قرار منع الحجز على أموال الدولة.. وزير المالية يوضح

بنشعبون أمام لجنة المالية بمجلس النواب (تـ: تنويني)
المصطفى أزوكاح

يبدو وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، مقتنعا بسلامة إيراد المادة التاسعة المتعلقة بمنع الحجز على أموال وممتلكات الدولة  في مشروع قانون مالية العام المقبل، رغم التحفظات التي أثارتها، فهو يؤكد على أنه يجب التوفيق بين تنفيذ الأحكام القضائية وضمان استمرارية المرفق العام.

في اللقاء الصحفي، الذي عقده مع الصحافة، يوم الثلاثاء 05 نونبر بالدار البيضاء، حول مشروع قانون المالية، أغفل الصحفيون إثارة موضوع المادة التاسعة، ما دفعه إلى التعبير عن سعادته بعدم الخوض فيه. كانت تلك طريقته من أجل استفزاز فضولهم حول الموضوع، كي يبسط حيثيات تضمين المادة في مشروع قانون المالية، والاستفاضة في شرح دواعي ذلك.

واستأثرت المادة التاسعة باهتمام كبير بعد الكشف عن مضامين مشروع قانون مالية العام المقبل، حيث أثارت ردود أفعال متحفظة من قبل القضاة والمحامين، الذي اعتبروا أن منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة نوعا من التبخيس لأحكام القضاء واستقلاليته، بل إن ذلك الموضوع أثير بقوة في لجنة المالية بمجلس النواب.

وتنص المادة التاسعة على أنه "يتعين على الآمرين بالصرف إدراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية في حدود الإمكانيات المتاحة بميزانياتهم"، مشيرة إلى أنه "إذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزاينة، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة"، وتشدد المادة على "أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال الدولة للحجز لهذه الغاية".

إعادة الصياغة لرفع اللبس

يعيد الوزير التأكيد على أن المادة 9 من مشروع قانون المالية، المتعلقة بمنح الحجز على أموال وممتلكات الدولة، لم تأت من أجل عدم تطبيق الأحكام القضائية ذات الصلة بالحجز على أموال الدولة، بل يرى أنه يفترض ألا تتجاوز المبالغ الموفى بها، في إطار الحجز على أموال الدولة، تلك المبرمجة في قوانين المالية.

ويحيل بنشعبون على الدستور الذي يجعل من الحفاظ على التوازنات الموازنية مسؤولية مشتركة بين البرلمان والحكومة، معتبرا أن تنفيذ الأحكام ضرورة دستورية، غير أنه يشدد على أن الحكومة ليس من حقها صرف درهم واحد دون أن يكون متوقعا في قانون المالية، المصوت عليه من قبل البرلمان.

ويشدد على أن التدبير يندرج كذلك، ضمن القانون التنظيمي للمالية، الذي يترجم الدستور، حيث ينص الفصل الرابع عشر منه على أن نفقات التسيير تشمل "النفقات المتعلقة بتنفيذ القرار والأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة".

ويذهب الوزير من أجل رفع اللبس حول المادة التاسعة، بأنه يمكن تطوير صياغة النص من أجل الطمأنة أكثر، غير أنه يشدد على ضرورة تفادي القراءات المجتزأة، لأن ذلك يمس بمنطق التفكير، ويمكن أن يؤدي إلى استنتاجات خاطئة.

وأكد بنشعبون على أن سن المادة التاسعة في مشروع قانون المالية لا يعني أن الدولة لا تريد الوفاء بالتزاماتها، مشددا على أنها أدت 10 ملايين درهم في ثلاثة أعوام، بعد صدور أحكام تدينها؛ أي حوالي 3 ملايير درهم في العام، ما يدفعه إلى التأكيد على أن ذلك لا يمكن أن يجيز القول بأن الدولة تتخلف عن الأداء.

ويعود الوزير إلى الممارسات المكرسة في دول أخرى، حيث يقول إن "عدم الحجز على أموال الدولة معمول به، عمليا، في جميع الديمقراطيات عبر العالم، وفي البلدان التي تحترم حقوق الإنسان مثل فرنسا وبلجيكا وسويسرا وكندا".

تحديد سقف النفقة

ويرى أنه إذا كان القانون يفرض عدم تجاوز النفقات التي ضمنت في مشروع قانون المالية، وصادق عليها البرلمان، فإن الملاحظ أن النفقة المتصلة بالوفاء بما في ذمة الدولة بمناسبة الأحكام الصادرة عن المحاكم، لا سقف لها عند التنفيذ.

ويذهب إلى أن الهدف من المادة التاسعة من مشروع قانون مالية العام المقبل، هو برمجة كيفية تنفيذ الأحكام، بما يراعي التوازنات الموازنية ومحدودية المداخيل.

ويعتقد أن الهدف هو ضمان حق المتقاضين مع تأمين استمرارية المرفق العام، حتى لا يتم السقوط في حالة إحدى الجماعات الترابية التي تم الحجز على كامل أموالها، بل إن ذلك امتد إلى نصيبها من الضريبة على القيمة المضافة.

ويؤكد على أنه من غير المسموح تجاوز تلك المخصصات المضمنة في قانون المالية. فالحجز على أموال الدولة لدى بنك المغرب، إذا تجاوز السقف المحدد سلفا، سيؤدي إلى خرق ما صوت عليه البرلمان عبر قانون المالية، ويفضي إلى المساس بالتوازنات المالية التي يكرسها الفصل 77 من الدستور، ذلك مبدأ دستوري، يستدعي مبدأ دستوريا آخر يقضي بضمان استمرارية المرفق العمومي.

واستعاد نقاشه مع البرلمانيين في لجنة المالية، حيث خاطبهم قائلا: "ستصوتون على مليار أو مليارين في ميزاينة الدولة في 2020 من أجل تنفيذ الأحكام، وسننفذ المليارين، وبعد ذلك ما الذي سنفعله بالباقي؟ وما الفائدة من تصويتكم في هذه الحالة؟ لماذا تصوتون على ذلك إذا كان اعتباطيا؟ نقول فقط إنه يجب التنفيذ في حدود ما هو مبرمج، وبرمجة ما لم يتم تنفيذه بعد ذلك".