وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، مراسلة إلى الناطق الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بالرباط، تندد فيها بالمعاملة التي يلقاها المهاجرون وطالبو اللجوء القادمون من شرق إفريقيا، وعلى وجه الخصوص، السودانيون، الذين يعانون، منذ أكثر من أربع سنوات، من الإقصاء والتمييز، داخل مكتب المفوضية.
عراقيل منذ اللحظة الأولى
وسجلت الجمعية، في مراسلتها، أنها تتوصل بعدد كبير من الشكاوى التي تعكس حجم المعاناة اليومية لطالبي اللجوء السودانيين، بدءا من المعلومات المغلوطة التي يقدمها حارس الأمن بالبوابة الرئيسية، والتي تشكل العائق الأول أمام الراغبين في الحصول على توجيهات دقيقة حول أوضاعهم وإجراءات اللجوء.
وتابعت المراسلة أنه بدلا من تسهيل وصول اللاجئين إلى المعلومة، يتم تقديم بيانات غير صحيحة تضللهم وتزيد من تعقيد مسارهم القانوني والإداري.
"لا خدمة للاجئين" عبر الخطوط الهاتفية
وأشارت المراسلة إلى أن مكتب المفوضية يتبنى سياسة "الآذان الصماء"؛ حيث إن الأرقام الهاتفية المخصصة لخدمة اللاجئين غالبا ما تكون غير مشغلة، أو تظل ترن دون أي رد؛ مما يجعل الوصول إلى المعلومات والإرشادات شبه مستحيل.
وأضافت أن هذا الوضع يدفع اللاجئين إلى البحث عن المساعدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في غياب أي قنوات رسمية تتيح لهم التواصل الفعّال مع الجهات المعنية.
حاجز اللغة
ومن بين التحديات التي يواجهها طالبو اللجوء السودانيون في المغرب، أشارت الجمعية إلى غياب وسائل تواصل فعالة بلغتهم الأصلية؛ إذ أن معظمهم لا يتحدثون الدارجة المغربية أو الفرنسية؛ مما يجعلهم في حاجة ماسة إلى موظفين قادرين على التواصل معهم باللغة العربية الفصحى، على الأقل، لضمان فهمهم للإجراءات المطلوبة منهم.
حق الوصول إلى المفوضية.. وليس البقاء أمام البوابة الحديدية
ونددت المراسلة بحصر تواصل اللاجئين مع المفوضية عند البوابة الحديدية للمكتب، معتبرة أن هذا الوضع غير مقبول؛ إذ من حق أي طالب لجوء أن يلتقي بمسؤول رسمي داخل المقر نفسه، دون الحاجة إلى وساطة حراس الأمن.
كما أكدت حق اللاجئين في تقديم طلبات التسجيل أو الاستئناف مباشرة إلى موظفي المفوضية، بدلا من التعامل معهم عبر إجراءات غير شفافة تحول دون ممارسة حقوقهم الأساسية.
"تأجيل وراء تأجيل".. مصير مجهول
وأبرزت الجمعية، في المراسلة نفسها، أن العديد من طالبي اللجوء السودانيين يعانون من تأجيل مستمر وغير مبرر لمواعيدهم؛ مما يعيق إمكانية إعادة فتح ملفاتهم أو الطعن في قرارات الرفض التي تصدرها المفوضية.
وفي هذا السياق، استشهدت بحالة أحد اللاجئين السودانيين، ويدعى محمد، الذي تقدم بطلب لجوء، منذ سنة 2021، وحصل على موعد مقابلة، في يوليوز 2022، إلا أن ظروفه القاسية، التي شملت الاعتقال والترحيل عبر عدة دول، حالت دون تمكنه من متابعة ملفه. وبعد أن عاد إلى المغرب لمحاولة استئناف طلبه، تفاجأ برفض طلبه، بسبب عدم توفره على إثبات هوية، دون أي توضيح حقيقي حول طبيعة الوثائق المطلوبة منه.
مطالب ملحة وتنديد بالمعاملة غير الإنسانية
وفي ختام المراسلة، طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتحسين جودة الخدمات والتعامل مع طالبي اللجوء بمهنية واحترام، باعتبارهم أشخاصا فارين من النزاعات والحروب، ويحتاجون إلى رعاية إنسانية تتماشى مع المواثيق الدولية، بالإضافة إلى التسريع في معالجة ملفات طالبي اللجوء السودانيين، وضمان حقهم في الطعن وإعادة فتح ملفاتهم، وفقا لمقتضيات القانون الدولي.
كما طالبت بإعادة النظر في برنامج المواعيد المعتمد من قبل المفوضية؛ بحيث لا يُترك اللاجئون عالقين دون أفق زمني واضح، فضلا عن إدانة السلوكيات غير اللائقة التي تصدر عن بعض المسؤولين تجاههم، خاصة تلك التي تحدث أمام مقر المفوضية؛ حيث يتم التعامل معهم بطرق غير إنسانية تتنافى مع الأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين.
وشددت الجمعية على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتصحيح هذه الاختلالات، وضمان بيئة أكثر عدلا وإنصافا لطالبي اللجوء في المغرب، بما يتماشى مع التزامات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومبادئ حقوق الإنسان.