تقرير المجلس الوطني حول أحداث جرادة .. لا تعذيب لكن ممارسات مهينة وحاطة بالكرامة

من مواجهات أحداث جرادة
المختار عماري

أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريره حول أحداث جرادة التي هزت المغرب في ، وخلفت وضعت اجتماعيا وسياسيا متأزما.

وقسم المجلس تقريره إلى ثلاثة أجزاء، خصص الجزء الأول لرصد الأحداث التي وقعت في تسلسل كرونولوجي، وهم الجزء الثاني استنتاجات المجلس بخصوص هذه الأحداث، فيما وضع توصيات في الجز،ء الثالث.

وقسم المجلس استنتاجاته إلى استنتاجات بخصوص الأحداث وانعكاساتها، واستنتاجات بخصوص المحاكمات .

*بخصوص الاحتجاجات وانعكاساتها*

1. امتداد الاحتجاجات على سنتين بشكل متقطع وغير متواتر؛

2. مطالب الاحتجاجات كانت موضوع برمجة أو التزامات سابقة، بما فيها تلك ذات الصلة بالاتفاقيات الجماعية بين مفاحم جرادة والسلطات والنقابات؛

3. عدم إعمال مقتضيات الاتفاقيات الجماعية بعد قرار إغلاق مناجم الفحم؛

4. تعثر تنفيذ المشاريع التنموية في الإقليم والحكامة في تدبيرها وتعثر الوساطة قبل وأثناء وبعد الاحتجاجات...؛

5. تسجيل المبادرات ذات الصلة بالحكومة والسلطة التشريعية والسلطات المحلية والمنتخبة في تفاعلها مع مطالب المحتجين؛

6. تمحور الشعارات التي رفعت أثناء مختلف الاحتجاجات حول مطالب ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وتنموية محلية؛ وعلى وضع برامج بديلة للتنمية،

7. اعتماد المتظاهرين على أشكال احتجاجية جديدة واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي للتعبئة ونشر أطوار التظاهر؛

8. تسجيل سلمية الاحتجاجات منذ انطلاقها، إلى أن تغير طابعها إلى غير السلمي خلال أحداث العنف التي حصلت يوم 14 مارس 2018، واستعمال القوة لتفريق الاحتجاجات؛

9. تسجيل أعمال عنف وإضرام نار ترتب عنه إصابات ومس بالحق في التظاهر السلمي، كحق أساسي،

10. اعتبار منع السلطات العمومية بعض الاحتجاجات غير المصرح بها، أو التي لم يتم الإشعار بها من أي جهة منظمة، يمس بالحق في التظاهر السلمي؛

11. تناوب وجوه مختلفة من المشاركين في هذه الاحتجاجات على المهام التنظيمية والكلمات التوجيهية والنقاشات التي كانت تعرفها مختلف الأحياء الشعبية للمدينة؛

12. غياب تمثيلية ثابتة للمتظاهرين في لجنة الحوار مع السلطات العمومية، حيث كان يشارك كل مرة أشخاص مختلفون في الاجتماعات المتعاقبة؛

13. مشاركة النساء والشباب في النقاشات التي كانت تعرفها مختلف الأحياء وفي تأطير المتظاهرين؛

14. تفعيل الآليات الحكومية والتشريعية ذات الصلة والالتزام بتنفيذ عدد من الاقتراحات ذات الصلة بمطالب الاحتجاجات؛

15. لم يسجل فريق اللجنة الجهوية الذي قام بزيارات متعددة للمعتقلين على خلفية احتجاجات جرادة أي تصريح بخصوص ادعاءات فعل التعذيب، إلا أنه سجل تصريحات بخصوص الممارسات المهينة والحاطة بالكرامة؛

16. تداول معلومات وصور غير واقعية على شبكات التواصل الاجتماعي، ويدعو المجلس في هذا الصدد إلى نشر نتائج التحقيق الذي تم الإعلان عنه في هذا الصدد؛

17. يسجل المجلس بعض الصعوبات التي اعترضت لجنته الجهوية بالشرق في القيام بمهامها قبيل وبعد أحداث العنف التي عرفتها مدينة جرادة، لاسيما مهام رصد انتهاكات حقوق الإنسان بسائر المنطقة والتدخل بكيفية عاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي إلى وقوع انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية، وذلك ببذل كل مساعي الوساطة والصلح التي يراها مناسبة بتنسيق مع السلطات العمومية.

استنتاجات متعلقة بملاحظة محاكمات المتابعين 

18. تمت متابعة عدد من المعتقلين بقضايا جنح عرضوا من أجلها أمام أنظار المحكمة الابتدائية، وبقضايا جنايات وجنح مرتبطة بها عرضت على أنظار غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بوجدة؛

19. تم الفصل في التهم المنسوبة إلى المعتقلين من طرف محكمة مختصة بالنظر إلى مكان وقوع الأحداث، مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون، ولم يثر دفاع المعتقلين أي دفع يتعلق باستقلالية المحكمة أو حيادها أو اختصاصها ما عدا ما يتعلق فقط بطلب إعادة تكييف الأفعال المنسوبة لبعض المعتقلين باعتبارها مجرد جنح تدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية وليس جنايات تدخل ضمن اختصاص غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف؛

