برنامج فرصة زرع "اليأس" و"التفقير".. والحكومة "تتجاهل تظلمات" الضحايا

محمد فرنان

في الوقت الذي تعلن فيه وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عن أرقام ترويجية عن "نجاج" برنامج فرصة، خرج العشرات من "ضحايا" فرصة  للاحتجاج حضوريا وافتراضيا.

من ذلك، إعلان الوزارة، قيام البرنامج بـ"تمويل أكثر من 20.000 حامل مشروع في نسختيه، وسيصل قريبا إلى 21.200 حامل مشروع ممول قبل نهاية السنة".

رابطة تطالب بفتح تحقيق

في هذا الصدد، قال إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، "الرابطة واكبت المقصيين من برنامج فرصة الذي كان تحت إشراف وزارة السياحة، بكل آسف وقفنا على مجموعة من الملاحظات والأخطاء على البرنامج".

وأضاف أن "ملفات استوفت كل الشروط، وتم إخبار أصحابها أن مشاريعهم مقبولة، وبعدها تم إقصائهم بدون تعليل، وهم من الشباب الذين يعتزمون تطوير أعمالهم، وبعضهم اكترى محلا وأنشؤوا شركات، استعدادا للحصول على التمويل بعد قبول ملفاتهم، وهذا شكل عبئا ماديا كبير جدا لأنهم في بداية المسار المهني".

وتابع: "توصلنا لحد الآن فقط، نحن كرابطة، بـ 300 حالة، أما العدد فهو أكبر بكثير، ونؤكد أن الملف حسب العديد من الشهادات شابته خروقات منها المحسوبية والزبونية، وبدل أن يساهم البرنامج في الرفع من المستوى الاقتصادي، أزّم وضعية المتضررين لأنهم تورطوا في كراء محلات تجارية وإنشاء شركات، إضافة إلى انتظار أكثر من سنة".

وأكد المتحدث ذاته، أن "الوزارة مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الوضعية، نحن في المحطة النضالية الوقفات، وعلى الطاولة مطروح القيام باعتصام مفتوح أمام وزارة السياحة".

وأعلن عن عزم "الرابطة رفع دعاوى قضائية ضد الوزيرة، لأنها ساهمت في التمييز بين شباب مغاربة".

وطالب بـ"فتح تحقيق حول من استفاد من البرنامج، طبعا لا نطعن في من استفاد ولكن من حقنا المطالبة بفتح تحقيق، لأن هناك حديث عن استفادة أبناء ميسورين وبرلمانين، وزوجات أناس معروفين".

وشدّد على أن "مئات الحالات تم التوقيع معهم من أجل التمويل، وتورط شباب بسبب البرنامج في ديون وقروض كانوا في غنى عنها، وهناك من فُصل من العمل أو استقال استعدادا من أجل الشروع في العمل الخاص بعد الموافقة على التمويل".

وسجل أن "برنامج فرصة ساهم في التفقير واليأس والإحباط".

التجاهل

التقى "تيلكيل عربي" أحد الشباب في الرباط الذي وصف نفسه بـ"ضحية" برنامج فرصة، ويحمل معه عقده تحت رقم DF/2022/365، وقم ملفه 139968.

وأبرز الشاب الذي فضل عدم ذكر اسمه في الوقت الحالي، أنه وجّه تظلمات في أكتوبر الماضي، إلى وزير الاقتصاد والمالية، ووزارة الداخلية، ووزارة السياحة، ووزارة الصناعة والتجارة، والوالي المدير العام للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، والمركز الجهوي للاسثمار بجهة الدار البيضاء سطات، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ورئاسة الحكومة، ورئيس جهة الدار البيضاء سطات، ووالي جهة الدار البيضاء سطات السابق.

وأكد الشاب صاحب التكوين القانوني أنه "لم يتم التفاعل معه".

كما أدلى للموقع، وثيقة عبارة عن "تبليغ إنذار مباشر" عبر المحامي إدريس الشرغاوي، إلى الشركة المغربية للهندسة السياحية في شخص مديرها، وإلى شركة الأمانة للتمويل الأصغر في شخص ممثلها القانوني.

نص الإنذار الموجه لشركة التمويل، قال فيه المحامي إدريس الشرغاوي: "منذ تاريخ توقيع العقد لم يتوصل موكلي بأي جواب منكم رغم الاتصالات الهاتفية والمراسلات المكتوبة المتكررة الموجهة إليكم، وحيث أن عدم توصل موكلي بمبلغ قرض شرف المضمون من طرف الدولة شكل له ضررا بليغا ويعتبر تعسفا غير مبرر من طرفكم واخلالا بالتزاماتكم التعاقدية، مع العلم أن موكلي تحمل مجموعة من الالتزامات المالية (كراء مقر العمل، تأسيس شركة، واجبات الماء والكهرباء)، بالإضافة إلى أن ملفه اجتاز جميع المراحل بنجاح".

