البريني..هذه أسباب استقالتي من مجلس الصحافة ولن أخون حرفة أحبها

تيل كيل عربي

خلق محمد البريني أحد أعمدة الصحافة المكتوبة في المغرب الحدث، عندما فضل الانسحاب أو الاستقالة من على متن مركب المجلس الوطني للصحافة، الذي انتخب أعضاءه قبل شهر تقريبا، بعدما اختاره الناشرون ليكون صاحب المقعد الثامن، في هذا الحوار يتحدث مؤسس يومية "الأحداث المغربية" عن حيثيات قراره..

 

استعملت في رسالة استقالتك أو اعتذارك من قبول اختيارك كحكيم ثامن في المجلس الوطني للصجافة، عبارات قوية من قبيل "فساد" و"تدهور"، فما هو سياق هذه العبارات؟

لا أريد الخوض في التفاصيل. أما فيما يتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، فقد تابعنا جميعًا ما حدث وما يحدث حاليا. إن هذه الأوصاف أو النعوت التي استعملت تعكس المناخ الذي خيم على عملية هيكلة هذه المؤسسة الجديدة.
في الواقع، دارت حرب بلاغات وبلاغات مضادة، اتسمت بالتشهير والقذف بين الأطراف.
وإذا أردت أن أعطي مثالا ملموسا، فإني سأجد نفسي متخندقا إلى جانب طرف دون الآخر، أو أساند اشخاصا ضد آشخاص آخرين.
وعموما فإن المناخ العام للمجلس الوطني للصحافة لايبشر بالخير.

شاركت يوم 20 يوليوز المنصرم في اجتماع خاص بالناشرين الذين نجحوا في انتخابات المجلس الوطني للصحافة، ومن بين النقاط التي ناقشتموها هناك اتخاذ موقف من النقابة الوطنية لصحافة المغربية، فما هو موقفك؟

أبدا لم نتطرق لموضوع النقابة، بل ناقشنا أسئلة من قبيل: هل لدى هذا المجلس السلطة الأخلاقية لتحمل مسؤولياته؟ هل سيقوم بتنفيذ المهام التي يمنحها له القانون ؟ هل سيساهم حقا في تنظيم المهنة؟
ففي الاجتماع الخاص بالناشرين المنتخبين في المجلس اكتشفنا أننا نتقاسم الشعور نفسه.
وأوكد لكم أننا لم نخض في مسألة اتخاذ موقف معين من نقابة الصحافة، ولم نبحث اتخاذ اي موقف بشأن أي جهة معينة لها صلة بالمجلس الوطني للصحافة.
ليس من حقنا أن نتدخل في شؤون الزملاء، لكن بالمقابل عرف هذا الاجتماع نقاشا موضوعيا، قادنا إلى مجموعة من الاستنتاجات.

قلت إن لديكم شعورا مشتركا، لكن يوما بعدها كتبت رسالة تعلن فيها استقالتك من المجلس، ما هو تفسيرك لهذا الأمر؟

لقد كنت مترددا لفترة طويلة، وذلك حتى قبل أن تبدأ عملية الهيكلة. شعرت أن هذا المجلس بالكاد يمكن أن يحل المشاكل.
نعرف جميعنا طبيعة المشهد الإعلامي: فهو يعاني من الكثير من المشاكل. على وجه الخصوص، الصحافة الورقية تعاني شبه احتضار، وهناك بداية عهد الصحافة الرقمية، التي يجب تحديثها. كما أن أغلب شكوكي التي ساورتني وتساورني كانت تتعلق بمدى قدرة هذا المجلس في المساهمة في تطوير الصحافة المغربية.

هناك أيضا مشكلة أخلاقيات المهنة، إذ لن يتمكن أي مجلس لا يتمتع بسلطة أخلاقية من تطبيق مدونة الأخلاقيات.
من الواضح أن المهنيين المشاركين في أعمال المجلس لن يخضعوا لمجلس لا يتمتع بسلطة أخلاقية.
وفي رأيي، المشكلة أبعد ما تكون عن الانتخابات أو عن هيكلة المجلس. إنها تكمن في الوضع الذي جرى فيه خلق هذا المجلس، أي المناخ العام الذي يحيط به، وذلك فضلا عن الحالة الراهنة للصحافة المغربية.
هل سينقذ المجلس الوطني للصحافة الصحافة الورقية؟ لأن هذه الصحافة هي التي تجسد النقاش الديمقراطي. فمثل هذه التساؤلات هي منبع ترددي وشكوكي.

