السعودية تستقبل وفودا إيرانية وسورية في إطار جهود لتهدئة المنطقة

أ.ف.ب / تيلكيل

استقبلت السعودية، أمس الأربعاء، وزير الخارجية السوري، للمرة الأولى، منذ بداية النزاع في بلاده، ووفدا دبلوماسيا إيرانيا، في حراك دبلوماسي يندرج في إطار مساعي المملكة الخليجية لاستعادة العلاقات مع البلدين المتحالفين، والمقطوعة منذ سنوات.

وبعد ساعات قليلة على إعلان وسائل إعلام إيرانية وصول وفد من الجمهورية الإسلامية للرياض، أعلنت المملكة أن وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، وصل إلى جدة، في زيارة هي الأولى على هذا المستوى، منذ اندلاع النزاع في سوريا، عام 2011.

ومع توقع زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، للرياض، بعد تلقيه دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وتفاوض السعوديين مع المتمردين الحوثيين، هذا الأسبوع، لوضع حد للحرب في اليمن، تسود أجواء تفاؤل في المنطقة، خلال شهر رمضان.

وقال دبلوماسي عربي في الخليج لوكالة "فرانس برس" إن "الإيرانيين والسوريين في السعودية، في يوم واحد. ما يحدث أمر جنوني تماما لم يكن ممكنا توقع حدوثه، قبل أشهر قليلة".

ويعقد، غدا الجمعة، في جدة، اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي يشارك فيه أيضا، كل من الأردن ومصر والعراق، للبحث في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد تعليق عضويتها، منذ عام 2012، وقبل نحو شهر من عقد القمة العربية في السعودية.

ويزور المقداد السعودية، في إطار دعوة من وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس).

والهدف من الدعوة، بحسب المصدر ذاته، "عقد جلسة مباحثات تتناول الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم".

وفي ختام الاجتماعات، أعلنت الرياض أن وزيري الخارجية السعودي والسوري بحثا في "خطوات" إنهاء عزلة دمشق.

وقالت الخارجية السعودية، في بيان، إن الوزيرين ناقشا "الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية، وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي".

وإثر اندلاع النزاع، في عام 2011، قطعت دول عربية عدة، على رأسها السعودية، علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا.

وقدمت السعودية، التي أغلقت سفارتها بدمشق، في مارس 2012، خلال أولى سنوات النزاع، دعما للمعارضة السورية، واستقبلت شخصيات منها على أراضيها.

وأعلنت الرياض، الشهر الماضي، أنها تجري محادثات مع دمشق تتعلق باستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.

واعتبرت الباحثة في معهد "بيكر" للسياسات العامة، ياسمين فاروق، أن التطورات الأخيرة بخصوص التهدئة في المنطقة "لم تكن مفاجئة، ويتم الإعداد لها، منذ فترة".

وقالت: "ما يمكن أن يكون مفاجئا هو السرعة، التي يتم العمل بها، لمواكبة عودة سوريا مع القمة العربية في الرياض"، الشهر المقبل.

وفي وقت سابق من أمس الأربعاء، أعلنت الخارجية الإيرانية وصول وفد إيراني إلى الرياض، لتمهيد الطريق أمام إعادة فتح البعثات الدبلوماسية الإيرانية في المملكة.

وتأتي الزيارة الإيرانية بعد زيارة وفد سعودي مماثل لطهران، السبت الماضي، لمناقشة آليات إعادة فتح بعثات المملكة في الجمهورية الإسلامية، وبعد لقاء وزيري خارجية البلدين، الخميس الماضي، في بكين؛ حيث تعهدا تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: "سيتخذ الوفد الإيراني الإجراءات اللازمة لإعادة افتتاح السفارة في الرياض والقنصلية العامة في جدة. كما سيعمل الوفد على تفعيل ممثلية إيران الدائمة في منظمة التعاون الإسلامي (مقرها جدة)".

ويتوقع أن تكون الخطوة المقبلة في مسار استعادة العلاقات بين البلدين زيارة الرئيس الإيراني الرياض، بعد تلقيه دعوة من العاهل السعودي، على ما أكد مسؤولون إيرانيون، وهي دعوة لم تؤكدها السعودية حتى الآن.

وستكون هذه أول زيارة لرئيس إيراني إلى المملكة، منذ عام 2012، حين زار محمود أحمدي نجاد مكة؛ حيث شارك في اجتماع إقليمي.

وتندرج هذه التحركات الدبلوماسية المتسارعة في إطار تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، بموجب الإعلان المفاجئ عن اتفاق استئناف العلاقات بين البلدين، برعاية صينية، الشهر الماضي.

وأعلنت طهران والرياض، في 10 مارس، التوصل إلى الاتفاق، بعد قطيعة استمرت سبع سنوات، إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، على خلفية إعدام رجل الدين السعودي، نمر النمر.

وخاضت إيران والسعودية، الخصمان الإقليميان، نزاعات بالوكالة في المنطقة، أبرزها الحرب في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.

وعقدت الدولتان عددا من جولات الحوار في بغداد وسلطنة عمان، قبل أن تتوصلا إلى اتفاق في بكين، تم التفاوض بشأنه خمسة أيام بين أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، ونظيره السعودي، مسعد بن محمد العيبان.

ويأمل مراقبون بأن يسهم الاتفاق في التهدئة في اليمن؛ حيث تخوض الدولتان حربا بالوكالة، منذ عام 2015. وقد يسري ذلك أيضا، على دول أخرى؛ مثل سوريا ولبنان والعراق؛ حيث باتت إيران حاضرة أكثر من أي وقت سابق.

وفيما تتبادل طهران والرياض الزيارات الدبلوماسية في مسار استئناف العلاقات، تحاول السعودية أيضا وضع حد لحرب اليمن؛ حيث تتفاوض مع الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، بعد ثماني سنوات على تدخلها عسكريا لمنع سيطرتهم على أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وأعلن السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، الاثنين الماضي، أن الزيارة التي قام بها إلى صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، هدفها "تثبيت الهدنة"، وبحث سبل الدفع باتجاه "حل سياسي شامل ومستدام" في اليمن.

وقال محللون إن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ترغب في الخروج من الحرب، لتركيز جهودها على مشروعات محلية عملاقة ترمي إلى تنويع مصادر اقتصادها المرتهن للنفط.