كاميرات مراقبة أكثر فعالية وأقل كلفة من البشر.. لكنها لاتحترم الخصوصية

تيل كيل عربي

تكنولوجيا متطورة ، تستعمل في المطارات والقطارات وعلى سيارات الشرطة وفي المتاجر، وتسمح بالتعرف على الوجوه، وما يوجد داخل السيارات، وترسل إشارات إلى الحراس بمجرد وقوع سرقة أو سطو.

أ.ف.ب

تستعد الشرطة في ولاية ديلاوير الأميركية لتزويد سيارات دورياتها بكاميرات "ذكية" لرصد آليات تنقل فارا من العدالة أو طفلا مفقودا أو متقدما في السن مشوش الذهن، لكنها تثير قلق الناشطين الحقوقيين من إساءة استغلال بياناتها.

سيسهم الذكاء الاصطناعي في تحليل تسجيلات الفيديو للتعرف إلى الآليات بلوحات التسجيل أو سمات أخرى، وسيزود عناصر الدورية "بعينين إضافيتين"، على ما أفاد ديفيد هينوجوسا من شركة كوبان تكنولوجيز التي توفر هذه الأجهزة.
وتابع "إننا نساعد الشرطيين في إبقاء تركيزهم على عملهم"، معتبرا هذه التكنولوجيا بمثابة "كاميرات أمامية ذات عضلات".ويندرج هذا البرنامج ضمن توجه متزايد لاستخدام الذكاء الاصطناعي البصري لمكافحة الجريمة وتحسين السلامة العامة، لكنه يثير مخاوف ناشطي الحقوق المدنية والمدافعين عن الخصوصية الذين يخشون من إتاحة هذه التكنولوجيا سوء استغلال البيانات.
وتستخدم شركة "ديب ساينس" الناشئة الاميركية التكنولوجيا نفسها لمساعدة متاجر البيع بالتجزئة في رصد أي محاولة سطو بشكل آني عبر كشف وجود أسلحة أو مهاجمين مقنعين.
وتقود "ديب ساينس" مشاريع تجريبية مع عدد من متاجر التجزئة الأميركية تجيز إطلاق صفارات الإنذار تلقائيا عند السطو أو الحرائق او غيرها من المخاطر.
وتوفر هذه التكنولوجيا مراقبة أكثر فعالية للمخاطر بكلفة أدنى من الحراس البشريين، كما أكد أحد الشركاء المؤسسين لـ"ديب ساينس" شون هافر، المهندس السابق لدى "وكالة مشاريع الابحاث المتقدمة للدفاع" التي تتولى الابحاث لصالح البنتاغون.
وقال ان "المشكلة الشائعة تكمن في أن الحراس البشريين يصيبهم الملل".
واستندت التحليلات التنبؤية حتى فترة ليست ببعيدة، إلى إدخال أرقام وبيانات أخرى لتأويل التوجهات. لكن الابتكارات المنجزة على مستوى التعرف البصري باتت حاليا مستخدمة لرصد أسلحة نارية او آليات أو أفراد معينين لمساعدة قوى الأمن والأمن الخاص.
ويتولى سوراب جايين إدارة المنتجات في شركة "انفيديا" لرسوم الكمبيوتر التي تصنع الشرائح المتخصصة لهذا الغرض وعقدت مؤخرا مؤتمرا في واشنطن لشركائها في قطاع التكنولوجيا.
وأفاد جايين ان التقنيات البصرية الحاسوبية نفسها تستخدم في السيارات الذاتية القيادة والطائرات بلا طيار وغيرها من الأنظمة الذاتية التشغيل، في سبيل التعرف الى البيئة المحيطة وتأويلها.
ويستعين حوالى 50 شريكا لـ"انفيديا" بوحدتها للحوسبة الفائقة المسماة "جتسون" أو برمجيتها "متروبوليس" من أجل ضمان الأمن أو في تطبيقات مماثلة بحسب جايين.
بين تلك الشركات، طورت شركة امبو كمبيوتر فيجن في كاليفورنيا نظاما للمراقبة معززا بالذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه في المدارس والفنادق وغيرها لتحليل تسجيل الفيديو وإجراء رصد آني لأي اقتحام او تهديد ثم إرسال انذار إلى كمبيوتر حارس أمني أو هاتفه. كما تستخدم شركة بريفكام الإسرائيلية الناشئة تكنولوجيا مماثلة لتأويل تسجيلات كاميرات المراقبة.
وأوضح المدير العام لبريفكام اميت غافيش أن "الفيديو غير مهيكل ولا يمكن البحث فيه"، معتبرا أنه لولا الذكاء الاصطناعي "لكنت مضطرا إلى مشاهدة مئات الساعات من الفيديو بالتقديم والترجيع السريع". وتابع "نحن نرصد ونتتبع ونستخرج ونصنف كل جسم في الفيديو، ونحوله بالتالي إلى قاعدة بيانات".
ويتيح ذلك للمحققين العثور بسرعة على أهدافهم في تسجيلات مراقبة الفيديو، في نظام تستخدمه القوى الأمنية في مئات المدن حول العالم ومنها باريس وبوسطن وشيكاغو، بحسب غافيش.
وأضاف ان هذه التقنية "لا تجيز توفير الوقت فحسب. ففي حالات كثيرة يتعذر العمل بسبب فقدان الشخص الذي يشاهد الفيديو فعاليته بعد 10 أو 20 دقيقة".
وتستخدم شركة "فيجن لابز" التي تتخذ مقرا في روسيا تكنولوجيا "انفيديا" في أنظمة التعرف على الوجوه التي تتيح رصد لصوص المتاجر او الزبائن المشبوهين في الكازينوهات أو غيرها، على سبيل المثال.
وقال مدير المشاريع في "فيجن لابز" فاديم كيليمنيشنكو ان الشركة تتعاون مع قوى الأمن ومع زبائن تجاريين في روسيا. وأضاف "يمكننا نشر هذه التقنية في أي مكان ".
وتتعاون "فيجن لابز" بين زبائنها مع مصارف تريد التصدي للاحتيال وتستعين بالتعرف على الوجوه لرصد أي شخص قد يستخدم هوية زائفة، بحسب كيليمنيشنكو.