بالمقابل عندما جرى اختياري لأنضم إلى أعضاء المجلس عن فئة الناشرين، قلت لنفسي دعونا نرى ونحاول، جميعا، مدى إمكانيتنا في للمساهمة في إنجاح هذه التجربة.
وفي حال ما إذا فشلنا، فعلى الأقل سنكون قد نلنا شرف المحاولة، وذلك بناء على أسس صلبة وممارسات سليمة.
إلا أن المناخ الذي ساد بعد ذلك عزز موقفي وشكوكي. فبالنسبة لي، تبين جليا أنني لن أتمكن من أي فرصة للمساهمة بطريقة إيجابية، ما يعني أن دوري سيكون لاغيا وباطلا.

علاوة على ذلك، لا أتمكن من التغاضي عن مؤسسة في مثل هذه الحالة، سيما وأننا في مرحلة هامة فالمجلس في نسخته النسخة الأولى، وهي النسخة المؤسسة والتاريخية.
فالمسؤولية ملقاة على عاتق الأعضاء المنتخبين، ومن هنا تتجلى أهمية هذا المجلس.
في النهاية، لم أجد أي إجابات إيجابية على أسئلتي. لذلك أخذت على عاتقي، بالاتفاق مع ضميري، ضرورة الاستقالة.

ما هو موقفك من تجميد مشاركة الناشرين السبعة المنتخبين في المجلس؟

قررنا تجميد مشاركتنا في المجلس وفي المشاركة في إخراج باقي الهيئات التنظيمية له، وهو قرار اتخذ حتى تهدأ الأوضاع، ويتوفر جو صحي للعمل.
على الجميع أن يعي أن هذا المجلس هو قبل كل شيء في صالح هذه المهنة وممتهنيها.

استقالتك جاءت قبيل اجتماع مزمع مع وزير الثقافة والاتصال، فهل كان هذا التوقيت متعمدا أم أنه محض صدفة؟

توضح رسالتي أنني أستقيل قبل هيكلة المجلس. لا أريد حتى الوصول إلى مرحلة الانتخابات أو تشكيل اللجان المختلفة. فأي مشاركة لي في أي عملية، بالنسبة لي، ستكون ضمانة لها بأنني لن أتراجع إلى الوراء. قضيت 40 عاما في هذه المهنة، وهي مهنة أحبها، وقد أعطتني الكثير وليس في نهاية العمر سأتي لأخون صاحبة الجلالة.

هناك من يتحدث عن أن المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء خليل الهاشمي راسل ممثلي الناشرين في المجلس، من أجل اتخاذ موقف من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ما تعليقكم على هذه الأخبار؟

ليس لدي أي موقف يمكن أن أتخذه في هذا الباب، كما أني لست مسؤولا في فيدرالية الناشرين وليس لدي أي تعليق حول هذا الأمر.

هل لاستقالتك ارتباط بالمناوشات الدائرة حاليا حول رئاسة المجلس؟

لا، على الإطلاق. السؤال الحيوي لا يتعلق بالرئيس. إذا لم يكن هناك توافق، فهناك صندوق الاقتراع. الأمر متروك للديمقراطية لحل هذه المشاكل.
بالنسبة لي، تأتي مسألة الرئاسة أو اللجان بعد الإجابة على السؤال التالي الذي ألح عليه وأكرره: هل يتمتع المجلس بسلطة أخلاقية وهل هو مستقل لخدمة الصحافة المغربية؟ مما يجعل كل شيء ثانوي بالنسبة لي.

في نظرك هل سيرى هذا المجلس النور أم لا؟

الجواب مرتبط بإرادة الأعضاء المنتخبين، وبالنسبة لي فقد حل المشكل: إذ لم أعد منتميا ولا جزء من هذا المجلس.

رضا الأنصاري