تحليل: ماذا تخفي حرب غوغل على هواوي؟

أ.ف.ب / تيلكيل

بفرضه قيودا قاسية على عملاق الاتصالات الصيني هواوي، صعد الرئيس الاميركي دونالد ترامب المواجهة ضد بكين، معتبرا أن المواجهة المباشرة هي الطريقة المفضلة لعرقلة التنامي السريع للقوة الصينية.

 

وكانت الإدارة الأميركية شنت حملة واسعة ضد هواوي تكثفت الأسبوع الماضي عندما حظر ترامب شبكات الاتصالات الأميركية من التزود بمعدات لدى شركات أجنبية تعتبر غير آمنة، في إشارة واضحة إلى هواوي.

إلا أن واشنطن أعطت مع ذلك مهلة من تسعين يوما للمجموعة الصينية وشركائها الأميركيين لإيجاد طريقة للتأقلم مع الشروط الجديدة.

وترى واشنطن أن هواوي، التي تعتبر لاعبا أساسيا في مجال الاتصالات من الصعب الالتفاف عليه، تشكل خطرا على الأمن القومي، وتنتهك الحياة الخاصة لمستخدميها بسبب علاقاتها الوثيقة مع الحكومة الصينية. لكن شركة هواوي تنفي على الدوام هذه الاتهامات.

إلا أن مخاوف الولايات المتحدة تذهب إلى ما هو أبعد من هواوي، لتصل إلى القلق من التنامي الكبير للدور الاقتصادي الصيني، وهو الأمر الذي تتفق بشأنه الطبقة السياسية الأميركية رغم خلافاتها الكبيرة.

وتزامنت هذه القيود على هواوي مع تعثر المفاوضات التجارية بين البلدين، وقيام ترامب بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية على بضائع صينية مستوردة بقيمة 200 مليار دولار من 10% الى 25%.

وتتهم واشنطن على الدوام بكين بسرقة حقوق الملكية الفكرية، وممارسة القرصنة المعلوماتية، وأيضا إغراق دول في العالم الثالث بالديون خصوصا في إطار المشروع الصيني الضخم المعروف باسم "طرق الحرير الجديدة".

كما تعرب الولايات المتحدة عن قلقها الشديد من تزايد القوة العسكرية الصينية خصوصا في بحر الصين الجنوبي، كما نددت بالاعتقالات الواسعة التي قامت بها السلطات الصينية واستهدفت الاقلية المسلمة من الاويغوريين في غرب البلاد.

ويرى جوناثان هيلمان من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، أن الطبقة السياسية الأميركية لم تعد تؤمن على الإطلاق بأن الازدهار الاقتصادي للصين سيجعل منها شريكا مطواعا أكثر.

وتابع هذا الخبير "إذا أردنا أن نشرح الوضع بشكل مبسط فإن الصين لا تتغير لتصبح أكثر شبها بنا"، مضيفا "لقد أخذوا من العولمة ما هو لمصلحتهم، لكن السلطات تبقى ممسكة بالوضع. وأعتقد أن كل هذا يدفعنا نحو منافسة أكثر شراسة" مع الصين.

وترى كيرون سكينر مديرة مكتب التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، أن الدبلوماسية الأميركية تعمل حاليا على وضع سياسة مفصلة للعلاقات مع الصين.

وتابعت خلال منتدى عقد خلال الفترة الاخيرة، أن روسيا فلاديمير بوتين تقلق أيضا واشنطن، لكن ينظر اليها على أنها "ناجية"، في حين أننا نرى الصين "تهديدا طويل الأمد".

ومع أن وزير الخارجية مايك بومبيو أكد أن الولايات المتحدة لا تعتبر نفسها في "حرب باردة" مع الصين، فإن سكينر قارنت بشكل واضح الصين بالاتحاد السوفياتي.

وتابعت قائلة إن الاتحاد السوفياتي كان يملك أسلحة نووية وجيشا قويا، لكن اقتصاده كان "متأخرا"، في حين أن الصين هي "منافس اقتصادي وإيديولوجي يسعى لكي يحظى بنفوذ عالمي، وهو أمر لم نكن نتوقعه من بكين قبل عشرات السنين فقط".

بالنسبة لجاك ستوكس الذي كان مستشارا لنائب الرئيس السابق جو بايدن، فإن إدارة ترامب أقرب إلى أن تعتبر العلاقات مع الصين نوعا من اللعبة التي يتمكن في نهايتها الرابح من الفوز بكل شيء، في حين أن إدارة اوباما كانت تسعى إلى الدخول في مجالات تعاون ايجابية مع بكين.

وتابع ستوكس الذي يعمل حاليا خبيرا في مركز التحليل "اينستيتيوت اوف بيس" "أعتقد أن هناك نوعا من التوافق يقوم على إعادة التوازن، وأن هذا ليس سوى نتيجة طبيعية لتوازن قوى تغير اثر تعاظم دور بكين".

وأضاف معتبرا أن العلاقات التجارية مع الصين، والتي تمثلت لفترة طويلة بتقديم يد عاملة صينية رخيصة الثمن، لم تعد موجودة، مضيفا "لقد بات قسم كبير من الصين اليوم بلدا متطورا وهي تتصرف باعتبارها بلدا متطورا".