ذكريات الكان.. مصطفى بيضوضان: عوامل البحث عن لقب في أرض الفراعنة موجودة

صفاء بنعوشي

أيام قليلة تفصل عشاق الساحرة المستديرة بالقارة السمراء، عن الحدث الكروي الأبرز في إفريقيا والذي سيجمع 24 منتخباً من جميع أرجائها تحت لواء النسخة الـ 32 لنهائيات كأس أمم إفريقيا، والتي تستقبلها الأراضي المصرية للمرة الخامسة في تاريخها.

المنتخب الوطني المغربي، يد شن بدوره مشاركة بنسخة 2019، للمرة الثانية توالياً تحت قيادة الفرنسي هيرفي رونار، بعد أن سجل حضوره بنسخة الغابون، وغادرها من دور ربع النهائي، بعد سقوط أمام فراعنة مصر.

"ذكريات الكان"، تستضيف في حلقاتها السابعة، مصطفى بيضوضان، الدولي المغربي السابق الذي حمل قميص المغربي في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2004، رفقة جيل بادو الزاكي، وكان ضمن القائمة المقلصة للمحليين الذين خطفوا مكانة بقائمة 22 لاعباً في رحلة "الكان".

حمل ألوان الغريمين معاً، الوداد والرجاء الرياضيين، وظل من بين أبرز هدافي المغرب في فترة 1995 وإلى غاية 2008، حيث كان آخر ظهور له في ملاعب البطولة الوطنية،برفقة "الأحمر والأبيض".

بيضوضان يعود بنا في هذا الحوار، إلى أبرز ذكريات "كان 2004" رفقة جيل يوسف حجي والزايري والشماخ، كما تحدث عن حظوظ الأسود بـ2019 رفقة هيرفي رونار، ووجه له رسالة بإعادة فتح الباب أمام عبد الرزاق حمد الله، المحترف بصفوف النصر السعودي، وواحد من المهاجمين الذين يضربون بقوة هذا الموسم .

* حدثنا عن تفاصيل مشاركة بـكأس أمم إفريقيا 2004، والوصول إلى النهائي رفقة الناخب الوطني السابق بادو الزاكي؟

بالنسبة لي، كأس أمم إفريقيا كانت تجربة خاصة جداً، حيث استطعت آنذاك إقناع المدرب الزاكي بأدائي بعد تتويجي هدافاً للبطولة خلال ذلك الموسم مع الرجاء وتتويج بكأس العرش والكنفدرالية الإفريقية أيضاً، لألحق بمجموعة كانت تضم مزيجاً من الأسماء الشابة والواعدة، وأصحاب الخبرة كالحسين خرجة، ونور الدين النيبت، ويوسف السفري، وآخرين.

كنت أحمل على عاتقي مسؤولية تمثيل اللاعب المحلي رفقة ذلك الجيل، باعتباري المهاجم الوحيد في تلك الفترة الذي نادى عليه الزاكي بعد معسكر ماربيا، إضافة للحارس الاحتياطي، طارق الجرموني.

دخلنا المسابقة القارية بطموح كبير، رغم أن العديدن لم يؤمنوا بذلك المنتخب وقالوا إننا سنعود أدراجنا منذ دور المجموعات، إلا أن النخبة الوطنية قلبت كل الموازين ووصلت إلى النهائي أمام البلد المضيف، كما قدمت كرة جميلة، بعد فترة انتكاسة طويلة لنا.

* ذكريات خاصة، ستبقى في ذهنك خلال "كان" تونس؟

كلها كانت ذكريات جميلة، ومليئة بالأحاسيس، فعقب كل مباراة نرى بأن الحلم يقترب إلى غاية اللقاء النهائي الذي وضعنا أمام البلد المضيف للتظاهرة القارية، والجميع يعرف صعوبة المهمة خصوصاً وأن الخصم يكون متسلحا بأنصاره ويحمل شراسة كبيرة للدفاع عن بقاء الكأس ببلده.

كنا قاب قوسين قريبين من التتويج، لكن الأمور سارت نحو احتلالنا الوصافة، ويمكن أن أقول أنها ذكرى جيدة وسيئة في الآن نفسه، فالصبر والمثابرة وصلا بنا إلى آخر مواجهة بكأس أمم إفريقيا، وخيبة أمل تضييع اللقب حاصرتنا.

