جطو: أربع مخاطر تواجه المالية العمومية

الشرقي الحرش

قال إدريس جطو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات "إن المجلس خلال تقييمه لمعطيات المالية العمومية، وقف على بعض العوامل التي تعتبر بمثابة تحديات تواجه تدبير المالية العمومية على المديين القصير والمتوسط".

واعتبر جطو، خلال تقديمه عرضا مساء أمس الثلاثاء حول أعمال المحاكم المالية برسم سنة 2018 أن هذه التحديات يمكن إجمالها في أربع فئات من المخاطر.

أولا: التحكم في عجز الخزينة

في هذا الصدد، سجل المجلس تفاقم عجز الخزينة الذي وصل سنة 2018 إلى 41.35 مليار درهم أي ما يعادل 3.7 من الناتج الداخلي الخام، بعد أن كان في مستوى 3.5 سنة 2017، كما أن الرصيد العادي للميزانية انخفض بدوره، حيث لم يساهم في تغطية نفقات الاستثمار إلا بنسبة 31.5 في المائة خلال سنة 2018 عوض حصة فاقت 36 في المائة برسم السنة التي سبقتها.

 وأرجع جطو هذا التراجع لانخفاض المداخيل الاستثنائية المتأتية من دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بالرغم من التحسن الملحوظ للمداخيل الجبائية خلال السنوات الخمس الأخيرة

ثانيا: ارتفاع الدين العمومي

سجل المجلس الأعلى للحسابات تزايد حجم دين الخزينة بأكثر من الضعف منذ سنة 2009، حيث انتقل من 345 مليار درهم ليبلغ مستوى 750 مليار درهم مع نهاية سنة 2019 بما يمثل 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وبزيادة تناهز 27 مليار درهم مقارنة مع سنة 2018.

وخلص جطو إلى أن هذه المعطيات تؤكد أن الهدف المتوخى لبلوغ مستوى من الدين يناهز 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام في أفق 2021 أصبح أمرا صعب المنال.

ويرى المجلس أن تدبير الدين المضمون، نظرا لحجمه المتزايد وتداعياته المحتملة على المالية العمومية، يستوجب توفير معطيات شاملة عنه، وكذا حول المعايير المعتمدة لتفعيله، خاصة ضمن الوثائق المرفقة بمشروع قانون المالية.

 ثالثا: عجز الميزان التجاري

في هذا الصدد، سجل المجلس الأعلى للحسابات أنه رغم النتائج الايجابية التي سجلت خلال السنوات الأخيرة من خلال تنامي الصادرات في العديد من القطاعات كالفوسفاط ومشتقاته، والمنتجات المرتبطة بالمهن العالمية للمغرب والمنتوجات الفلاحية، فإن عجز الميزان التجاري يعرف تفاقما متزايدا نتيجة ارتفاع الواردات خاصة تزايد الفاتورة الطاقية والمشتريات من سلع التجهيز.

ويرى المجلس أن اللجوء إلى الاستدانة يقتضي الحرص على التحكيم بين الدين العمومي الداخلي والخارجي على أساس مؤشرات التكلفة والمخاطر بما يتيح توفير الاستقرار لتمويل الخزينة وكذلك تأمين احتياطاتنا من العملة الصعبة في مستويات مقبولة.

كما أوصى المجلس بوضع خطة شاملة بشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين قصد توفير الظروف المواتية لتنويع وتجويد العرض التصديري ومساعدة النسيج المقاولاتي على الاندماج بشكل أكبر في سلاسل القيمة المرتبطة بالتصدير، والانفتاح على أسواق جديدة، والرفع من نسب الاندماج الصناعي والزيادة في القيمة المضافة المحلية للصادرات، وكذا وضع الآليات الملائمة لتحفيز المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا وتبسيط ولوجها للقطاع البنكي.

رابعا: ديمومة أنظمة التقاعد

 في هذا الصدد، اعتبر إدريس جطو، أن اشكالية ديمومة أنظمة التقاعد لاتزال مطروحة، مسجلا أن العجز التقني للنظام المدني لمعاشات الصندوق المغربي للتقاعد بلغ مع متم سنة 2019 ما مجموعه 5.24 مليار درهم بعد أن سجل 6 مليار درهم سنة 2018 و5.6 مليار درهم برسم سنة 2017.

 وأشار جطو إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعرف بدوره نفس الوضعية، في حين يسجل النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فائضا تقنيا ضئيلا لا يتجاوز مليون درهم اثر ارتفاع موارده ارتباطا بتزايد أعداد المنخرطين، وبالتالي فإن توزازنات الصناديق الثلاثة للتقاعد قد تواجه مخاطر متزايدة.

 ونبه جطو إلى أنه رغم تحذيراته من المخاطر الكبيرة التي تمثلها وضعية هذه الصناديق على المالية العامة، غير أنه لحد الآن لم يتم الشروع بعد في المراحل الموالية للإصلاح في اتجاه احداث قطب موحد للقطاع العمومي يستجيب لشروط التوازن والاستدامة ولقواعد الحكامة الجيدة.

 وشدد الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات على ضرورة التدخل بشكل حاسم لتسريع وتيرة الاصلاح قصد تفادي نفاذ الاحتياطات وأثره السلبي على ديمومة أنظمة التقاعد وتمويل الاقتصاد الوطني.