الحرب التي أعلنها كل من مكتب الصرف وبنك المغرب ووزارة المالية والهيئة المغربية لسوق الرساميل،على التعامل بعملة "بيتكوين" الافتراضية، لم تبدأ من فراغ، بل أشعلها إعلان وضعته شركة عالمية، قبل أسبوع، دعت فيه عملاءها إلى إمكانية الأداء بالعملة مثار الجدل اليوم، وهي شركة متخصصة في الحلول والحماية الرقمية والانترنت وإنشاء المواقع، لها مقر في المغرب ويملكها رجل أعمال أمريكي، قبل أن تتراجع عن قرارها بعد منع تداول "بيتكوين" رسمياً.
قرار المنع صدر، لكن السؤال: هل يمكن أن يُفعل وكيف يمكن رصد التعامل بها؟ الخبير في اليقظة الاقتصادية وشبكات الانترنت، مروان هرماش، يجيب في تصريح لـ"تيل كيل عربي" عن إمكانية تنزيل قرار منع العملة الافتراضية وغيرها، وكيف تتم طرق الربح منها وأين.
وقبل الخوض في تفاصيل المنع وإمكانية فرضه وطرق الربح من "بيتكوين"، يجب الإشارة إلى أن اسمها ظهر عام 2008، بعد ما أنشأها شخص باسم مستعار اختار له "ساتوشي ناكاموتو"، وتم طرحها للتعامل أول مرة في الإنترنت عام 2009، من طرف أشخاص مجهولي الهوية. وأصبح للعملة اليوم، مكان ضمن كبريات مواقع صرف العملات، وحسب بحث قام به "تيل كيل عربي"، يساوي "بيتكوين" واحد اليوم في سوق العملات أكثر من 8000 دولار.
ورغم صعوبة تقييم حجم هذه التبادلات، فإن المعاملات بالعملة الافتراضية حسب مقال بموقع صحيفة "لوموند" الفرنسية، تتجاز 200 ألف دولار يوميا في المغرب، وتصل إلى 62 مليون يورو سنويا.
حرب رسمية على الافتراضي
وجه المدير العام لمكتب الصرف حسن بولقنادل، دعوة لجميع المغاربة المستخدمين للعملات الافتراضية إلى ضرورة بيعها وتخلي عنها، لأنهم سيكونون مطالبين بتبرير أصول ما يملكونه من أموال.
دعوة بولقنادل جاءت في حوار مع مجلة "Telquel" ينشر في العدد القادم، وشدد من خلاله على أنه "يمنع على المغاربة المقيمين في المملكة التوفر على حسابات بنكية في الخارج بحسب لوائح الصرف في المغرب، إلا في ظروف معينة (مستوردين أو يقدمون الخدمات).
وجاءت دعوة المدير العام لمكتب الصرف، عقب بلاغ مشترك صدر يوم أمس الثلاثاء، عن بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية والهيئة المغربية لسوق الرساميل، تحدث عن "تحذير المغاربة من الاستجابة لإعلان منصات إلكترونية للتبادل أصبحت تقبل التعامل بـ(بيتكوين)".
ووصف البلاغ التعامل بالعملة الافتراضية بالنشاط غير المنظم، والذي يمكن أن ينتج عنه "تدليس أو اختلاس أو سرقة خلال انجاز الصفقات بها.
لكن يبقى تحذير المؤسسات المالية المغربية المذكورة، مجرد "تهديد" إذا ما تم وضعه أمام تحدي واقع محاصر التعامل بـ"بيتكوين".
استحالة المراقبة والمنع
شدد الخبير في اليقظة الاقتصادية وشبكات الانترنت، مروان هرماش، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، على أن قوة التعامل بـ"بيتكوين"، تكمن أولاً في حماية سرية معطيات المتعاملين بها، ومن يملكون حسابات في عدد من البورصات العالمية الافتراضية، كما أن العملة الافتراضية، تمكنهم من اجراء معاملات تجارية ومقايضات بها سواء عينية أو مالية لا يمكن ضبطها.
وتابع هرماش، أن الجهات التي ترغب في منع التعامل بـ"بيتكون" عليها أولا حصر عدد المغاربة الذي يتعاملون بها، ورصد المجالات والقطاعات التي يتبادلون داخلها العملة، وهذه المهمة في نظر هرماش، صعبة بل تكاد تكون مستحيلة، وأضاف أنه "يمكن منع الشركات والمؤسسات من التعامل بها، لأن معاملاتها التجارية والمالية تخضع لمراقبة مصالح الضرائب وغيرها، لكن ما يخص الأفراد يستحيل".
وأوضح الخبير في حديثه لـ"تيل كيل عربي"، أن الحل الوحيد لضبط هذا السوق الضخم والذي ينمو ويتسع يومياً، يمكن أن يكون بواسطة عمليات التجسس على قرابة 20 مليون مغربي، ومعرفة ما يقومون به بالتفصيل داخل شبكة النت، وهناك دول حسب هرماش، لجأت إلى هذا الحل، باقتناء برامج تجسس متطورة هذه هي مهمتها، وذلك لضبط مجال التعامل بـ"بيتكوين" ومنع استغلاله في أنشطة خارج القانون.
طرق الربح وخلق الثروة
وعن طرق الربح من "بيتكوين"، شرح هرماش العملية لـ"تيل كيل عربي" بالقول، إن "العملة الافتراضية تكسب قوتها من عدم ارتباطها بالعملات النقدية خاصة العملات الصعبة (الدولار الأورو الين...)، وكل من يتعامل بها، يملك فرصة لتحقيق ثروة بسبب تغير قيمتها في السوق يومياً، وكل ما كانت المعاملات بها أكبر، كلما زادت قيمتها، وقد تصل إلى أرقام خيالية".
في السياق، أوضح الخبير في اليقظة الاقتصادية وشبكات الانترنت، أن عدداً من الشباب المغاربة العاملين في مجال الانترنت والحلول البرمجية، يشتغلون مع مؤسسات أجنبية، وأصبحوا يجدون في الحصول على تعويضاتهم بعملة "بيتكوين" ربحاً وفيراً، خاصة وأنها تمكنهم من القيام بتعاملات مالية وتجارية دون مراقبة".
وعن خطورة التعامل بالعملة الافتراضية، شدد هرماش على أن ما يصوف بـ"النت الأسود" موجود فعلاً، والعملة الرائجة داخله هي "بيتكوين"، وهناك لا حصر للمعاملات الخارجة عن القانون، والتي تتم جلها عبر الأداء بـ"بيتكوين".
ورأى هرماش في تصريحه، أن عدداً من الدول وجدت الحل عبر تطوير نظمها المعلوماتية، وأصبحت تجد فيها شركات ومحلات تتعامل بـ"بيتكوين" في اليابان وعدد من الدول الأوروبية، وجميع المعاملات مراقبة ومضبوطة.