سقط قبل أن يصل إلى البرلمان. أجهض في المهد دون أن ينتظر ما ستجود به أصوات النواب. مُنتظر بالنظر إلى حجم الهوة بين تعداد الأغلبية والمعارضة أنه لن يمر. لكن على الأقل، كان سيعيد القليل من صخب ضجيج السياسية وإن انبعث من مرحلة تجاوزت خريف العمر.
الحديث هنا عن ملتمس الرقابة. "مبادرة سياسية" للمعارضة البرلمانية، أعادت الجمع ما بين الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، للجلوس حول طاولة واحدة، بعدما فرقتهم السبل زمن الحكومات السابقة.
وجعلت الحركة الشعبية تربط الماضي بالحاضر وهي تتقاسم الموقف نفسه مع حزب العدالة والتنمية.
وعن كواليس فشل أو افشال طرح ملتمس الرقابة ضد حكومة عزيز أخنوش، تحدث "تيلكيل عربي" لقيادات من أحزاب المعارضة.
وأول ما أكدته، أن "الملتمس تم تأجيل طرحه ولم يتم إلغاؤه".
وأضافت بنبرة إجماع، أن "أصل الخلاف هو طريقة تدبير تصريف التواصل السياسي بشأن ملتمس الرقابة، ومن سوف يحسب له في ميزان السبق".
إلى غاية اليوم قاد حزب التقدم والاشتراكية، محاولة وساطة بين جميع الأطراف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وترك لم شمل المعارضة صلبا رغم ترسبات الماضي التي تكبله. دشن PPS وساطته منذ يوم أمس الأحد، بعدما أصدر PJD بلاغه الاستثنائي معلنا انساحبه من المجمع.
محاولة لم تكلل بالنجاح بعدما اصطدمت بصخرة ابن كيران.
في السياق، كشفت مصادر الموقع، أن "الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، رفض بشكل مطلق، بل حاسم، أن يكون التسويق السياسي للملتمس بنبرة زعيم الاتحاديين إدريس لشكر".
المثير في الحكاية، هو أن صورة كانت من مسببات الأزمة، نعم الصورة التي روج لها مؤخرا على نطاق واسع، يتوسط فيها إدريس لشكر رؤساء الفرق البرلمانية زائد المجموعة النيابية لحزب "المصباح". صورة حركت الرواسب، ودفعت بطرح سؤال: "علاش هو الأمين الوحيد لوقف الوسط وظاهر أنه يقود طرح الملتمس؟! وعلاش الترويج لها في هذا التوقيت بالضبط؟"
وأضافت مصادر "تيلكيل عربي" بخصوص كواليس تأجيل طرح ملتمس الرقابة: "حتى حزب الحركة الشعبية كانت له نفس الملاحظة، لكنه أبدى ليونة سياسية، سرعان ما عادت لتتصلب اليوم الاثنين، حين شرعت المعارضة في نقاش ترؤس اللجان البرلمانية التي تسند إليها".
طرح ملتمس الرقابة كانت خاتمته متوقعة. منفعته كانت ستكون في الطريق إليه وما بعده وإن خسرت المعارضة معركته بالتصويت. ليكون الواقع اليوم، هو أن مشهدا آخرا من مشاهد إنعاش التدافع السياسي يؤجل عرضه.