متاعب عائلة "المالح" لا تنتهي.. تبييض أموال المخدرات بين المغرب وفرنسا وسويسرا

موسى متروف

انطلق القضاء الفرنسي، انطلاقا من يوم الاثنين 17 شتنبر، في النظر في القضية المعروفة بـ"فيروس" حول تبيض أموال المخدرات بين المغرب وفرنسا، التي يحاكم فيها 72 شخصا.

المثير أن أصل المشكل، وهي شبكة أساسها عناصر من عائلة "المالح" اليهودية ذات الأصول المغربية، تم اكتشافه في خريف 2012، وصدرت أحكام في سويسرا، لكن القضاء الفرنسي يقول إنه يتوفر على عناصر جديدة يمكن أن تدفع بمحاكمة الإخوة "المالح" بباريس، وليس إعادة محاكمتهم حول نفس ما نسب إليهم في جنيف وهو ما يتناقض مع مبادئ القانون...

البداية من "جامع الشلوح"

"ماردوشي"، "مايير"، "نسيم"، "ألبير"، "افريحة" المالح، خمسة إخوة من أسرة تتكون من 7 إخوة من اليهود المغاربة، الذين وُلدوا كلهم في زنقة "جامع الشلوح" بالدار البيضاء، من الأب "سيمون" الذي فقد عينا وهو يصنع أكياسا، والأم "سيمي"، التي كانت تعمل في "ألو المغرب" (Alu Maroc)، متورطون في شبكة دولية لتبييض الأموال، وخصوصا أموال المخدرات، بين المغرب والمنطقة الباريسية في فرنسا ومنطقة جنيف بسويسرا.

وقبل أن يتم اكتشاف بسنوات عديدة، أكياس من الأموال لدى "مادوشي"، 56 سنة، والتي بينت التحاليل المخبرية أن حوالي 100 ألف أورو (أكثر من 100 مليون سنتيم مغربي) منها تتفاعل إيجابا مع الكوكايين والهيرويين والقنب الهندي (الكيف)، ويفتضح أمر "تصريف" أموال المخدرات في المنطقة الباريسية، وتنزل هذه الأسرة إلى الحضيض، كالذي عاشته في بدايتها بالعاصمة الاقتصادية للمملكة الشريفة، حيث كان الإخوة يتبادلون "صندلا" بلاستيكيا فيما بينهم، كما حكى أحدهم لمجلة مغربية، كان "مايير المالح"، 54 سنة، قد وقع على بداية صعوده في سويرا بعدما وقع على عقد زواج مع "كارول"، ابنة "إرنست ساسون" الذي أسّس، سنة 1979، شركة لتدبير الثروة تحمل اسم "GPF"، وهي التي ستصبح مؤسسة رائدة في تدبير أموال التهرب الضريبي...

وكان "مايير" قد تم تشغيله من طرف صهره سنة 1989، ليصعد سلالم "GPF" بسرعة البرق، وتحت إشراف صهره اكتشف طرق التهرب الضريبي عبر الملاذات الضريبية والشركات الوهمية... وبعد عشرين عاما من العمل في الشركة، وجد "مايير" نفسه يقود شركة "GPF" بعد مرض صهره، الذي أسلم الروح لبارئها بعد سبع سنوات من ذلك.

الصراف "سيمون بيريز"

بعد أن تولى "مايير" زمام الأمور في الشركة، حوّلها إلى مؤسسة لتبييض أموال المخدرات، معتمدا في ذلك على 350 مؤسسة تم تأسيسها في بانما بمساعدة مكتب "موساك فونسيكا" (الذي نشر اسمه على نطاق واسع في أوراق بانما). واعتمد في كل هذا على من سيقوم بدور "الصرّاف" (البنكي الذي لا يتورع في القيام بأعمال غير قانونية والذي يساعد على تهريب الأموال إلى الخارج أو إدخالها إلى البلاد)، وهو صديق طفولته "سيمون بيريز"، 52 سنة، الذي يتاجر في محل متواضع لأجزاء السيارات بالدار البيضاء.

