انفراد.."تيل كيل عربي" يكشف كواليس الصراع بين أفيلال واعمارة

الخلاف بين شرفات أفيلال وعبد القادر عمارة بدأ منذ تشكيل الحكومة
أحمد مدياني

تعددت الروايات حول خلفيات وأسباب حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، و"عزل" شرفات أفيلال، المنتمية لحزب التقدم والاشتراكية من منصبها. وظهرت عدد من الفرضيات تجاه من يقف وراء القرار ومن دفع إلى اتخاذه، وإن كان بلاغ الديوان الملكي واضحاً، حين قال عقب المجلس الوزاري الأخير، إن "حذف كتابة الدولة جاء باقتراح من رئيس الحكومة"، لكن خلف قرار الحذف قصة امتدت لأشهر، بل بدأت منذ تنصيب الحكومة.

"تيل كيل عربي" بحث عن خلفيات القرار لدى مصادر جيدة الاطلاع على كواليس مسار هذا الملف، المصادر أكدت ما راج  من سبب حذف كتابة الدولة المكلف بالماء هو وزير النقل والتجهيز عبد القادر العمارة، بمباركة من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني. لكن كيف؟ هل تم التشاور مع حزب التقدم والاشتراكية أو باقي أحزاب الأغلبية حول القرار؟ وما هو أصل الخلاف بين عمارة وشرفات؟ وما هو رأي باقي مكونات الأغلبية؟ وهل حاول سعيد الدين العثماني إطفاء غضب "PPS" بعد صدور القرار؟

 قضية أفيلال على طاولة النقاش بين PJD وPPS

كل هذه الأسئلة يجسب عنها "تيل كيل عربي" عبر ما توصل به من معطيات كشفتها مصادر الموقع الموثوقة، وتقول إن "الخلاف بين الوزير عبد القادر عمارة وكاتبة الدولة (السابقة) شرفات أفيلال، بدأ منذ اليوم لتشكيل الحكومة"، وأضافت: "عمارة لم يرغب منذ تسمية وزراء الحكومة أن يتقاسم مسؤولية تدبير القطاعات التي تشرف عليها وزارته مع أي كان، والدليل أنه أعد مرسوماً لم يمنح شرفات أفيلال أي صلاحيات بالنظر إلى منصبها، ومنذ ذلك الحين، كان عمارة يتواصل بشكل مباشر مع المدراء والمسؤولين داخل كتابة الدولة المكلفة بالماء، دون أن يمر عبر شرفات أفيلال، ما دفع الأخيرة إلى رفع شكاية إلى قيادتها في الحزب، التي ناقشت الأمر مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مباشرة".

صدور مرسوم تحديد مسؤوليات شرفات أفيلال، أشعل خلافاً حاداً بينها وبين عبد القادر عمارة، حسب مصادر "تيل كيل عربي"، وصل حد القطيعة بينهما. وضع دفع قيادات حزب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية إلى الاتفاق على عقد لقاء صلح بمكتب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، حضره كل من الأخير ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبد الله، وطبعاً المعنيين بالموضوع عبد القادر عمارة وشرفات أفيلال، وتم الاتفاق خلال الاجتماع، دائما حسب مصادر الموقع، على إعادة صياغة مرسوم تحديد المسؤوليات ومنح صلاحيات أوسع لشرفات أفيلال في تدبير قطاع الماء، على أن تلتزم الأخيرة بالرجوع إلى الوزير عمارة كل ما تعلق الأمر باتخاذ قرارات استراتيجية تهم القطاع.

هل تم تفعيل خلاصات جلسة الصلح؟

تجيب مصادر "تيل كيل عربي" بالقول: "لا". "المرسوم الذي تم الاتفاق عليه لم ير النور منذ ذلك الوقت، كان من اللازم أن يصدر منذ مدة، لكن ما صدر عن الوزير عمارة بعد ذلك، يتنافى بشكل قاطع مع ما تم الاتفاق عليه معه بحضور رئيسه في الحكومة وزميله في الحزب مصطفى الرميد".

