قال الطبيب البيطري، وصفي بوعزاتي، اليوم السبت، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي"، إن "سلالة المواشي، التي استوردها المغرب من البرازيل، هي "Nélore sans cornes"، وموطنها أمريكا الجنوبية؛ حيث تم إنشاؤها، في خمسينيات القرن الماضي، في البرازيل، انطلاقا من سلالة "Nélore"، التي تملك قرونا"، مضيفا أن "لحم "Nélore sans cornes" لذيذ، رغم قلة الدهون".
وتابع د. بوعزاتي أن "Nélore" تنحدر من سلالة "Nélore Ongole" الهندية، المستقدمة منها، عام 1869؛ نظرا لتأقلم هذه السلالة مع الظروف القاسية من رطوبة وارتفاع لدرجات الحرارة.
ووصف الطبيب البيطري سلالة "Nélore sans cornes" بأنها "تتميز بجلد أسود وشعر أبيض، وغدد عرقية كبيرة؛ وهي المعايير، التي تساعدها على مقاومة الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة. كما أن العضلات تحت جلدية لهذه الأبقار قادرة على هز جلدها الكثيف، لتمنع بذلك الحشرات من الالتصاق بها، وبالتالي، مقاومتها لمجموعة من الأمراض الاستوائية".
كما أكد د. وصفي بوعزاتي أن "الأمر لا يتعلق بجواميس، كما اعتقد البعض، وإنما بجواميس مهجنة"، مشيرا إلى أن "دفتر التحملات، في هذا الباب، لا يسمح باستيراد حيوانات متوحشة".
وفي ما يتعلق بتقبل سلالة "Nélore sans cornes" لأي نوع من الأعلاف كيف ما كان؛ الأمر الذي يجعل جودتها وطراوتها أقل، نفى الطبيب البيطري الأمر، قائلا: "الشركات المنتجة لهذا النوع من العجول ما كتفلاش. فالحصول على مردودية جيدة، يستوجب تعليفها بشكل جيد، بالموازاة".
وبخصوص الشكل الهزيل، الذي بدت عليه بعض الأبقار المستوردة، بمواقع التواصل الاجتماعي، قال د. بوعزاتي إن "الأمر لا يعدو، في اعتقاده، أن يكون لحالات معزولة. علينا أن نستحضر ظروف استيراد 2800 عجل، في باخرة قادمة من بلد بعيد، باحتساب عدد الأيام، التي تمر فيها عملية التصدير، وكذلك تغير بيئة الحيوانات من اليابسة إلى البحر... إلخ. كل هذا يجعل الأمر عاديا، إذا ما وجدت حالات معزولة مريضة، أو سقطت، أو كسرت إحدى ساقيها، والأمثلة كثيرة، وهذه هي مخاطر استيراد الحيوانات الحية".
وعن إخضاع الأبقار المستوردة للحجر الصحي، تابع الطبيب البيطري أن "دفتر التحملات يلزم المستورد بالقيام بعملية الحجر الصحي في دولة المنشأ، في إسطبلات مهيئة لهذا الغرض، وتتوفر على جميع شروط السلامة الصحية، والتي تبلغ 15 يوما، يقوم خلالها المستورد بكل ما هو مطلوب من لدن المصالح الصحية المغربية، من تحاليل مخبرية، وأدوية، ومبيدات ضد بعض الحشرات الناقلة لأمراض معدية، في احترام تام لشروط الشهادة الصحية المعتمدة بين البلدين".
وفي رد له على المنتقدين لاختيار البرازيل كبلد استيراد، أكد د. وصفي بوعزاتي أنه "لا بد من الحسم في هذا النقاش، على اعتبار أن الأمور لا تسير دائما كما نريد. نعم، يمكن استيراد عجول أوربية المنشأ، ولكن الإشكال، اليوم، أنه حتى في أوروبا، ارتفع ثمن اللحم، بشكل كبير؛ مما أدى إلى اتجاه المستوردين المغاربة نحو السوق الأمريكية اللاتينية، وخصوصا نحو البرازيل، الذي يعتبر أكبر بلد مصدر للحوم الحمراء والبيضاء في العالم؛ نظرا لوفرة العرض، من جهة، وثانيا، لكون البرازيل الآن هي البلد الوحيد القادر على توفير عجول بأثمنة منافسة ومناسبة للقدرة الشرائية لعدة دول؛ ومن بينها المغرب. هي إذن علاقة الثمن بالجودة، التي ترجح كفة البرازيل على حساب أوروبا".
