موعد محاكمة الزفزافي يقترب وسط إحباط هيأة الدفاع

ناصر الزفزافي
امحمد خيي

أيام قليلة فقط تفصل ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، و32 من النشطاء المتهمين معه، عن المثول أمام هيأة الجنايات التلبسية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في أول جلسات محاكمته، إذ أعلن حكيم الوردي، نائب الوكيل العام للملك، ليلة أمس (الثلاثاء)، أن النيابة العامة توصلت لملفه من غرفة المشورة، ولم يبقى سوى أن يحيله الوكيل العام على هيأة الحكم، وتحديد تاريخ أو جلسة واستدعاء الأطراف.

وكشف نائب الوكيل العام ذلك، لمناسبة تقدمه بملتمس، أثناء انطلاق جلسة محاكمة الصحافي حميد المهداوي، بتأخير الملف لضمه إلى ملف مجموعة ناصر الزفزافي، وهو ما جعل عدد من أعضاء هيأة الدفاع عن معتقلي الحراك، يرجحون، في حديث مع "تيلكيل عربي"، أن يقع اختيار النيابة العامة على تاريخ 24 أكتوبر الجاري، أي اليوم نفسه المرتقب أن تجري فيه جلسة مواصلة الترافع ضد ملتمس النيابة العامة في ملف المهداوي، والجلسة الرابعة من محاكمة مجموعة نبيل أحمجيق من معتقلي حراك الريف.

ويأتي الإعلان عن خروج ملف الزفزافي ومن معه من غرفة المشورة التي لجأ إليها الوكيل العام ضد قرارات قاضي التحقيق التفصيلي، بشأن التهم النهائية التي وجهها للمتهمين، فأيدت الغرفة مطالب الوكيل العام، (يأتي) وسط "إحباط" عدد من أعضاء هيأة الدفاع بسبب الرفض الذي تبديه هيأة الحكم أمام دفوعاتهم الشكلية في ملفي مجموعة أحمجيق والمهدوي، ووسط "يقينهم" بأن ملفات المعتقلين تظل "سياسة وحلها لن يكون إلا سياسيا".

وعبر بعض أعضاء هيأة الدفاع عن تلك القناعات في الجلسة الثالثة من محاكمة مجموعة نبيل أحمجيق، أمس (الثلاثاء)، إذ لم يتردد أنور البلوقي، أحد المحامين الذين واكبوا مجريات الملفات منذ فترة وجود المعتقلين في الحراسة النظرية لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في القول خلال مرافعة له حول السراح المؤقت لرفاق أحمجيق، إن المحامين في الملف "لا يترافعون فقط في القضية، إنما يعتنقونها، علما أن مدخلات الملف منذ البداية كانت سياسية ومخرجاته لن تكون إلا كذلك".

ولم يختلف الوضع عند محمد زيان، النقيب سابقا محامي ناصر الزفزافي، إذ قال صبيحة أمس (الثلاثاء)، قبيل دخوله إلى قاعة الجلسات حيث انعقدت جلسة محاكمة نبيل أحمجيق ومن معه، في حديث مع وسائل الإعلام، إن "هذه المحاكمة تأخذ وقتا طويلا وستتسبب بحالة من التوتر، وهو ما لسنا في حاجة إليه، وأعرب عن أملي في تدخل الملك محمد السادس لحل الأزمة".

وزكى محمد زيان موقفه من أن الحل يوجد خارج قاعة الجلسات، بأن قام بحلول منتصف الليل حيث كان يترافع في ملف الصحافي حميد المهداوي، بالتوجه إلى كاميرات تسجيل مجريات الجلسة وبثها في شاشات بالقاعة، وتوجيه خطاب قاس إلى شخص مجهول، يعتقد محمد زيان أنه يوجد وراء تلك "الكاميرات" ويعاين كل ما يجري في قاعة الجلسات، بـأن قال "الآن أعرف سبب وجود هذه الكاميرات"، ثم وقف أمام إحداها ووجه الخطاب "ماغاديش نلعبو معاكم"، ثم انسحب من القاعة.

وفيما عبرت الناشطة الحقوقية والمحامية خديجة الروكاني، على نحو مباشر، عن إحباط أعضاء الدفاع، بأن صرخت في إحدى اللحظات من جلسة محاكمة مجموعة نبيل أحمجيق قائلة "إننا كدفاع صرنا نشعر بالإحباط"، لم تتردد زميلتها أسماء الوديع، التي أقنعت في وقت سابق المعتقل ربيع الأبلق برفع إضرابه عن الطعام، في القول أمام الجميع "لقد خذلت وتعرضت لمؤامرة لكسر الثقة بيني وموكلي، إذ لم يف مسؤول كبير التقيته بالرباط بوعده بإطلاق سراح ربيع الأبلق مقابل إضرابه عن الطعام، علما أنني أقنعته برفعه بناء على ذلك الوعد".

وبينما رفضت المتحدثة ذاتها أن تدلي لـ"تيلكيل عربي" بتفاصيل أكثر حول هوية المسؤول الذي طلبت منه السراح المؤقت بعيدا عن بناية محكمة الدار البيضاء، كثيرا ما بررت مرافعات الدفاع عن إحباطها، برفض المحكمة تغليب الجانب الاجتماعي والإنساني على الأقل، والتمييز بين المعتقلين، إذ ترفض طلبات السراح المؤقت حتى عن الذين يتابعون منهم بجنح، كما لا تكشف النيابة العامة مصير عدد من الشكايات المتعلقة بإساءة معاملة المعتقلين.

ومن المؤشرات السلبية التي كررت مرافعات الدفاع ذكرها في جلسة أمس (الثلاثاء)، كذلك ما يعتبره المحامون "الشروع في إعدادا الرأي العام الوطني لتقبل أحكام ظالمة، من خلال صدور قرار يسمح للقنوات العمومية بإنجاز تقارير في النشرات عن المحاكمة، لا تبدو حيادية".

وفي مقابل إصرار بعض المحامين على أن الملف سياسي، وكثيرا من القرارات تسائل الاستقلالية وشروط المحاكمة العادلة، ويوجد فيه اعتقال تحكمي وتعسفي لبعض النشطاء، ترد النيابة العامة على مرافعات الدفاع، كما عاينت "تيلكيل عربي" ذلك في جلسة أمس (الثلاثاء)، بالتأكيد على أن "الخلفية الوحيدة التي تحكم الملف هي تطبيق القانون والحرص على المحاكمة العادلة".

وفيما تصر النيابة العامة، من خلال حكيم الوردي، نائب الوكيل العام بالبيضاء، على أن "الحسيمة كانت مدينة جميلة وهادئة يأتيها رزقها قبل أن يحتل شوارعها من ينصب نفسه وصيا على المطالب"، يعزو دفاعه عن الإبقاء على كافة المعتقلين قيد الاعتقال الاحتياطي بعدم تمتيعهم بالسراح المؤقت، إلى أن "ضرورة المصلحة العامة وحفظ النظام العام الاقتصادي للحسيمة"، معتبرا أن وقائع الملف "جنائية صرفة وسيأتي الوقت المناسب لتقديم الإثباتات والمئات من الضحايا عكس ما رفع من شعارات حول سلمية الاحتجاجات".