تقرير رسمي: ظاهرة التسول تكشف حجم الإشكالية الحقيقية وهي الفقر

محمد فرنان

أكد تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن "التسول يرتبط ارتباطا وثيقا بالفقر والهشاشة وينظر إليه بوصفه ظاهرة اجتماعية خطيرة".

وأضاف التقرير الحامل لعنوان "من أجل مجتمعٍ متماسكٍ خالٍ من التسول"، "سواء في البحث الجهوي الذي أجري سنة 2003 أو البحث الوطني لسنة 2007 ، برز الفقر والهشاشة بوصفهما السببين الرئيسيين اللذين يؤديان إلى التسول".

وأوضح أنه "بخصوص الدوافع التي كانت وراء الإقدام على التسول، جاءت مخرجات البحث الجهوي الذي أنجز سنة 2003 حول موضوع التسول والأطفال" كما يلي:

  • صرح 42.9 في المائة من الأطفال أنهم يتسولون لمساعدة أسرهم.
  • 27.3 في المائة أفادوا بأنهم يتسولون بدافع تلبية الحاجيات الأساسية كشراء المواد الغذائية والملابس.
  • 11.3 في المائة ربطوا الأمر بمشاكل عائلية.

وأشار المجلس أنه "في ما يتعلق بأماكن العيش 31 في المائة من الأطفال المعنيين يعيشون في غرفة مع أسرهم، و 28 في المائة في منزل صفيحي، و 19 في المائة في الشارع".

وأبرز التقرير أنه "بخصوص البحث الوطني الذي أنجز سنة 2007 ، برز الفقر كسبب رئيسي للتسول (51.8 في المائة) تليه الإعاقة (12.7) في المائة، ثم المرض 10.8 في المائة)، وأخيراً قلة فرص الشغل (9.3) في المائة)".

وعلاوة على ذلك، أظهرت نتائج الاستشارة المواطنة التي جرى إطلاقها على المنصة التفاعلية للمجلس "أشارك" (ouchariko.ma)، خلال الفترة من 7 إلى 28 يونيو 2023، أن 99 في المائة من المشاركات والمشاركين يعتبرون التسول ظاهرة اجتماعية خطيرة ويربطون أسباب هذه الخطورة أساساً بكون التسول يؤشر على اتساع رقعة الفقر، ويمس كرامة الشخص، ويهدد النظام العام؛ وينطوي على مخاطر الاستغلال من طرف الشبكات الإجرامية.

ولفت إلى أن "التسول ظاهرة اجتماعية شديدة التعقيد، تنجم عن التعرض لعدة عوامل اختطار مرتبطة بالمسارات الشخصية للأفراد المعنيين، وعلى نطاق أوسع بالسياقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وتساهم هذه العوامل التي غالبا ما تكون مترابطة، في تعريض الأشخاص للهشاشة بدرجات متفاوتة، وهو ما يفسر عدم تجانس "بروفايل" المتسولات والمتسولين".

وتابع: "تتمثل هذه العوامل في الغالب في الفقر، وصعوبة الولوج إلى سوق الشغل، والترمل لاسيما بالنسبة للنساء، والطلاق، والتخلي الأسري، وتدني المستوى الدراسي والتكويني، وتراجع قيم التضامن العائلي، والوضعية الصحية الصحة البدنية والعقلية، والإعاقة، فضلا عن الاستعداد القبلي لدى المواطن (ة) لمد يد العون للمتسولين. وأمام استمرار التحديات التي تطرحها ظاهرة التسول، فإن المقاربة المعتمدة حاليا على الصعيد الوطني في مجال محاربة التسول غير ناجعة بالقدر الكافي".

وشدد المجلس على أنه "لا تتيح البرامج الاجتماعية لمحاربة الفقر والهشاشة، بسبب طبيعتها المجزأة ومعايير الاستهداف المعتمدة وكيفيات التنفيذ التصدي بشكل كاف ومستدام للانعكاسات السلبية للفقر والهشاشة على الفئات المعوزة، التي تظل في الغالب خارج نطاق تدخل هذه البرامج. ولهذه الأسباب على وجه الخصوص، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، انطلق ورش إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وهو الإصلاح الذي يجري تنزيله حاليا".

وربط المشاركون والمشاركات في استشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي "أسباب خطورة هذه الظاهرة أساسا بكون التسول مؤشراً يكشف حجم الإشكالية الحقيقية، وهي الفقر. وهو تشخيص أكده أيضاً رواد شبكة الأنترنت الذين تفاعلوا مع هذه الاستشارة في الصفحات الرسمية للمجلس في شبكات التواصل الاجتماعي".

وأورد أنه "إذا كانت بعض هذه الآراء قد تبدو مبالغاً فيها، إلا أنها تؤشر على تداعيات تدهور القدرة الشرائية على المواطنات والمواطنين، والتي يُنظر إليها ويتم معايشتها على أنها أزمة اجتماعية عامة، وليست مجرد صعوبات شخصية".