هل تخفي الحكومة عن المغاربة الوضعية الحقيقية للميزانية؟ هذا ما قاله جطو في تقرير جديد

تيل كيل عربي

في تقرير جديد صدر اليوم (الثلاثاء)، حول "تنفيذ ميزانية 2016"، لم يتردد المجلس الأعلى للحسابات، دركي صرف المال العام بالمغرب، في مؤاخذة الحكومة بشأن عدم إدلائها في نصوص قوانين المالية، بالمعلومات الكافية، التي من شأنها أن تسمح بـ"فهم أفضل للوضعية الحقيقية" للحسابات العمومية، داعيا أيضا، إلى "توخي الحذر بخصوص الارتفاع المستمر لدين الخزينة".

وجاءت تلك المؤاخذة في شق التوصيات من التقرير الجديد للمجلس الأعلى للحسابات، فقال إنه "يوصي وزارة الاقتصاد والمالية بتحسين إصداراتها المتعلقة بالمالية العمومية، وذلك من خلال نشر معلومات كافية تسمح بفهم أفضل للوضعية الحقيقية للحسابات العمومية من حيث المداخيل والنفقات والالتزامات".

وأوضح المجلس الأعلى للحسابات أن المعلومات الإضافية المطلوبة هي أن تتضح، "على مستوى الموارد، المداخيل الجبائية بشكل خام، والمعطيات المتعلقة بالمبالغ الباقي تحصيلها"، وعلى مستوى النفقات، "نسبة الموارد الجبائية المحولة إلى الجماعات الترابية، والنفقات الاستثنائية ومتأخرات سداد الديون".

وإذا كان تضمين تلك المعلومات في نص قوانين المالية، حسب المجلس، من شأنه "أن يساهم في تحسين مقروئية البيانات المتعلقة بالمالية العمومية"، فإنه في التوصية الثانية، دعا إلى "إدراج كل المصاريف المتعلقة بنفقات الموظفين في بيانات تنفيذ الميزانية والتقارير المرافقة لها".

وأشار المجلس الأعلى للحسابات، في تلك التوصية المتعلقة بالمصاريف غير المدرجة، بالتحديد إلى "مساهمات الدولة كمشغل في أنظمة التقاعد والاحتياط الاجتماعي، وباقي نفقات الموظفين المدرجة في الحسابات الخصوصية ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة"، علاوة على "نفقات موظفي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري التي تتحملها الإعانات من ميزانية الدولة".

مؤاخذات المجلس الأعلى للحسابات ووصاياه، امتدت أيضا إلى "أداء الحسابات الخصوصية"، التي يصفها البعض بـ"الصناديق السوداء"، إذ قال بضرورة "إجراء دراسة حول أدائها بهدف الحد من  التداخلات مع الميزانية العامة، والاقتصار على إدراج المسموح بها في القانون التنظيمي لقانون المالية".

ووضع المجلس الأعلى للحسابات أصبعه أيضا على مرافق الدولة المسيرة بصفة مستقلة والتابعة إلى القطاعات ذات الإمكانيات، إذ رأى بـ"ضرورة تحسين تدبيرها، خاصة في قطاع الصحة"، أي المستشفيات الجامعية، في الشق المتعلق بـ"بجودة الخدمات المقدمة، وبتحصيل المداخيل".

المجلس يرى أيضا، بعد تقييمه لتنفيذ قانون مالية 2016، أن وزارة الاقتصاد والمالية، عليها "العمل على إيجاد حل نهائي لإشكالية تراكم الديون المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة المستحقة للشركات والقطاعات المعنية"، وكذلك "توخي الحذر بخصوص الارتفاع المستمر لدين الخزينة، وتتبع مديونية القطاع العام بغية ترشيدها وتقليصدها إلى مستويات مقبولة".

وتأتي تلك التوصيات بعدما رصد المجلس الأعلى للحسابات في تقييمه لتنفيذ قانون مالية 2016، بوصفه أول قانون للمالية بعد اعتماد القانون التنظيمي الجديد المتعلق بقانون المالية (18 يونيو 2015)، أن تنفيذ ميزانية 2016، سجل عجزا قدره 40.6 مليار درهم، أي بمعدل 4.1 % من الناتج الداخلي الخام، في حين أن القانون ذاته توقع 3.5 % فقط من العجز.

المجلس وقف على أنه في الوقت الذي حققت المداخيل العادية المحصلة 218.9 مليار درهم، وبلغت النفقات ما مجموعه 263.8 مليار درهم، اعتبر المجلس بعد تجليله للمعطيات، أن المداخيل المحصلة تقل عن تلك المتوقعة بحوالي 3.2 مليار درهم، لعدة أسباب، أبرزها "تحصيل مداخيل جبائية أقل من المتوقع بحوالي 2.1 مليار درهم".

وبخصوص قضية ضعف جودة المعلومات، أعطى المجلس المثال بـ"مبلغ العجز الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، والمحدد في 40.6 مليار درهم" خلال 2016، إذ "لا يتضمن" الرقم المعلن "كل الديون المستحقة على الدولة خلال سنة 2016 برسم الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات".

وبالنسبة إلى جطو تقوم الحكومة "باعتبار المداخيل الإجمالية للضريبة على القيمة المضافة كما لو تم استيفاؤها بصفة نهائية في حين أن الخزينة مطالبة بإرجاع جزء منها للفاعلين الاقتصاديين العاملين في بعض القطاعات الاقتصادية".