وكان "بيريز" هذا قد طوّر شبكة من "جامعي" الأموال في المنطقة الباريسية، الذين يشتغلون تحت أوامر "صرافين" في العاصمة الفرنسية، حيث يتم تجميع مئات الآلاف من الأوروهات من مروجي المخدرات، قبل تسليمها لشبكات "المبيّضين"، وبينهم الشبكة التي يديرها "مايير المالح" من مكتبه في جنيف، والذي يتوفر على "زبائن" من "أعيان" عاصمة الأنوار، وهم رجال أعمال وأعمال حرة وأغنياء متقاعدين، بل منهم منتخبة من "الخُضر" وهي فلورانس لامبلان، نائبة عمدة المقاطعة الثالثة عشرة في باريس!

كان دور "ماردوشي"، الأخ الأكبر لـ"مايير"، هو تسليم هؤلاء "الزبائن" أكياسا من الأموال، رغم أنهم يتوفرون على حسابات عائلية في سويسرا، ولكن من أجل سهولة التصرف في "الكاش".

وحينما كان "مايير" يجد نفسه مشغولا، يقوم مقامه شقيقه الأصغر "نسيم"، 44 سنة، وهو بنكي في "HSBC Private Bank" في جنيف، والذي لا يسيّر فرعه لمنطقة المتوسط وإسرائيل سوى شقيقهما الأكبر "جودا"، 59 سنة، كما كان يعتمد أيضا على شقيقه "ماردوشي" بالنسبة لبعض زبناء "HSBC"!

تبدو شخصية "ماردوشي" هامشية لكنها تبقى محورية، فهو إلى حين اعتقاله في أكتوبر 2012، كان قد جمع، في عشرة أشهر فقط، 6,6 ملايين أورو (أكثر من 7 ملايير من السنتيمات المغربية)، كما بينت مذكرة حساباته. وكان يكدس الأموال في "خزنة حديدية" كانت تكتريها شقيقته "افريحة"، التي كانت تريد أن ترد بعض الفضل لأشقائها. فـ"مايير" و"نسيم" و"جودا"، الأكثر "ثراء" في الأسرة كانوا يساعدون "ماردوشي" و"افريحة" وشقيقهم الآخر "حنانيا"، ثم إن الشقة التي كانت تقيم فيها "افريحة" في ملكية "نسيم" ومشروع مطعم لزوجها كان سيموله "مايير". وهذا الأخير يتوفر على شركة للميكانيك "ATV" تشغّل "حنانيا" و"ماردوشي"، وشركة أخرى تعود إليه في الدار البيضاء تحمل اسم "Energy Drink" يسيروها "ألبير"، ثاني الإخوة، الذي يقيم في "فيلا" تعود لشقيقه "مايير" الذي يملك أيضا عمارة من 800 متر مربع بالعاصمة الاقتصادية للمملكة....

نهاية مرحلة

في يوم 10 أكتوبر 2012، وضع رجال الشرطة السويسريون نقطة النهاية لـ"قصة نجاح" أسرة "المالح"، فقد تم اعتقال "مايير" و"نسيم" بجنيف، اللذين اعترفا بما نسب إليهما، وبعد 6 دقائق (كذا) من المحاكمة، تمت إدانة الأول بثلاث سنوات سجنا، بينها 6 أشهر موقوفة التنفيذ، والثاني حكم عليه بعامين سجنا موقوفي التنفيذ.

ولم تنته المتاعب القضائية للإخوان "المالح"، فقد طالبت النيابة الوطنية المالية بمتابعة "جودا"، العضو السابق للجنة قيادة "HSBC" جنيف. والقصة لم تنته بعد، خصوصا أنها بدأت لتوها في فرنسا...