خفض رواتب لاعبي ومدربي البطولة.. "ضرورة" ومفاوضات ماراثونية

أمينة مودن

مع تواصل تجميد الأنشطة الكروية بالمغرب، بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا، فتحت الجامعة الملكية لكرة القدم نقاش خفض رواتب اللاعبين، في اجتماعها الأول منذ توقيف المنافسات منتصف مارس الماضي، بعد التوصل بمراسلة من "الفيفا" تؤكد إمكانية تقليص كتلة الأجور، الخاصة بالعناصر الكروية والمدربين.

جامعة الكرة أعطت الضوء الأخضر للجنة تضم ممثلين العصبة الاحترافية، واتحاد اللاعبين وودادية المدربين، بالإضافة إلى خبراء بالحسابات لمساعدة أعضائها على وضع تصور وتحديد نسبة تقليص كتلة الأجور بما فيها منح توقيع اللاعبين، بعد تعليق أنشطة البطولة الاحترافية، وتمديد فترة الطوارئ الصحية إلى غاية 10 يونيو المقبل.

بالرغم من أن جامعة الكرة أعطت نموذج تقليص الأجور بالإعلان عن خفض رواتب الأطر بإدارتها التقنية بنسبة تتراوح ما بين 20% و50%، بالإضافة إلى توافق مع وحيد حاليلوزيتش، مدرب المنتخب الوطني الأول، لاقتطاع نسبة من راتبه الشهري، إلا أن مفاوضات اللجنة، ومنذ 7 ماي الجاري، مازالت مستمرة للوصول إلى مقترح نهائي، يتم وضعه بين يدي رئيس الجهاز الكروي المحلي فوزي لقجع للتأشير عليه.

وانقسم أعضاء اللجنة المحدثة من طرف الجامعة، منذ أولى اجتماعاتهم عبر الفيديو، بين مؤيد لتطبيق خفض كتلة الرواتب، وآخرين اقترحوا الاكتفاء بالأجور الشهرية، مع  ضرورة تحديد مدة التقليص، وهي الخطوة التي سبقت إليها اتحادات كروية بأوروبا. وتطلب منها الأمر أسابيع من المفاوضات والجدل، قبل إغلاق الملف والتوافق بخصوص الخطوة التي فرضتها الأزمة المالية على الأندية.

فهل ستحسم اللجنة في نسب الاقتطاعات التي يمكن للأندية تطبيقها بفترة الأزمة، قبل الكشف عن مستقبل البطولة الوطنية الاحترافية، الذي أصبح بين يدي الجهات الحكومية؟ أم أن تأخر المفاوضات وجمع وجهات نظر اللاعبين والمدربين سيتطلب مزيدا من الوقت، بعد أن ظهرت انقسامات داخل فرق عديدة، حاولت فتح النقاش بشأن نسبة التخفيض وموعد تطبيقها؟

السكتاني: صرفنا رواتب اللاعبين بشكل عادي

أكد نزار السكتاني، رئيس نادي أولمبيك خريبكة والعضو الجامعي، أن خفض كتلة أجور ومدربي البطولة الاحترافية أصبح ضرورة حتمية، بفعل تضرر جميع القطاعات بالمملكة من تبعات وباء "كورونا"، وليس فقط القطاع الكروي الذي جمد أنشطته لشهرين تقريبا.

السكتاني أوضح، في حديث مع "تيلكيل عربي"، أن الوباء أثر بشكل مباشر على جميع القطاعات الحيوية بالمغرب والعالم، ودفع برئيس جامعة الكرة إلى الإعلان عن تكوين لجنة، يشرف عليها سعيد الناصيري، رئيس العصبة الاحترافية، لمناقشة الجانب الخاص بتقليص الرواتب، بفعل الأزمة التي تعيشها الأندية، وذلك بعد الاطلاع على مراسلة "الفيفا" التي عممتها على جميع الاتحادات المحلية.

المتحدث ذاته تابع: "أول ضحايا الوباء كان اقتصاد المملكة، وتم اتخاذ تدابير والإعلان عن استراتيجيات عديدة، لهذا، بالتأكيد، ستكون كرة القدم، بدورها، معنية بهذه التغييرات التي فرضها الوضع الدولي".

