أفاد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أنه تم تخصيص برنامج استعجالي وتكميلي يتضمن شراء 582 شاحنة صهريج و4400 صهريج بتكلفة تصل إلى 471 مليون درهم، وذلك من طرف مصالح وزارة الداخلية.
ويهدف البرنامج إلى تأمين تزويد المناطق القروية والمناطق التي تشهد نقصًا في المياه بالصالح للشرب عبر توزيع هذه الشاحنات على 75 عمالة وإقليمًا.
البرنامج التكميلي
وعن البرنامج التكميلي، أوضح محمد بازة، الخبير الدولي في الموارد المائية، أن "هناك إجراءات تقليدية تتضمن بناء السدود في المناطق التي لا تزال توفر إمكانيات لتحقيق ذلك، إلى جانب تحويل المياه بين الأحواض المائية. كما أن الوزارة تُولي اهتمامًا خاصًا لضمان تزويد المواطنين بمياه الشرب من خلال حفر آبار في المناطق التي تعاني من نقص حاد في الموارد المائية، إضافة إلى استخدام الشاحنات الصهريجية لنقل المياه إلى الدواوير والمراكز التي تعاني من شح المياه".
وأضاف بازة، من خلال تصريح خص به "تيلكيل عربي" أن "الشاحنات الصهريجية تم اقتناؤها لنقل المياه من مصادر متعددة، مثل الآبار أو السدود أو أي مورد متاح، ليتم توزيعها على الدواوير والمراكز التي تعاني من نقص المياه. أما الحل الآخر، فهو الاعتماد على محطات تحلية صغيرة متنقلة تُستخدم في دوار معين ثم تُنقل إلى آخر، سواء لتحلية مياه البحر في المناطق الساحلية، أو لمعالجة المياه الجوفية المالحة، التي تتميز بملوحة مرتفعة لكنها أقل بكثير من ملوحة مياه البحر".
وأوضح الخبير، أن "الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة المياه، تقوم كذلك بإنجاز أثقاب استكشافية عميقة في المناطق التي يُحتمل وجود مياه جوفية فيها، بهدف التحقق من توفرها. وفي حال اكتشاف وجود هذه المياه، يتم حفر أثقاب استغلالية لاستعمالها كمصدر للمياه الجوفية لتلبية الاحتياجات".
فعالية البرنامج الاستعجالي
في هذا السياق، أوضح قائلاً: "كون البرنامج تكميليًا يعني أنه يأتي كإضافة لما تم برمجته مسبقًا ضمن البرنامج الاستعمالي السابق. وقد أشار الوزير في مناسبتين على الأقل إلى اقتناء عدد كبير من الشاحنات الصهريجية، ويبدو أن هناك زيادة ملحوظة في أعدادها. وبصفتي أخصائيًا في مجال المياه، أرى أن هذا يعكس تفاقم أزمة المياه مع مرور الوقت، وهو أمر متوقع، إذ أن ما نشهده على الصعيد الوطني منذ عام 2019 يُظهر تدهورًا مستمرًا في الوضع، مما يمثل مؤشرًا سلبيًا خطيرًا يتطلب معالجة جدية."
أوضح بازة، أن "البرنامج الاستعجالي يُعد جزءًا من البرنامج الكبير الذي يشرف عليه الملك محمد السادس، والذي انطلق في عام 2018، وليس في 2020 كما ورد في تصريحات الحكومة. وقد بدأ هذا البرنامج خلال فترة الحكومة السابقة، ويُعد ذا أهمية كبيرة لما يحققه من فعالية في تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب. كما أن له إيجابيات ملموسة، إذ لولاه لكانت العديد من المناطق في المغرب تعاني من غياب مياه الشرب، مما يؤكد أهميته البالغة."