* كيف هي علاقتك الآن، باللاعبين الذين شكلوا حينها مجموعة قوية؟

علاقة جيدة، فكرة القدم تنتهي وفتراتها بحلوها ومرها أيضاً، لكن تبقى العلاقات الإنسانية أسمى من كل شيء، ذلك التاريخ الذي كتبناه معا، بيد واحدة وتلاحم.

جيل 2004 لازال يتواصل بشكل دائم، لقد حرصنا أن نخصص فضاء للحديث والمناقشة، وأيضا لنسأل عن بعضنا البعض عبر تطبيق "الواتس آب" ، نلتقي لكن ليس دائماً.

أما عن باقي اللاعبين الذين جاورتهم خارج "الكان" والمستقرين في المغرب، فلا يمكنني حط الرحال في مدينة واحد منهم، حتى يكون لنا لقاء، وحديث مطول، عن أحوال الكرة، والذكريات، وأيضا المخططات المستقبلية.

* المنتخب المغربي مقبل بعد أقل من شهر ونصف على المشاركة بـ"كان 2019"، كيف ترى حظوظ الأسود؟

سنة 2017، قدمنا مشواراً محترما، وكان الهدف الوصول إلى مرحلة ربع النهائي وهو ما تم بالفعل، لولا تفاصيل بسيطة في لقاء مصر، لكنا عبرنا إلى نصف النهائي، والمنافسة بقوة بالمربع الذهبي، كالتركيز الذي غاب عن بعض اللاعبين وكلفنا الإقصاء في مواجهة رفاق محمد صلاح، عموماً الأسود ظهروا بوجه مشرف.

2019، أرى بأن التشكيلة ستبقى بنسبة كبيرة نفسها التي حضرت في الكان الذي يسبقه بالغابون، مع بعض التغييرات التي سيقدم عليها بالتأكيد رونار، الرجل الذي يعرف جيداً خبايا ترسانته البشرية واشتغل برفقتها طيلة الفترة الأخيرة.

يمكن القول ان نسخة هاته السنة ستكون تقريبا مشابهة لنظيرتها في تونس 2004، لأسباب عديدة، أولها تقارب الثقافات، وأيضا المناخ الذي يشبه بشكل كبير عدداً من مدن المملكة في تلك الفترة من السنة، عكس دول جنوب الصحراء (كالغابون، نيجيريا..)، التي تشهد طقسا صعبا في فترة يونيو- يوليوز.
اللاعبين اليوم يحملون مسؤولية كبيرة على عاتقهم، وعليهم تقديم "كان" في المستوى، يليق بالكرة الوطنية، وإن وصلنا في النسخة الأخيرة لمرحلة ربع النهائي، فاليوم علينا أن نصل إلى أبعد مدى في المسابقة القارية، رغم أن الخصوم، الكوت ديفوار، ناميبيا وجنوب إفريقيا، يشكلون رفقة الأسود "مجموعة الموت" كما شبهها الجميع.

عامل مهم أيضاً يجب الانتباه إليه، هو أن مجموعة من اللاعبين ستكون المسابقة القارية الأخيرة في مشوارهم الدولي، لذا فالحماس للبحث عن لقب في أرض الفراعنة موجود، والاستقرار أيضا، إضافة إلى المواهب الكروية التي سطع نجمها بالفترة الأخيرة، بدورها ستساهم في تحقيق أشياء جميلة (إن شاء الله).

* هل سيشكل محترفو الخليج عبئاً على هيرفي رونار، بكأس أمم إفريقيا؟

البطولات الخليجية تطورت بشكل كبير، في السنوات الأخيرة، لعب بدوري في السعودي لفترة بمشواري، ثم تونس، لكن لدي تخوف بسيط من حضورهم بالشكل المثالي، لأن الجولة الأخيرة من المنافسات في جميع المسابقات الخليجية، ستنتهي الأسبوع المقبل.

الدوري السعودي اليوم يضم ثلة من الدعائم الأساسية، لكن فترة التوقف المقبلة قد يكون لها تأثير على تنافسيتهم، وعلى الناخب الوطني أخد الأمر بعين الاعتبار، ووضع برنامج واضح قبل معسكره ليكون الجميع جاهزاً لدخول "كان مصر" بقوة.

* ما هو موقفك من غياب هداف السعودية، حمد الله عن ترسانة الأسود، رغم أرقامه الإيجابية؟

أعتقد بأن الموعد الكروي الإفريقي المقبل، فرصة لهيرفي رونار، من أجل التراجع، وإنهاء "الخلاف" الذي طفا إلى السطح بينه وبين حمد الله.