خلاف عمارة وشرفات استمر، بعد ذلك، ليشمل قرارات تغيير مجموعة من المدراء في كتابة الدولة المكلفة بالماء، وهو القرار الذي عارضته بقوة القيادية في حزب التقدم والاشتراكية، متمسكة بمن اشتغلت معهم لسنوات، توضح مصادر "تيل كيل عربي"، وأضافت "تمسك شرفات أفيلال بهؤلاء، دفع عمارة مرة أخرى للتشكي منها لدى رئيس الحكومة، هذا الأخير اتصل بنبيل بن عبد الله، وناقش معه موضوع تغيير المدراء. أمين عام التقدم والاشتراكية طلب من سعد الدين العثماني تبرير قرارات عمارة لكي يستطيع إقناع شرفات أفيلال بالتخلي عن مجموعة من الأسماء في كتابة الدولة المكلفة بالماء، لكن العثماني اكتفى بالقول إن لديه ملفات تهم اختلالات في التدبير وتقاعس في أداء المهام، دون أن يمد نبيل بن عبد الله بها، رغم أن الأخير طالب بها".

وكان آخر خلاف بين عمارة وشرفات أفيلال، تردف مصادر "تيل كيل عربي"، قرار عمارة أخيراً إعفاء أحد المدراء من منصبه دون العودة إلى كاتبة الدولة "السابقة" في الماء، ما دفع الأخيرة إلى رفع الموضوع إلى قيادة حزبها، لتتخذ قرار السماح بمرور قرار عمارة وإعفاء المدير، كي لا يتطور الخلاف بينهما".

 الخلاف بين عمارة وشرفات، انتهى كما هو معروف بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، خلال المجلس الوزاري الأخير، وجاء في البلاغ الذي تلاه، أن "القرار باقتراح من رئيس الحكومة"، عبارة أغضبت قيادات حزب التقدم والاشتراكية، لتتسرب بعد ذلك أخبار تفيد بعدم استشارة "PPS" قبل اتخاذ القرار، هنا تقول مصادر "تيل كيل عربي": "في نفس اليوم وبعد انتهاء المجلس الوزاري، اتصل سعد الدين العثماني بنبيل بن عبد الله، وحاول شرح خلفيات اتخاذ القرار له، وطلب منه عقد اجتماع بمكتبه في الرباط صباح يوم الثلاثاء 21 غشت الجاري، أمين عام التقدم والاشتراكية نقل فحوى الاتصال إلى أعضاء من المكتب السياسي، واستشارهم في حضور اللقاء مع رئيس الحكومة، ليستقر القرار بعد نقاش بين قيادات حزب (الكتاب) على تكليف الوزير عبد الأحد الفاسي بالمهمة، وكذلك كان، ليلتقي سعد الدين العثماني حسب الموعد المتفق عليه".

وخلال اللقاء بين رئيس الحكومة والوزير عبد الأحد الفاسي، قدم سعد الدين العثماني، حسب مصادر "تيل كيل عربي" ثلاث مبررات لاتخاذ قرار حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء: "أولاً: حديثه عن وجود تقرير للمجلس الأعلى للحسابات يهم شرفات أفيلال. ثانياً: نقل الأخيرة للخلاف بينها وبين عمارة لجهات عليا. ثالثا: لقاءها بوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت وحديثها معه عن تفاصيل ما يقع داخل الوزارة".

مبررات رئيس الحكومة، تنقل مصادر الموقع، رفضتها قيادة التقدم والاشتراكية، بعدما أطلعها الوزير عبد الأحد الفاسي على خلاصات لقائه بسعد الدين العثماني.

كانت هذه التفاصيل الكاملة لحذف منصب شرفات أفيلال، ومن يطرح السؤال حول مصيرها، تؤكد المصادر التي تحدثت لـ"تيل كيل عربي"، أن مهامها على رأس كتابة الدولة المكلفة بالماء انتهت، وأن لهذا القرار ما بعده، في انتظار أن تعقد قيادة حزب التقدم والاشتراكية اجتماعا حول الموضوع يوم الاثنين القادم، والقرار الذي سوف يتمخض عنه.

حبر على ورق

مصادر "تيل كيل عربي" كشفت معطى آخر، يسلط الضوء على جانب آخر من المشكل، إذ أن أحزاب الأغلبية سبق أن اتفقت قبل شهرين، خلال اجتماع  بحضور كافة قيادات أعضائها، على إعادة هيكلة الحكومة، وحذف كتابتين للدولة لكل من حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، وكتابة دولة واحدة لكل من التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية".

وجاء هذا القرار بعدما طرح الأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحمد لعنصر، غياب مراسيم تحدد صلاحيات كتاب الدولة، ونقل شكوى كتاب الدولة المنتمين لحزبه، ليتدخل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ويخبره أنه يقترح إعادة النظر في هذا الملف، وإعادة هيكلة الحكومة، لكن الموضوع بقي حبرا على ورق إلى أن جاء بلاغ الديوان الملكي الذي يعلن حدف كتابة الدولة في الماء.