وأشار الخبير في الموارد المائية، إلى أنه "رغم تنفيذ هذا البرنامج، لا يزال هناك بعض الممارسات المستمرة التي تسببت في دخول المغرب في أزمة مياه، وهي السبب الرئيسي لهذه الندرة. وبالتوازي مع تنفيذ البرنامج الاستعجالي، تبقى بعض السياسات والممارسات قائمة، ومن أبرزها زيادة المساحات المروية، وهو ما يمثل مثالًا واضحًا على استمرار هذه الممارسات التي ساهمت في تفاقم الأزمة".
وكشف بازة، أن "مساحة زراعة الأفوكادو التي كانت مخصصة لها في بداية الأزمة، وفقًا لوزارة المياه، كانت أقل من ألف هكتار في عام 2019، بينما وصلنا اليوم إلى ما يقارب العشرة آلاف هكتار، وقد تكون المساحة الفعلية 12 أو 13 ألف هكتار، بما في ذلك ألفين أو ثلاثة آلاف هكتار لا تزال في مرحلة النمو ولم تبدأ بالإنتاج بعد. وفي عام 2024، وصلنا إلى تصدير حوالي 100 ألف طن من الأفوكادو، ورغم الأزمة، نشهد زيادة في مساحة الري لمنتج يستهلك كميات كبيرة من المياه."
تقييم للحلول المقترحة
في هذا الصدد، قال بازة، : "إن الحلول المقترحة في البرنامج الاستعجالي كلها ذات أهمية كبيرة، ولكن يجب التعجيل بتنفيذ نقل المياه، خصوصًا من حوض اللوكوس عبر حوض سبو إلى حوض أم الربيع، وهي تعليمات صادرة عن الملك محمد السادس."
وأضاف الخبير الدولي، أنه "يجب أيضًا التعجيل ببناء بعض محطات تحلية المياه، خاصة في الدار البيضاء وطنجة، لأن هذه المدن بحاجة ماسة لها، خاصة إذا استمر الجفاف، من اجل تأمين التزويد بالمياه الصالحة للشرب".
وأوضح أنه "تبقى الحلول الأساسية في ضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة، من خلال تحقيق توازن بين العرض والطلب على المياه المتاحة في البلاد. إذ يجب أن يقتصر استهلاك المياه على الموارد المتجددة فقط، مع تحديد الطلب على الماء بما هو متاح، والعمل على تحسين الاستفادة منه بشكل فعال."
التحديات
في هذا الصدد، أشار الخبير في الموارد المائية، إلى وجود ثغرات كبيرة فيما يخص الحكامة المتعلقة بالماء، بما فيها عدم التنسيق بين القطاعات المعنية، بالإضافة إلى عدم تنفيذ قانون المياه، وغيرها من القضايا التي يجب معالجتها.
وأورد الخبير، أن أهم التحديات الحالية يكمن في عدم تنفيذ القوانين، مما يجعل المياه الجوفية لا تخضع لأي جهة مسؤولة للرقابة أو التحكم فيها.
واختتم حديثه قائلاً: "لقد تحدث الوزير عن نسبة ملئ السدود التي كانت 27,3% وأصبحت الآن 50% بزيادة بلغت 83,15%. لكن ما يجب الإشارة إليه هو أن هذه النسبة ما زالت ضعيفة جدًا. بشكل عام، الأزمة تتفاقم، ومن المهم أن يتم الإشارة إلى ذلك على الصعيد الوطني، ليأخذ كل مواطن وكل جهة المسؤولية المنوطة بهم. كلنا نترجى أن ينزل الغيث في أقرب وقت لأن الوضع لا يبشر بالخير، ويجب أن نكون مستعدين لكافة الاحتمالات. الاحتمال الأكبر هو أن تكون السنة الحالية ضعيفة من حيث الأمطار، خاصة أننا مررنا بأربعة أشهر من الموسم الذي كان من المفترض أن تكون مدة أمطار، ولم نحصل سوى على 50 ملم فقط على المتوسط. لذلك، فإن الوضع متأزم والأزمة قد تفاقمت."