اللاعب تخطى عتبة الـ 30 هدفت منذ بداية الموسم الرياضي الجاري، وضرب بالثلاثية (الهاتريك) في كبرى المباريات مع النصر، رغم تواجد ثلة من المدافعين الأجانب والمحليين، بقيمة كبيرة، وهو أداء يجب الالتفات له، خصوصا وتراجع مستوى خالد بوطيب، بعد لحاقه بالزمالك، والإصابة التي ضربت النصيري بالفترة الأخيرة، وأيضا حاجة المغرب إلى مهاجم من طينة ابن أسفي.

رونار سيكون بحاجة إلى خدمات حمد الله حسب رأيي الشخصي، وأصبح الآن من الضروري تواجده لمساعدة المجموعة بالخبرة التي راكم، والاستفادة من أرقامه "الخارقة"، وبتظافر الجهود والتعاون بين جميع المكونات يمكننا تحقيق "المستحيل".

* مشاركة 24 منتخباً بدلاً من 16، هل يخدم مصالح الكرة الوطنية بـ"كان 2019"؟

صحيح، من جهة أراه أمراً جيداً جداً، لأن مجموعة من النسخ الأخيرة للبطولة غابت عنها منتخبات كبيرة عربية، من بينها أيضاً المغرب، والكاميرون والجزائر، وهؤلاء هم من نريد متابعتهم في بطولات قارية، لأن حضور الكبار دائما ما يسفر عن التشويق والمتعة، وهذا ما تحقق اليوم بفتح الباب أمام عدد أكبر من المنتخبات.

الرفع من عدد المنتخبات الذي قرره "الكاف" يصب أيضا في مصلحة المنتخبات "الصغيرة" أو ذات التجربة المتواضعة قاريا، للمنافسة على بطاقة عبورها، حيث شاهدنا هذه السنة تأهل موريتانيا، بوروندي، وأيضا مدغشقر لأول مرة في تاريخهم، بطموح كبير.

* ألا تخطط إلى التركيز على مجال التدريب بالفترة المقبلة، بعد تجارب جيدة لأسماء شابة في الدوري المحلي؟

بالتأكيد، التدريب بالنسبة لي ضمن المشاريع المهمة، بعد حصولي على ديبلوم التدريب "ب" الذي يسمح لي بالاشتغال مدرباً مساعداً بالقسم الأول، ومدربا بالقسم الثاني وأيضاً تأطير الفئات السنية الشابة، وجدت مجموعة من الصعوبات لولوج الميدان، أو بالأحرى إيجاد مكان وسط كل هذا الزخم..لست الوحيد.

من بين المشاكل التي تصادفني وعدد مهم من الدوليين السابقين، هو عامل "الكفاءة" الذي يتم التركيز عليه بطريقة غير منطقية، فأن أظن بأن الأمر مرتبط بالممارسة، إن فتح الباب لخوض تجربة جديدة، هنا يمكن كسب الكفاءة والخبرة بشكل تدريجي، وصولاً إلى ما يقدم أبرز الأطر الوطنية.

سأعطي مثالاً واضحاً، مثلاً المدرب امحمد فاخر، الذي درب المنتخب وأشرف على أعتقد أندية المغرب راكم تجربة لـ 12 في تأطير الفئات السنية، قبل الوصول إلى هذا المستوى.

اليوم المسؤولون عن الكرة، عن الأندية، عليهم منح الفرص للمدربين الجدد، فأنا أعتقد بأن بالمغرب هنالك مجال للجميع في هذا الميدان، من أجل النهوض بكرة القدم الوطنية، عن طريق فتح أكاديميات، ومراكز للتكوين لكسب التجربة، لأنه لا يعقل مراكمة "الديبلومات" والجلوس في المنزل.

أنا أنتظر فرصتي بالتأكيد، ومستعد لأكون رهن إشارة أي نادي أو أكاديمية، فقط أركز على أن يكون التعاقد بين جميع الأطراف واضحاً، يحمي كرامة الدولي، وعدم إهانته (تعويضات، توفير شروط العمل..)

حالياً، اتجهت إلى التحليل، وجدت نفسي بشكل كبير في هذا الميدان، لكني منفتح على أي مقترحات، لأعود للملاعب الكروية عبر بوابة التدريب.