رئيس النيابة العامة يعرض تفاصيل اتفاقية جديدة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

أحمد مدياني

صور: رشيد التنيوني

قدم مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، تفاصيل وأهداف إتفاقية الشراكة والتعاون التي تم توقيعها بين رئاسة النيابة العامة والهيأة الوطنية للمعلومات المالية.

وقال الداكي إن هذه الاتفاقية تأتي "في إطار تقوية وتعزيز آلية التنسيق التي تهم تدبير الأبحاث القضائية في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية. كما تعد طفرة أخرى لمسار جديد من التعاون والتنسيق بين رئاسة النيابة العامة والهيأة الوطنية للمعلومات المالية والذي يشكل في واقع الأمر استمرارا للعمل الجاد والمثمر القائم بين المؤسستين منذ إحداث مؤسسة رئاسة النيابة العامة".

الكشف والرصد

وأوضح رئيس النيابة العامة، أن "تطور ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وما يترتب عنها من مخاطر جسيمة على أمن واستقرار الدول فضلا عن خاصيته العابرة للحدود وطبيعته المعقدة التي يصعب كشفها، يستدعي تعزيز سبل التعاون بين كافة الفاعلين والمعنيين بهذه القضايا بما فيها أجهزة إنفاذ القانون وهيآت الرقابة وغيرها".

وأشار إلى أن "المغرب يعرف اليوم مواكبة دقيقة من قبل فريق المراجعة التابع لمجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط للوقوف على مدى التقدم الحاصل على مستوى تنزيل بنود خطة العمل الموضوعة من طرفه في هذا الإطار خاصة ما يتعلق بتعزيز آليات التنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة الفاعلة في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى الوطني".

قضية دولة ومجتمع

في هذا السياق استحضر الداكي في كلمته توجيهات الملك محمد السادس الذي ما فتئ يؤكد على ضرورة محاربة كافة أشكال الفساد على اختلاف مظاهرها ومنابعها لما لها من بالغ الأثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث جاء في خطابه السامي الذي وجهه الى الامة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش: "فمحاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع: الدولة بمؤسساتها، من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وتجريم كل مظاهرها، والضر ب بقوة على أيدي المفسدين... المجتمع بكل مكوناته، من خلال رفضها، وفضح ممارسيها، والتربية على الابتعاد عنها، مع استحضار مبادئ ديننا الحنيف، والقيم المغربية الأصيلة، القائمة على العفة والنزاهة والكرامة." انتهى النطق الملكي السامي".

دور الريادة العامة

وأورد الداكي أن "رئاسة النيابة انخرطت في الاستراتيجية الوطنية المخصصة لمكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير سواء على المستوى الوطني من خلال الحرص على سرعة وفعالية الأبحاث التمهيدية والمساعدة في تجهيز الملفات لتقليص أمد البت في الدعوى العمومية، أو على المستوى الدولي من خلال تفعيل إجراءات التعاون الدولي وتفعيل المعايير الدولية وعلى رأسها توصيات مجموعة العمل المالي بمناسبة إدارة الأبحاث التمهيدية وجمع وسائل الإثبات وتحريك المتابعات".

كما "تم توجيه دوريتين إلى النيابات العامة من أجل التوجيه والتحسيس ووضع مؤشرات لقياس الأداء بما يتناسب مع المخاطر، بالإضافة إلى وضع نظام معلوماتي خاص بقضايا غسل الأموال على مستوى المحاكم الابتدائية بالرباط، مراكش، الدار البيضاء وفاس ومحاكم الاستئناف لهذه المدن ذات الإختصاص مكانيا، فضلا عن وضع تطبيقية معلوماتية خاصة بإجراءات التعاون الدولي على مستوى رئاسة النيابة العامة وإعداد دليل إرشادي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعقب الأموال ذات الصلة وحجزها".

تعزيز الاتفاقية ونظام خدمة "GOmail"

وجاء في كلمة رئيس النيابة العامة أنه "مما لا شك فيه أن هذه الاتفاقية فضلا عن الاتفاقيات التي سبق وأن تم توقيعها بين هذه الرئاسة وبنك المغرب، وكذا الهيأة المغربية لسوق الرساميل، ومجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي تصب جميعها في محاربة كافة أشكال الإجرام التي تمس النظام المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، من شأنها أن تشكل خطوات فعالة وملموسة سيكون لها بالغ الأثر على تقييم بلادنا وسوف تكون عاملا مهما مساعدا للخروج من عملية المتابعة المعززة".

وأوضح أنه "في إطار تعزيز آليات التنسيق والتواصل بين رئاسة النيابة العامة والهيأة الوطنية للمعلومات المالية بخصوص طلب المعلومات بمناسبة الأبحاث المتعلقة بالجرائم الأصلية وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومن أجل تمكين النيابات العامة من الإستفادة من خدمة (GOmail) وهي نظام معلوماتي تتوفر عليها الهيأة الوطنية للمعلومات المالية والتي تسمح بالتبادل الفوري والآمن للمراسلات، فقد بادرت رئاسة النيابة العامة إلى تعيين قضاة للنيابة العامة على صعيد جميع المحاكم بالمملكة للحرص على تبادل  المعلومات والوثائق اللازمة خلال وقت سريع وبشكل آمن مما سيمكن من استثمار هذه المعطيات والمعلومات في الأبحاث القضائية المفتوحة في مواجهة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب فضلا عن تسريع وتيرة هذه الابحاث، ومن جهة أخرى سوف تمكن هذه الخدمة من تفعيل آلية التغذية العكسية التي تتمثل في إحالة الخلاصات والنتائج المتحصل عليها من قبل النيابة العامة خلال الأبحاث القضائية على الهيأة مما سوف يساهم في إغناء قاعدة بياناتها ويمكنها من إجراء تحليلاتها المالية للوقوف على بعض الانماط الجديدة لغسل الاموال وتمويل الإرهاب".

في هذا السياق، أشار الداكي إلى "الدور المحوري الذي تلعبه الهيئة الوطنية للمعلومات المالية داخل المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالنظر إلى المهام القانونية والتنظيمية المنوطة بها في مجال معالجة الملفات المرتبطة بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، فالهيئة من خلال الصلاحيات التي يخولها لها القانون يمكن أن تتخذ كافة التدابير اللازمة التي تمكنها من تجميع وتكوين قاعدة بيانات خلال جميع مراحل معالجة الملفات التي تتلقاها، تضم معلومات مالية مهمة من شأن تسهيل تبادلها أن يمكن أجهزة إنفاذ القانون من استثمارها خلال إجراء الأبحاث القضائية وتجميع المعلومات والمعطيات والكشف عن المتحصلات المالية للمتورطين في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية".

وختم رئيس النيابة كلمته بالقول: "مهما كانت الجهود الفردية المبذولة فإن التعاون والتنسيق بين جميع الفاعلين في المنظومة الوطنية يبقى هو السبيل الأمثل للحد من جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب كما أن هذه الشراكات سوف تفتح آفاقا واعدة للممارسين في تطوير مهاراتهم والاطلاع على الممارسات الفضلى من خلال الدورات التكوينية والتأطيرية التي يتم تنظيمها في هذا الإطار".