وتابع د. وصفي بوعزاتي أنه "منذ بداية سريان الحافز الضريبي المطبق على استيراد الماشية الحية، تم استيراد 5000 عجل معد للذبح من أوروبا، ولاحظنا أنه رغم العدد المستورد، إلا أن تأثيره على ثمن اللحوم الحمراء كان دون الطموح المتوخى من هذه العملية في مجملها".
وبالعودة إلى الأبقار البرازيلية المستوردة، مؤخرا، أكد الطبيب البيطري أن "العجول مرقمة ومعرفة من طرف السلطات الصحية البرازيلية المختصة، ومرفوقة بورقة بيانات حول منشئها وطريقة تربيتها ونوعية أكلها، إلى غير ذلك من الأمور، بالإضافة إلى شهادة صحية يعتمدها المغرب مع أي دولة يتعامل معها تجاريا، فيما يخص استيراد الحيوانات".
وأوضح د. وصفي بوعزاتي أن "المغرب طلب من البرازيل شواهد صحية تخص الحمى القلاعية، واللسان الأزرق، وداء البروسيلات أو الحمى الملاطية، والسل، وهي أمراض معدية وخطيرة"، مضيفا أنه "ومع ذلك، وبمجرد وصول الأبقار البرازيلية إلى المغرب، أخذ المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) عينة من أجل التأكد من سلامتها من مرض اللسان الأزرق، مرة أخرى".
وبخصوص معطى أساسي يهم حماية المستهلك المغربي، تابع الطبيب البيطري: "على الرغم من الشروط الصحية السالفة الذكر، إلا أننا لم نغلق الدائرة كليا؛ إذ يجب التطرق إلى أن أمريكا اللاتينية، وخصوصا البرازيل والأورغواي، تعتمد مجموعة من الاستعمالات، التي تخص تسمين العجول، بشكل قانوني، إلا أنها ليست قانونية في المغرب؛ مثل استعمال هرمونات النوم، والمضادات الحيوية المعززة للنمو، بالإضافة إلى استعمال البرازيل، بحكم أنها بلد استوائي، لمضاد طفيليات اسمه (Ivermectine)، والذي يجب أن يكون آخر استعمال له قبل عملية الذبح بشهر".
وأضاف د. وصفي البوعزاتي أن "البرازيل منعت، منذ عام 2018، المضادات الحيوية المعززة للنمو، إلا أن ذلك لا يعني أن كل الفلاحين هناك امتثلوا لهذه القوانين"، لافتا في تصريحه لـ"تيلكيل عربي"، إلى أن المغرب "لم يطلب من بلد المنشأ التحاليل الخاصة باستعمال هرمونات النوم، والمضادات الحيوية المعززة للنمو، ومضاد الطفيليات المسمى (Ivermectine)".
وتابع الطبيب البيطري أنه "لا يشك في المصالح الصحية المغربية، ودورها في المساهمة، فعليا، في حماية المستهلك، إلا أنه يجب على مصالح "أونسا" أن تكمل عملها، بأخذ عينات من اللحوم، بعد الذبح، وتقوم بتحاليل مخبرية، للتأكد من خلوها من بقايا المواد الكيميائية المحظورة".
وشدد د. وصفي بوعزاتي على أنه "آن الأوان لتفعل (أونسا) مبدأ التتبع الجيد بخصوص بقايا المواد الكيميائية"، لافتا إلى "هذا التتبع لا يجب أن يطبق فقط على ما يتم استيراده، وإنما حتى بالنسبة للمواشي المحلية. ويتعلق الأمر بكل المواد الحيوانية، أو من أصل حيواني؛ سواء كانت لحوما حمراء، أو بيضاء، أو بيضا، أو حليبا".
وختم الطبيب البيطري تصريحه لـ"تيلكيل عربي"، بتطمين المغاربة، قائلا: "لنكن واقعيين، الآن، وبعد ما وصل إليه القطيع الوطني من استنزاف، ودون الخوض في تحديد المسؤوليات لما آلت إليه الأوضاع، بعد 15 سنة من (مخطط المغرب الأخضر)، ورصد 100 مليار درهم ككلفة...، لابد من التأكيد على أن هناك من قام بمجهود كبير، حتى يتم توفير لحوم حمراء تناسب القدرة الشرائية للمستهلك، والأمر المتبقي هو أن تقوم الدولة بمجهود أكبر، بخصوص بقايا المواد الكيميائية، وتحمي المغاربة، وإذا كانت الأبقار سليمة من هذه البقايا، فليتم نشر ذلك للعموم".