الحصبة مرض فيروسي شديد العدوى ينتشر بسهولة بين الأطفال والمجتمعات غير المحصنة. رغم توفر اللقاحات الفعالة، فإن انخفاض نسب التلقيح يساهم في زيادة خطر تفشي المرض وتحوله إلى وباء، مما يشكل تهديداً كبيراً للصحة العامة.
في هذا السياق، كشف الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، اليوم الثلاثاء، أنه من الأسباب الرئيسية لارتفاع حالات بوحمرون في المغرب هو ضعف نسب التلقيح وتراجعها، بالإضافة إلى تراخي المراقبة الوبائية لهذا المرض وغيره من الأمراض التي تصيب الأطفال.
وأضاف حمضي، أن هذا التراخي أتاح فرصة انتشار العدوى بشكل واسع قبل اكتشافه، مما صعب إمكانية التعامل معه بفعالية وحزم، بالتالي تزايد عدد الحالات.
واستنكر حمضي تراجع نسب التلقيح، مشيراً إلى عدة عوامل محتملة، منها التأخير الذي وقع خلال جائحة "كوفيد-19"، والتردد في تلقي اللقاحات من قبل الأسر، إضافة إلى تأثير التشكيك ونظريات المؤامرة، فضلا عن تراجع خدمات التلقيح من طرف المراكز المختصة.
وتساءل المتحدث ذاته: "لماذا لم يتم الانتباه إلى هذا التراجع في حينه؟ وكيف وصلت مستويات التلقيح لنسب منخفضة تراوحت ما بين 80 إلى 70 بالمائة في بعض المناطق، وحتى أقل؟"
وأوضح الخبير أن الحصبة تعتبر من الأمراض شديدة العدوى والخطورة، حيث يمكن أن تكون قاتلة في العديد من الحالات. وأضاف أن الطفل الذي يتلقى جرعتين من لقاح الحصبة يتمتع بحماية دائمة طوال حياته. أما إذا لم يتم تطعيمه أو تم تطعيمه بشكل غير كامل، فإنه يظل معرضاً للإصابة بالمرض طوال حياته، مما يشكل خطرا على صحته وحياته.
ولفت حمضي الإنتباه إلى أنه مع تغطية تصل إلى 95 بالمائة من عامة السكان، لا يوجد خطر من تفشي الحصبة أو الأوبئة، حيث تبقى الحالات المعزولة هي الممكنة فقط. ولكن مع نسب تلقيح تتراوح بين 90 بالمائة أو 80 بالمائة أو 70 بالمائة، فإن انتشار الحصبة سيظل قائماً بشكل جماعي وقد يتحول إلى وباء. وشدد على أن اللقاح يُعد الحصن الأفضل والوحيد للحماية من هذا المرض.
كما دعا الطبيب إلى "ضرورة معالجة الأسباب المباشرة التي أدت إلى انخفاض نسب التلقيح، وتحمل وزارة الصحة لمسؤولية معالجة الأسباب الكامنة وراء تدني هذه النسب خلال السنوات الماضية. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التدني لم يحدث فجأة، وقد يرتبط بالضعف في تقديم الخدمات، سواء بسبب التوقف عن العمل أو نقص الموارد البشرية أو الإضرابات، مما يستدعي معالجة هذه العوامل بشكل عاجل".
ودعا أيضا إلى "ضرورة مراقبة التزام الآباء بتلقيح أبنائهم، وهو ما يتطلب جهوداً تحسيسية لزيادة الوعي بخطورة الوضع. لذلك، من المهم أن تقوم الوزارة الآن بتحليل الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض في التلقيح والعمل على إيجاد حلول فعالة لضمان الحماية الصحية للأطفال والمجتمع بشكل عام".
وشدد المتحدث ذاته على دور الوزارة، التي يجب أن "تقوم بتحسيس المهنيين الصحيين بمختلف فئاتهم في القطاعين الخاص والعام، ليشاركوا بشكل فعال في مراقبة انتشار المرض ومدى نجاح حملات التلقيح ضده".
وختم حمضي تصريحه بالقول: "الآباء والأمهات من مسؤوليتهم تلقيح أطفالهم الذين وصلوا إلى سن المطلوب، مع التأكيد المستمر على أهمية الجرعة الثانية. ومن مسؤوليتهم أيضا، مراجعة دفاتر التلقيح للتأكد من تدارك من لم يتم تلقيحه أو من تم تلقيحه بجرعة واحدة فقط".