرغم من شعور مجلس الأمن المتكرر بالاستعجال لتحقيق التقدم، فإن بعض الأطراف لم تُظهر بعد الإبداع و/أو الانفتاح اللازمين لتمكين روح البحث البناء عن حل متفق عليه من الجانبين، كما تدعو إليه قرارات المجلس".
وأبلغ دي ميستورا "مجلس الأمن أنه راجع بسرية وتوسع مع جميع المعنيين حول مفهوم تقسيم الإقليم، الذي تم ذكره بالفعل من قبل سلفه، جيمس بيكر، قبل أكثر من 20 عامًا. وأن هذا الخيار يمكن أن يكون مستندًا إلى الحدود التي كانت تتحكم فيها موريتانيا، كجزء من اتفاق مع المغرب، بين عامي 1976 و1979. على وجه التحديد، كانت الحدود حينها تُعرف بأنها خط مستقيم من تقاطع الساحل مع الخط 24 شمالًا، مرورًا بتقاطع الخط 23 شمالًا مع الخط 13 غربًا، واستمرارًا حتى الحدود السابقة لموريتانيا".
وأشار إلى أن هذا "الخيار يمكن أن يسمح، من جهة، بإنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي، ومن جهة أخرى، بدمج باقي الإقليم كجزء من المغرب، مع الاعتراف الدولي بسيادته عليه. في حالة حدوث مثل هذا التسوية، قد يكون هذا وسيلة لتلبية المطالب من أجل الاستقلال وخطة الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية".
وأوضح دي ميستورا أنه و"بينما عبرت بعض الدول في المنطقة وخارجها عن اهتمامها بإمكانية تقسيم الإقليم، فإنه لم يستلم حتى الآن أي إشارة من المغرب أو جبهة (البوليساريو) على الاستعداد لاستكشاف هذا الخيار بشكل أعمق، في سياق حل ممكن متفق عليه من الجانبين".
وأقر المبعوث الأممي في إطاحته بأن "مقترح الحكم الذاتي جذب اهتماما. ويبدو أن خطة المغرب المكونة من ثلاث صفحات تحظى بزخم ثنائي، وأن هذا أيضا يخلق توقعا، لفهم أفضل لما تتضمنه هذه الخطة".
وشدد دي ميستورا على أنه "لازال يؤمن، دون الإضرار بالحل المختار لتسوية قضية الصحراء، أن الوقت قد حان له ولجميع المعنيين لاستكشاف الأساليب التي يتصورها المغرب بشكل ملموس. لكي تحدث هذه الاستكشافات، من الضروري إذن أن تقدم المملكة تفاصيل رؤيته". معبرا عن "شعوره بالارتياح في هذا الصدد، خلال مشاورته الفردية مع وزير الخارجية ناصر بوريطة في نهاية اجتماعهما بنيويورك الشهر الماضي، وأنه يقدر الحاجة الملحة لتفسير وتوسيع خطة الحكم الذاتي الأصلية لعام 2007".