الداخلة والعيون.. دراسة مغربية: المغرب قادر على المنافسة في سوق الهيدروجين

تيل كيل عربي

رضوان بنتهاين - متدرب

قامت دراسة حديثة أنجزت من طرف المدرسة المحمدية للهندسة التابعة لجامعة محمد الخامس بشراكة مع معهد البحث للطاقة الشمسية والطاقات المتجددة (IRESEN) بالرباط والمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بمكناس (ENSAM-Meknes)، التابعة لمختبر الطاقة بجامعة مولاي إسماعيل للمدينة ذاتها (U.M.I) بتحليل قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب بتوظيف الطاقة الشمسية والطاقة الريحية معا، واستنتجت بأن المملكة قادرة على المنافسة في سوق الهيدروجين، كما أفادت بعدم تجاوز تكلفة تصفية المياه لـ1 في المائة من الاستهلاك الطاقي الإجمالي لأنظمة الهيدروجين، مضيفة بأن الرفع من مرونة الإنتاج الهيدروجيني قد يؤدي إلى تخفيض نسبة التكلفة المستوية للهيدروجين (بالإنجليزية: levilized cost of hydrogen (LCOH)) – وهي طريقة لقياس تكاليف الرأسمال والتشغيل الإجمالية لإنتاج الهيدروجين – بنسبة 17 في المائة.

سعت الدراسة إلى إنجاز تجربة تقنية اقتصادية للمنشآت الكبيرة المنتجة للهيدروجين بالمغرب عن طريق محاكاة واستمثال الأنظمة الطاقية التي تستعمل التوربينات الريحية والألواح الشمسية الكهروضوئية معا، بحيث قامت بتحليل معدلي الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الريحية إلى جانب صافي التكلفة الحالية (بالانجليزية: net present value) – وهي معادلة تحسب القيمة الحاضرة للدخل المستقبلي لشركة أو مشروع أو استثمار معين – والتكلفة المستوية للهيدروجين وقدرة التخزين و تكلفة تصفية المياه في 5 مدن مغربية.

وأظهرت نتائج هذه التحاليل بأن توحيد التوربينات الريحية والألواح الشمسية الكهروضوئية يساعد على إنتاج الهيدروجين بتكاليف منخفضة، خاصة في مدينة الداخلة، بحيث كان السعر يناهز 2.54 دولار أمريكي للكيلوغرام الواحد، وهي أقل قيمة على الصعيد الوطني بالمقارنة مع الدراسات السابقة، كما شددت على أهمية استعمال خزانات الهيدروجين لتخزين الطاقة.

وتم اختيار مدن الداخلة والعيون وطنجة وطانطان إلى جانب الجرف الأصفر بصفتها المواقع ذات الإمكانات الأكبر على الصعيد الوطني من حيث توليد الطاقة الشمسية والريحية، وتم استمثال ومحاكاة الأنظمة المُستعمِلة للطاقتين الشمسية والريحية في هذه المواقع باستعمال برنامج هومر برو (بالإنجليزية: HOMER Pro software) – وهو نموذج محاكاة يقوم بتحفيز أي نظام قابل للتطبيق لجميع التركيبات الممكنة للمعدات – بحيث قامت هذه المحاكاة بإعطاء أفضل تكوين بناءا على أعلى قيمة لصافي التكلفة الحالية لكل موقع، ثم تمت دراسة معايير معدلي الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الريحية إلى جانب صافي التكلفة الحالية والتكلفة المستوية للهيدروجين من أجل تحليل واختيار أفضل موقع لإنتاج الهيدروجين مع الحرص على إرضاء جميع أحماله.

وشددت النتائج على ضرورة استعمال الموارد المتجددة الهجينة نظرا لمساهمتها في خفض تكاليف الإنتاج، ولذا أكدت الدراسة على أن الأبحاث المغربية المتعلقة بالأنظمة الطاقية المعتمدة على الموارد المتجددة يجب أن تركز بشكل متزايد على المزج بين هذه الموارد المتجددة.

وأضافت الورقة البحثية، التي نشرت من طرف مجلة Elsevier  بموقع ScienceDirect تحت عنوان "تقييم إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب باستعمال موارد طاقية مختلطة (الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الريحية)"، بأن مدينتي الداخلة والعيون لهما، وفق النتائج، أصغر قيم صافي التكلفة الحالية، في حين تطلبت المواقع الأخرى قيم أعلى بكثير، كما أن قيمة نسبة التكلفة المستوية للهيدروجين كانت الأصغر في الداخلة والعيون بشكل شبه متساوي، كما صرحت بأن الداخلة تعد الموقع الأكثر جاذبية لكل من الباحثين والمستثمرين وصانعي القرار نظرا لاستهلاكها لما يعادل 593.16 مليون دولار أمريكي لصافي التكلفة الحالية و2.54 كيلوغرام للدولار الواحد للتكلفة المستوية للهيدروجين.

