صندوق النقد يشجع الحكومة على زيادة الضريبة على الوقود

تيل كيل عربي

كشف صندوق النقد الدولي أن المغرب لا يزال مستوفيا لمعايير التأهل للاستفادة من اتفاق "خط الائتمان المرن"، بفضل قوة سياساته الاقتصادية الكلية وأطر سياساته المؤسسية، والتزامه بمواصلة الإصلاحات.

ورحب الصندوق بالتقدم المحرز في المغرب نحو تعزيز الإطار الرقابي والتنظيمي للقطاع المالي. وأثنى على جهود السلطات في تطبيق الرسوم الإضافية على رأس المال، وإنشاء سوق ثانوية للقروض المتعثرة، وتحسين إطار تسوية أوضاع البنوك المتعثرة، وإعداد استراتيجية مالية خضراء. وفي الوقت الذي تبدو فيه المخاطر النظامية المحيطة بالنظام المالي محدودة، أكد الصندوق على ضرورة مواصلة الرقابة على حجم الانكشافات في الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية، بما في ذلك المخاطر المرتبطة بالمناخ.

وأثنى الصندوق على التزام السلطات القوي بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية. مضيفا أن إصلاح نظم الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم سيساهم في دعم عدالة الخدمات المقدمة وجودتها وتعزيز رأس المال البشري على المدى الطويل. وأن ومن شأن إصلاح الشركات المملوكة للدولة وتفعيل صندوق محمد السادس وميثاق الاستثمار الجديد المساهمة في تشجيع الاستثمار الخاص وتوفير وظائف مستدامة.
وشدد الصندوق على أنه ولدعم النمو الممكن في المغرب، من الضروري مواصلة الجهود للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ومعالجة ندرة المياه، وتعزيز الحوكمة، والتصدي لعدم المساواة بين الجنسين.

وأعرب الصندوق عن تفاؤله إزاء التقدم الذي أحرزته السلطات نحو استيفاء شروط اتفاق "تسهيل الصلابة والاستدامة"، مرحبا بالعمل الجاري على برنامج المياه الوطني والخطط الرامية إلى خفض الانبعاثات إلى مستوى الصفر الصافي بحلول عام 2050. وشجع الصندوق على تنفيذ إجراء زيادة ضريبة القيمة المضافة على الوقود الأحفوري في الوقت المحدد، مع التخفيف من تداعياتها الاجتماعية.

واختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مشاورات المادة الرابعة لعام 2024، ووافق على المراجعة الأولى لاتفاق "تسهيل الصلابة والاستدامة" المبرم مع المغرب، ومراجعة أهليته للاستفادة من "خط الائتمان المرن".

وفي السياق ذاته، اعتبر الصندوق أن الاقتصاد المغربي لا يزال يتمتع بالصلابة رغم ندرة المياه، وزلزال سبتمبر 2023، والتحديات التي تفرضها الأوضاع الخارجية. إذ تشير التوقعات إلى ارتفاع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى 3,5 في المائة خلال الأعوام القليلة القادمة بفضل العمل المتواصل على تنفيذ خطة الإصلاحات الهيكلية، وقوة الصادرات وانتعاش الطلب المحلي، غير أن تحسن النمو صاحبه ارتفاع معدلات البطالة إلى 13,3 بالمائة في نهاية عام 2023، وهو ما يعكس أساسا تأثير ندرة المياه على القطاع الفلاحي.

وأكد الصندوق أنه سيكون من الضروري إعادة بناء هوامش الأمان المالي بالتوازي مع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لمواصلة تعزيز صلابة المغرب وتحسين الآفاق من أجل نمو أكبر وأكثر احتواء للجميع. كما أكد أنه خلال عام 2023، تراجع التضخم بسبب انحسار تداعيات صدمات الإمداد في المقام الأول. وأدى ذلك إلى توقف دورة تشديد أسعار الفائدة في بنك المغرب منذ شهر يونيو في العام الماضي، عقب ثلاث زيادات متتالية بداية من سبتمبر 2022. كما واصل الدرهم التحرك ضمن نطاق تقلب سعر الصرف البالغ ±5 في المائة.

وفي المقابل، سجل الصندوق تراجع عجز الحساب الجاري. ويعكس ذلك انخفاض عجز تجارة السلع (نتيجة تراجع أسعار واردات الطاقة والسلع الخام والوسيطة والأغذية، وقوة أداء صادرات السيارات والإلكترونيات)، وازدهار قطاع تصدير الخدمات (السياحية وغير السياحية)، واستمرار نمو التحويلات الوافدة من العاملين في الخارج.

وكشف الصندوق عن تحسن في عجز المالية العامة فاق توقعات ميزانية عام 2023. فقد بلغ العجز الكلي 4,4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2023، أي أقل من المتوقع في ميزانية عام 2023 بحوالي 0,5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ويعكس ذلك التحسن في إيرادات المالية العامة (بفضل دور صندوق الزلزال في دعم الإيرادات غير الضريبية) الذي فاق التوقعات وتجاوز الزيادة غير المخطط لها في مستويات الإنفاق.

كما سجل الصندوق تواصل تنفيذ خطة الإصلاحات الهيكلية المعلنة. إذ تم بالفعل تنفيذ الركيزتين الأوليتين من تعميم نظام الحماية الاجتماعية، وهما توسيع نطاق التأمين الصحي الأساسي الإلزامي وإطلاق برامج التحويلات النقدية لصالح الأسر الفقيرة. وتم اتخاذ خطوات إضافية نحو إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار وميثاق الاستثمار الجديد، وإصلاح نظامي التعليم والرعاية الصحية.

وحث صندوق النقد الدولي على أهمية مواصلة السياسات الاقتصادية الكلية الاحترازية والمثابرة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتحقيق نمو أكثر قوة وصلابة واحتواء للجميع.

كما عبر عن تأييده لموقف السياسة النقدية لبنك المغرب، داعيا إلى ضرورة الاستمرار في الاستعانة بالبيانات في تعديل أسعار الفائدة الأساسية مستقبلا. وينبغي أيضا أن يستأنف البنك المركزي التحول المزمع نحو إطار لاستهداف التضخم من خلال الاستعداد لإلغاء نظام الربط بالتزامن مع التراجع المستمر في مستويات التضخم.