تهديد الخصوصية
لكن مارك روتنبرغ رئيس مركز المعلومات عن الخصوصية الالكترونية اعتبر ان هذه التكنولوجيات تضاعف التهديد للخصوصية وتتطلب تدقيقا رقابيا لكيفية تخزين البيانات وتطبيقها.
وقال إن "عددا من هذه التقنيات قد يوفر المساعدة. لكن تصميم أنظمة لالتقاط الهوية وإصدار قرارات استنادا إلى بيانات شخصية يثير اشكاليات هائلة على مستوى الخصوصية". وأوضح أن "هذا ما يطرح اشكاليات التنميط السري والانحياز والدقة في الموضوع".
كما اعتبر روتنبرغ أن الاستعانة بأنظمة الذكاء الاصطناعي في العدالة الجنائية يتطلب تدقيقا صارما لضمان وجود الإجراءات الوقائية والشفافية القانونية.
وكتبت شيلي كريمر من "فيوتشوروم للابحاث" في مدونة في وقت سابق من العام الجاري إن الذكاء الاصطناعي يكتنز وعودا كبرى في مجال الأمن سواء كان للمراقبة أو مسح شبكات التواصل لرصد التهديدات أو استخدام "بوتات" (برامج تنفذ أعمالا تلقائية على الأنترنت) بمثابة أجهزة لكشف الكذب.
وتابعت "لكن كل هذه البوادر المشجعة تأتي مرفقة بمجموعة كبرى من المخاطر والمسؤوليات".