وعودة إلى الموقف الرسمي لناديه من خفض الرواتب، شدد الرئيس على أن "الأوصيكا" لم يصرح سابقا بأنه  أجور لاعبيه لن يطالها التقليص مستقبلا، مشيرا  إلى  أن فريقه سينتظر ما ستخرج به اللجنة من قرارات، للسير على توجهاتها بالفترة المقبلة.

السكتاني كشف أن النادي أوفى بجميع التزاماته بخصوص الشق المالي، وظل يُسدد أجور اللاعبين طيلة فترة توقف البطولة خلال الفترة الأخيرة، في انتظار التوصل بالكلمة الأخيرة للجنة التي تم تشكيلها على ضوء آخر لقاء للمكتب المديري، لاعتبارات؛ أولها تضرر "الأولمبيك" ماديا من تداعيات الوضع الوبائي الحالي، والتي قد تمتد خلال الموسم الكروي المقبل أيضا.

ولعل أبرز القرارات التي ساهمت بالفترة الأخيرة في الاستقرار المادي للفريق حسب المتحدث ذاته، تسديد الديون المتراكمة، لكن الأمر لا يعني أن النادي لن يتضرر كباقي القطاعات من الأزمة التي تسبب فيها الفيروس، يوضح.

ورداً على سؤال "تيلكيل عربي" بخصوص فتح نقاش مع اللاعبين ومكونات النادي لشرح الظروف الحالية التي تمر منها البطولة، قال نزار السكتاني: "الإدارة لم تقم بهذه الخطوة، ولم تبادر، لأن الفريق لا يوجد في وضعية متقدمة ومريحة بسبورة الترتيب، لمناقشة الوضع، لكن، تقدمت للعصبة بمبادرة من هذا القبيل وقدمت توجها لنا كأندية. سيكون الأمر أفضل بكثير".

الحداوي: تقليص الأجور فرضته وضعية الأندية

مصطفى الحداوي، الدولي المغربي السابق، ورئيس اتحاد اللاعبين المحترفين، الذي تم تكليفه بفتح مفاوضات مع اللاعبين بخصوص خفض الأجور وجمع وجهات نظرهم، أوضح، لـ"تيلكيل عربي"، أن وضعية الأندية والأزمة المالية التي تخيم على القطاع الكروي منذ تجميد المسابقات، فرض اللجوء إلى مناقشة الخطوة، والعمل على وضع توجه لتنزيلها بشكل مرن.

وأكد الحداوي أن التواصل مع اللاعبين، كان بهدف شرح الوضعية التي تمر منها الأندية، وأخذ رأيهم بشأن كيفية تدبير الاقتطاعات المقبلة من مداخيلهم، بسبب أزمة "كورونا"، وتعليق المباريات حتى إشعار جديد.

المتحدث ذاته اعتذر عن تقديم معطيات إضافية بشأن النسب التقريبية التي يمكن تطبيقها بالبطولة الاحترافية، بعد أن عمدت جامعة الكرة إلى عدم تجاوز عتبة 50%، بالنسبة للتعويضات الخاصة بالأطر التقنية التي خفضتها بداية من شهر ماي الجاري، بالتوافق.

وكان للحداوي حديث عن تجارب الأندية العالمية التي لجأت إلى خفض الأجور منذ أسابيع، قائلا: "إن رأينا حولنا، فجميع الفرق فتحت مفاوضات لتقليص الرواتب منذ بدأ النقاش داخل الفيفا عن الموضوع، هذا ما نريد أن يكون بالبطولة الاحترافية، لأن التضحيات ضرورية لنتجاوز جميعاً تبعات الأزمة وتعود الحياة إلى طبيعتها قريبا".

من جهة أخرى، انطلق شوط من المفاوضات يهم المدربين أيضا المعنيين بتقليص أجورهم، بعد تعطيل البطولة، حيث تم تكليف ممثلين عن الودادية بالتواصل مع الجميع، قبل تقديم تصور نهائي لأعضاء اللجنة، الذين يشتغلون على صيغة التخفيض الموحدة، والتي سيكون للأندية اختيارية اتباعها، في الفترة المقبلة التي تعرف ركودا كرويا.

