بشار الأسد يلمح لعدم إمكانية عودة اللاجئين حاليا ويؤكد: لقائي مع إردوغان لن يكون تحت شروطه

تيل كيل عربي

اعتبر الرئيس السوري، بشار الأسد، في مقابلة بثتها قناة "سكاي نيوز عربية"، مساء يوم أمس الأربعاء، أن البنى التحتية المدمرة بفعل سنوات الحرب تشكل التحدي الأبرز الذي يعيق عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

وتصدر ملف عودة اللاجئين اجتماعات عدة؛ آخرها مقررات القمة العربية التي حضرتها سوريا، في ماي المنصرم، للمرة الأولى، بعد أكثر من عقد من نزاع مدمر دفع أكثر من 5,5 مليون سوري إلى الفرار من البلاد، هربا من المعارك.

وتساءل الأسد، في المقابلة التي أجرتها معه القناة الإماراتية، في دمشق: "كيف يمكن للاجئ أن يعود من دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج؟ هذه أساسيات الحياة".

وأضاف، ردا على سؤال عن التحدي الأبرز: "لوجستيا، البنى التحتية التي دمرها الإرهاب"، مشيرا إلى "حوار بيننا وبين عدد من الجهات في الأمم المتحدة المعنية بالجانب الإنساني" بهذا الصدد.

وتابع: "بدأنا نناقش معهم، بشكل عملي، مشاريع العودة، وكيفية التمويل، وما هي متطلباتها بالتفاصيل".

ويثقل ملف اللاجئين السوريين كاهل دول مضيفة عدة؛ على رأسها لبنان الذي يطالب المجتمع الدولي بإعادتهم، مع توقف المعارك في مناطق واسعة باتت تحت سيطرة الحكومة السورية.

إلا أن منظمات حقوقية ودولية تحذر من عمليات ترحيل "قسرية"، وتشدد على أن توقف المعارك لا يعني أن ظروف عودة اللاجئين باتت آمنة، في ظل بنى تحتية متداعية، وظروف اقتصادية صعبة، وملاحقات أمنية وعمليات توقيف تطال، أحيانا، عائدين إلى سوريا؛ الأمر الذي نفاه الأسد.

وتعول دمشق، وفق محللين، على الدول العربية، لاستقطاب تمويل لمرحلة إعادة الإعمار، بعد أكثر من 12 عاما من نزاع أنهك الاقتصاد ومقدراته.

وتوجت مشاركة الأسد في قمة الرياض فك عزلته إقليميا، على وقع انفتاح عربي على سوريا بدأ مع إعادة دولة الإمارات فتح سفارتها في دمشق، ثم بمساعدات إنسانية تدفقت إلى البلادن إثر زلزال، في فبراير المنصرم، وأخيرا استئناف العلاقات مع الرياض.

وردا على سؤال عن مستقبل العلاقة بين دمشق والعواصم العربية، أجاب الأسد: "هناك بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر علينا كدول عربية، لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول"، مضيفا: "طالما لا توجد حلول للمشاكل، فالعلاقة ستبقى شكلية".

وتنتظر الدول العربية من دمشق إجراءات ملموسة، في ما يتعلق بكبح تجارة المخدرات، أحد أكبر مصادر قلق دول خليجية، وخصوصا السعودية التي باتت سوقا رئيسية لحبوب الكبتاغون المصنعة، بشكل رئيسي، في سوريا.

وقال الأسد، في هذا الإطار، إن "تجارة المخدرات كعبور وكاستيطان موجودة (...)، هذه حقيقة، ولكن عندما تكون هناك حرب وضعف للدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة، هذا شيء طبيعي".

وأضاف: "من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة هي الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سوريا، وليست الدولة السورية"، مشيرا في الوقت ذاته إلى حوار بين دمشق ومسؤولين عرب، في هذا الصدد، انطلاقا من أن "لدينا مصلحة مشتركة معهم في القضاء على الظاهرة".

وتشهد سوريا، منذ عام 2011، نزاعا مدمرا اندلع إثر قمع قوات الأمن احتجاجات شعبية طالبت بتنحي الأسد، وانخرطت في النزاع، تدريجيا، أطراف عدة.

ورغم استعادة الأسد السيطرة على الجزء الأكبر من مساحة البلاد بدعم من حلفائه، لاسيما روسيا، غير أن مناطق عدة لا تزال خارج نفوذه، بينها تلك الواقعة تحت سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال البلاد وشمالها الشرقي، ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا ) في إدلب، ومحيطها (غرب)، إضافة إلى مناطق تسيطر عليها القوات التركية وفصائل سورية موالية لأنقرة، في شمال البلاد.

وتقود روسيا جهودا لتطبيع العلاقة بين الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، والأسد، اللذين جمعتهما صداقة وعلاقة عائلية، قبل اندلاع النزاع.

ورغم اجتماعات عقدت بين مسؤولين من البلدين، إلا أن الأسد يشترط للقاء إردوغان انسحاب القوات التركية من نقاط تواجدها في الشمال السوري.

وعن هذه المسألة، قال الأسد: "لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟! لكي نشرب المرطبات مثلا؟"، مضيفا: "هدفنا هو الانسحاب من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط إردوغان".

وأبدى إردوغان، في الأشهر الماضية، مرارا، استعداده للقاء الأسد، معتبرا في أحد تصريحاته أن من شأن قمة رئاسية المساعدة في "إرساء السلام والاستقرار في المنطقة".

وتوترت علاقة دمشق مع أطراف عدة، إثر اندلاع النزاع، بينها حركة "حماس" التي كانت تعد من أوثق الحلفاء الفلسطينيين للأسد، بعد انتقادها قمع السلطات السورية .للاحتجاجات.

وردا على سؤال عن موقف "حماس"، حينها، قال الأسد إنه كان "مزيجا من الغدر والنفاق"، مضيفا: "علاقتنا اليوم هي علاقة ضمن المبدأ العام، نحن نقف مع كل طرف فلسطيني يقف ضد إسرائيل لكي يسترد حقوقه".

وعما إذا كان للعلاقة بينهما أن تعود إلى سابق عهدها، أجاب: "لا، حاليا ليس لديها (حماس) مكاتب في سوريا، ومن المبكر أن نتحدث عن مثل هذا الشيء، لدينا أولويات الآن، والمعارك داخل سوريا هي الأولوية".