وأوضحت بأن الترتيبات المحصل عليها من برنامج "هومر برو" تتطلب تخزين الهيدروجين، وأشارت في هذا الصدد إلى ضرورة استعمال نظام لتخزين الطاقة نظرا لتقطع وفرة الموارد المتجددة، بحيث تختلف نسبة الإشعاعات على مدار اليوم وتختفي كليا خلال الليل، كما تخضع سرعة الرياح لتأثير تباين الفصول ومواقيت اليوم، وهو ما يؤدي إلى اختلاف نسب الكهرباء المولد، ولذلك يجب تخزين الطاقة الزائدة لملئ هذه الفجوات.

وأفادت في هذا الصدد بوجود 3 تقنيات لحفظ الطاقة الكهربائية الزائدة: الأولى تقوم بتخزين الطاقة الزائدة المولدة من طرف الأنظمة الشمسية والريحية بشكل مباشر في بطاريات، إلا أن هذه الطريقة لا تغدو الوسيلة الأمثل نظرا لتطلبها لقيم كبيرة من صافي التكلفة الحالية؛ أما المقاربة الثانية، المسماة بالتخزين المؤقت للهيدروجين (بالإنجليزية: hydrogen buffer storage)، والتي تتمثل في استعمال الطاقة الفائضة لإنتاج الهيدروجين بتوظيف مُحلل كهربائي يتم الحفاظ عليه في خزانات الهيدروجين، فيتم استعمال هذا الهيدروجين عند وجود نقص في الإنتاج نتيجة لضعف في التوليد الكهربائي باستعمال الطاقات المتجددة؛ أما الطريقة الثالثة فتتجلى في الخلط بين المقاربتين الأولى والثانية.

وأكدت الوثيقة على ضرورة استعمال المقاربة الثانية نظرا لتمكينها من الحفاظ على الحمل الهيدروجيني المطلوب حتى عندما لا تقوم المصادر المتجددة بإنتاج ما يكفي من الكهرباء، فضلا عن تطلب المقاربة الأولى لقيم كبيرة من صافي التكلفة الحالية، زيادة عن الفعالية الكبيرة للهيدروجين في تخزين الطاقة الزائدة للاستعمال اللاحق نظرا لحمله لأعلى قيمة حرارية تتمثل في 120 ميغا جول للكيلوغرام الواحد.

كما قامت الدراسة بحساب كلفة تصفية المياه والتي لم تؤخذ بعين الاعتبار في الدراسات السابقة، ووجدت بأنه يمكن إهمال هذه التكاليف نظرا لانخفاضها وعدم تجاوزها لنسبة 0.35 في المائة من صافي التكلفة الحالية.

كما أنجزت تحليل للحساسية البارامترية من أجل فهم تأثير مرونة النظام الإنتاجية – والتي تتمثل في الحد الأقصى لحمل الهيدروجين في كل ساعة الذي قد تفشل العملية في تحقيقه – على تكلفة إنتاج الهيدروجين.

فوجدت بأنه هنالك اتصال بين نسبة التكلفة المستوية للهيدروجين والحمل الهيدروجيني الغير المحقق، فعلى سبيل المثال، عندما تكون نسبة هذا الأخير 0 بالمائة، أي عندما يتم تحقيق الإنتاج الهيدروجيني بالكامل، فتحقق كل من الداخلة والعيون أقل تكلفة إنتاج للهيدروجين، وهي الأقل مقارنة مع المواقع الأخرى في نسبتي 2.54 دولار أمريكي للكيلوغرام الواحد للداخلة و2.56 دولار أمريكي للكيلوغرام الواحد للعيون.

فضلا عن ذلك، لوحظ انخفاض في تكلفة إنتاج الهيدروجين المستوية بالنسبة للداخلة والعيون بشكل غير خطي عند الارتفاع بحد أدنى للحمل الهيدروجيني الغير المحقق، ثم بعد ذلك تبدأ بالارتفاع مجددا.

 كما أضافت الدراسة بأن الداخلة تطلبت نسبة 15 في المائة للحمل الهيدروجيني الغير المحقق (ما يعادل 2.1$/kg) لتحقيق أقل تكلفة مستوية لإنتاج الهيدروجين، في حين تطلبت العيون  10 في المائة (ما يعادل المبلغ ذاته)، بحيث أدت هذه القيم إلى تخفيض تكلفة إنتاج الهيدروجين المستوية بنسبة 17.32 في المائة بالنسبة للداخلة و17.57 بالمائة للعيون، وهو ما اعتبرته الوثيقة عاملا ذا تأثير قوي، خاصة عندما يتعلق الأمر بإنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين.

وأفادت بأن المواقع الأخرى تتطلب حد أقصى للحمل الهيدروجيني الغير المحقق يفوق نسبة 35 في المائة من أجل تقليل تكاليف الإنتاج.

كما شددت على ضرورة توظيف قدرات كبيرة للطاقات المتجددة حينما تكون التشكيلة متطلبة للغاية من حيث إنتاج الهيدروجين، وذلك نظرا للطبيعة المتقطعة لهذا المصادر، مضيفة بأن ذلك يؤدي إلى ارتفاع التكلفة الإجمالية للنظام، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين المستوية.

وفي مقابل ذلك، أضافت الوثيقة، إذا لم تكن التشكيلة متطلبة من حيث إنتاج الهيدروجين، فيؤدي ذلك إلى إنتاج ضعيف للهيدروجين، وهو ما يسبب ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين المستوية.