رزقي: تقليص الرواتب يجب أن يكون حسب إمكانيات الأندية

محمد رزقي، رئيس الاتحاد الوطني للوكلاء الرياضي، كان له رأي آخر بخصوص خفض أجور اللاعبين بالبطولة، إذ قال، لـ"تيلكيل عربي"، إن تطبيق الإجراء بالمغرب، يجب أن يكون متماشيا مع خصوصية وإمكانيات كل فريق على حدة.

وشرح: "يبقى من الصعب تحديد نسبة ثابتة لتخفيض الرواتب، لأن إمكانيات وميزانيات الأندية متباينة جداً في المغرب. وأعتقد أن على المسؤولين  الانتباه إلى الأمر، وفي حال ما توافقوا على هذا القرار، يجب معاملة كل ناد على حدة، بناء على مداخيله، وأيضا رواتب لاعبيه، فمن غير المنطقي تحديد سقف محدد للاقتطاع أو التخفيض بالنسبة لجميع اللاعبين، حتى الشبان منهم أو أولئك الذين توفقوا حديثا في توقيع عقد احترافي بالدرجة الأولى، بقيمة مالية منخفضة مقارنة مع الأسماء الباقية".

كما شدد الوسيط الرياضي على أن التشاور واحترام خصوصية الدوري أمر ضروري بين جميع الفاعلين، من أندية ولاعبين وأيضا ممثلين عنهم، من أجل السير نحو توجه خفض الرواتب، وتفعليه.

وكان موقف "الفيفا" من تخفيض الرواتب خلال فترة الطوارئ الصحية التي يمر منها العالم واضحا، حسب المتحدث ذاته، مبرزاً  أن "الفيفا" في أخر مراسلة لأشار إلى ضرورة وجود توافق بين الأندية واللاعبين والمدربين، قبل  تحديد نسبة التقليص، وإن تم الاعتراض عليها، فلا تملك الفرق أي سلطة لفرضها بشكل أحادي.

إقناع اللاعبين بالاقتطاعات مهمة ليست سهلة!

بالرغم من موافقة لاعبي فريق الرجاء الرياضي مبدئيا على المس برواتبهم وتقليصها بسبب تداعيات الأزمة، إلا أن النقاش بين ممثلي الإدارة والعناصر الكروية، بخصوص طريقة تطبيق خفض الأجور، عاد ليقسم الآراء، ويوقف مؤقتا المفاوضات بين الطرفين.

وحسب مصادر رجاوية، فإن الخلاف الذي أوقف المفاوضات مع اللاعبين، كان متعلقا بمنح التوقيع، حيث أعلنت عناصر كروية رفضها التام للاقتطاع منها، بسبب التزامات اجتماعية، خصوصا وأن معظم الفريق  ليس لديه مداخيل أخرى ما عدا التي يجنيها حاليا من ممارسة كرة القدم.

انقسام لاعبي الرجاء الرياضي بخصوص كيفية تطبيق خفض الأجور، لم يكن الوحيد في البطولة، بعد أن كشف مصدر من فريق حسنية أكادير لـ"تيلكيل عربي" أن محاولات الإدارة  لنقل موقفها بشأن تقليص الرواتب باء بالفشل، رغم الاتصالات مع العميد ياسين الرامي والحارس عبد الرحمان الحواصلي للوساطة.

المعلومات التي توصل بها "تيلكيل عربي" أكدت أن الثنائي الذي تم تكليفه بإقناع باقي اللاعبين بتقليص الأجور، بدوره اعتذر عن المهمة، وأكد لإدارة الفريق السوسي أن الرواتب التي تتقاضها جل العناصر الكروية هزيلة، مقارنة مع أندية أخرى، ولا تقبل أي اقتطاعات.

وستكون مهمة الأندية صعبة بالفترة المقبلة، بعد الإفراج عن مقترحات اللجنة التي تم إحداثها من طرف جامعة الكرة، للوصول إلى صيغة ودية، خصوصا بالنسبة للأندية التي يعتمد لاعبوها على منح المباريات ورواتبهم قد لا تتجاوز عتبة الـ7000 درهم في أحسن الأحوال.