وقعت عقد القرض

ورغم اللجوء إلى هذه الخطوة القانونية، لم تتفاعل شركة التمويل التي وقع معها العقد مع الشاب. كما خاطب الشركة المغربية للهندسة السياحية التي أسندت لها إدارة برنامج فرصة، في إنذار آخر، أنه "تمكنت من اجتياز جميع مراحل الانتقاء بنجاح، سواء مرحلة الانتقاء الإداري والانتقاء الأولي والتقني، وأخيرا مرحلة الانتقاء النهائي حيث قضيت فترة تكوين حضوري لمدة أسبوع بمركز امواي بالدار البيضاء تم خلال تحضير ملف المشروع من أجل تقديمه أمام لجنة التمويل الجهوية وهي المرحلة التي اجتزتها بنجاح هي الأخرى، والمرور بمرحلة التمويل مع مؤسسة الأمانة للتمويل الأصغر وكالة حد السوالم حيث قدمت جميع الوثائق المتعلقة بالمشروع، وبناء عليه تم توقيع عقد قرض مع المؤسسة سالفة الذكر في شخص ممثلها القانوني".

وسّجل أنه "منذ ذلك الحين لم اتوصل بأي جواب سواء من مؤسسة التمويل أو الشركة المعنية بالإشراف على البرنامج، حيث تقدمت بمجموعة من المراسلات الكتابية ظلت دون جواب لحد كتابة هذه الأسطر. وحيث أن ملفي اجتاز جميع مراحل الانتقاء بنجاح، ويستجيب للمعايير والشروط المحددة سلفا للاستفادة من هذا البرنامج إلى آخر مرحلة وهي توقيع عقد القرض مع مؤسسة التمويل".

وأكد الشاب في مراسلاته، أن "عدم جواب الجهات المعنية عن المراسلات التي قدمتها لهم يعتبر تعسفا في استعمال الحق وإقصاء بدون وجه حق".

الإهمال

وكرّر في الوثائق التي اطلع عليها "تيلكيل عربي"، أنه "تكبد مجموعة من الالتزامات المادية والمعنوية قصد الاستفادة من هذا البرنامج (تأسيس شركة، كراء مقر العمل وتجهيزه، ...) ليتم إهمال ملفي وحرماني من التمويل بدون وجه حق".

عند العودة إلى التظلمات التي وزعها على 15 مؤسسة، لفت ضحية برنامج فرصة، أنه "تقدمّ بطلب الاستفادة من قرض شرف في اطار البرنامج الوطني لمواكبة وتمويل 10.000 حامل مشروع في اطار برنامج "فرصة" لدعم المبادرات الفردية المعلن عليه من طرف الحكومة، حيث قمت بإيداع طلبي عبر المنصة الرقمية المخصصة لذلك تحث طلب رقم 139968".

التعسف

وحكى قصته: "حيث تمكنت من اجتياز عملية الانتقاء بنجاح، سواء مرحلة الانتقاء الإداري، والانتقاء الأولي والتقني، وأخيرا مرحلة الانتقاء النهائي. حيث تم استدعائي من طرف مركز امواي بالدار البيضاء بصفته حاضنة من اجل تكوين حضوري لمدة أسبوع تم خلال تحضير ملف المشروع من أجل تقديمه أمام لجنة التمويل الجهوية وهي المرحلة التي اجتزتها بنجاح هي الأخرى، بعدها تم الاتصال بي من طرف مؤسسة الأمانة للتمويل الأصغر وكالة حد السوالم من أجل مدهم بباقي الوثائق بصفتهم الجهة المكلفة بالمواكبة خلال فترة التمويل، وبالفعل قمت بإيداع جميع وثائق الملف التي طلبت مني، وبناء عليه قمت بتوقيع عقد قرض مع المؤسسة سالفة الذكر في شخص ممثلها القانوني".

في التظلمات التي تجاهلتها الوزارات ورئاسة الحكومة، أوضح فيها أنه "منذ ذلك الحين لم أتوصل بأي جواب، سواء من مؤسسة التمويل أو الشركة المعنية بالإشراف على البرنامج، حيث تقدمت بمجموعة من المراسلات الكتابية التي ظلت دون جواب لحد كتابة هذه الأسطر".

وطالب في كل مراسلاته بـ"التدخل من أجل إنصافي من ما طالني من تعسف وحرماني من التمويل دون وجه حق، رغم استيفاء الشروط".

تحذير سابق

في  مارس 2022، انتقد مرصد العمل الحكومي، ما أسماه "ضبابية مسطرة الانتقاء في برنامج فرصة الذي يهدف إلى مواكبة 10 ألف حامل مشروع، وعدم توضيح شروط الاستفادة، في ظل تنصيص البرنامج على تعدد القطاعات الاقتصادية التي تشملها المشاريع المرشحة".

وانتقد المرصد في تقرير له، "ضبابية قرار منح قيادة البرنامج للشركة المغربية للهندسة السياحية، في ظل وجود مؤسسات وطنية متخصصة في الشأن الاستثماري، وفي ظل ضعف تواجدها الترابي".

وتخوف المرصد من "سيادة المنطق البيروقراطي في تدبير عمليات الاستفادة من البرنامج، في ظل تعدد مستويات الحكامة، وتداخل المهام".