20. تميزت الجلسات بالعلنية حيث سمح للصحافة ولحقوقيين ولجمهور واسع بمتابعة أطوارها، كما تم النطق بالأحكام بشكل علني، باستثناء قضايا الأحداث التي تعتبر سرية طبقا للمعايير الدولية ذات الصلة ولقانون المسطرة الجنائية والتي لم يتمكن المجلس من متابعة المحاكمات بشأنها؛

21. حرصت المحكمة طوال إجراءات المحاكمات على التأكيد على احترامها لقرينة البراءة، وتوبع عدد من المعتقلين في حالة سراح، بينما توبع آخرون في حالة اعتقال، وقد عللت النيابة العامة وقضاء التحقيق قرار المتابعة في حالة اعتقال، بخطورة الأفعال وانعدام ضمانات الحضور؛

22. تم تمتيع المعتقلين في ملف احتجاجات جرادة بالضمانات التالية:

- إعلام كل متهم سريعا وبالتفصيل، وبلغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها؛
- إعطاء كل متهم الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه، وقد استجابت المحكمة للمهل التي طلبت لإعداد الدفاع، على الأقل مرة واحدة؛
- محاكمة المعتقلين دون تأخير وداخل أجل معقول بالنظر إلى عدد المعتقلين، وعدد الضحايا المفترضين ودرجة تعقيد القضية والمهل التي طلبها الأطراف؛
- محاكمة المعتقلين حضوريا، وسمحت المحكمة لكل متهم بأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره؛

- سمحت المحكمة لكل متهم ولدفاعه بمناقشة شهود الاتهام وهم أساسا الضحايا المفترضون في الملف من أفراد القوات العمومية. في المقابل رفضت استدعاء شهود النفي، نظرا لوجود اعترافات في محاضر الشرطة وصور وفيديوهات تؤكد عدم جدوى الاستماع إلى شهود النفي؛

- لم يتم إكراه أي متهم على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب، ولم يثر أي متهم أي ادعاء بخصوص تعرضه للتعذيب خلال مرحلة البحث التمهيدي، سواء عند عرضه على النيابة العامة، أو أثناء الاستنطاق أمام قاضي التحقيق، وصرح كل المعتقلين أن ظروف الاستماع إليهم من طرف الشرطة القضائية كانت جيدة، ودونت تصريحاتهم دون إكراه أو ضغط؛

- أفاد بعض المعتقلين أنهم وقعوا على محاضر الشرطة القضائية دون قراءة محتواها، ونازع بعض المعتقلين في اعترافاتهم الواردة في محاضر الدرك الملكي، نظرا لكونهم لم يوقعوا على المحاضر التي قدمت إلى المحكمة، وإنما وقعوا فقط على تصريحات دونت في دفتر التصريحات؛

- استجابت النيابة العامة لطلب إحضار دفتر التصريحات، ووضعته رهن إشارة المحكمة ودفاع المعتقلين، وتم التأكد من مطابقة التصريحات الواردة في المحاضر المقدمة إلى المحكمة للتصريحات المدونة في دفتر التصريحات.

23. اعتمدت المحكمة في بناء قناعتها بدرجة كبيرة على محاضر الشرطة القضائية، وما تضمنته من اعترافات للمتهمين، ومحاضر معاينة أنجزتها الشرطة القضائية تفيد تواجد المعتقلين في أماكن وقوع الاحتجاجات ومشاركتهم في الاحتجاجات رغم قرار المنع من طرف السلطات، وتفريغات الصور والفيديوهات الموثقة للاحتجاجات، وتصريحات عدد من الضحايا؛ فضلا عن الشواهد الطبية التي أدلى بها الضحايا؛

24. استمعت المحكمة الابتدائية للضحايا وجلهم من القوات العمومية، الذين وصفوا الأضرار الجسدية والمادية التي أصيبوا بها نتيجة احتجاجات جرادة، وأعمال العنف التي تخللتها، وأكد دفاعهم الاقتصار في طلب التعويض على درهم رمزي نظرا للظروف الاجتماعية والمزرية للمتهمين، وعدم قدرتهم على دفع أي مبلغ تعويض، مؤكدين على أن المحاكمة العادلة تقتضي الأخذ بعين الاعتبار حق الضحايا في الانتصاف؛

25. خول لكل متهم، أدين بالتهم المنسوبة إليه، الحق في اللجوء إلى محكمة أعلى درجة لإعادة النظر في قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه طبقا لقانون المسطرة الجنائية الذي يكفل الحق في التقاضي على درجتين؛

26. تم النطق في جلسة علنية بالأحكام والقرارات القضائية الصادرة في حق الرشداء المعتقلين في ملف احتجاجات جرادة، ووضعت الأحكام والقرارات رهن إشارة الأطراف داخل أجل معقول، وكانت معللة، ولم تكن جميعها مرقونة، خاصة القرارات الصادرة عن غرفة الجنايات الابتدائية حيث تم تحرير الجزء المتعلق بالتعليل بخط اليد؛

27. تم إصدار الأحكام في حق المتابعين إما ببراءتهم من بعض التهم الموجهة إليهم، أو بتخفيف أو تأكيد الأحكام التي تم البت فيها في المرحلة الابتدائية؛

28. استفاد 47 سجينا من معتقلي احتجاجات جرادة من العفو الملكي بتاريخ 05 يونيو 2019 بمناسبة عيد الفطر.