في آلاف المختبرات الطبية الحيوية ومصانع الأدوية حول العالم، تستخدم خلايا مشتقة من جنين أجهض قبل عقود بهدف تطوير علاجات ولقاحات، لكن شخصيات محافظة ومناهضة للإجهاض في الولايات المتحدة تحتج باستمرار ضد استخدام هذه الخلايا لأسباب أخلاقية، كما حدث عندما أعطي دونالد ترامب علاجا جينيا لكوفيد-19.
وقال البروفسور أندريا غامبوتو الذي يستخدم هذه الخلايا المسماة "إتش إي كاي 293" في مختبر أبحاث اللقاحات في جامعة بيتسبرغ منذ 25 عاما، لوكالة فرانس برس "عدم استخدامها جريمة، فهي لا تسبب أذى لأحد. تستخدم خلايا من جنين ميت للبحوث بدلا من التخلص منها".
وشرح الباحث أن ميزة هذه الخلايا التي أصبحت "خالدة" في أوائل السبعينات هي أنها معيار في صناعة الأدوية. إذا نجح هو نفسه يوما في تطوير لقاح ضد كوفيد-19 في مختبره، فسيكون بمقدور أي مصنع إنتاجه على نطاق واسع بفضل "إتش إي كاي 293".
وقال "يمكنني أن أذهب إلى الهند وأن أصنع لقاحا للعالم كله".
وللذين يريدون تطوير بديلا، أكد "ما فائدة العودة 30 عاما إلى الوراء لإعادة اختراع العجلة".
عادة، يمكن للخلية أن تنقسم لمرات محدودة لكن فرانك غراهام تمكن من تعديل هذه الخلايا بحيث تنقسم إلى ما لا نهاية.
وكانت هذه تجربته رقم 293 ومن هنا جاء اسمها "إتش إي كاي"، أي اختصار "خلايا الكلى الجنينية البشرية"، 293.
وشرح فرانك غراهام الأستاذ الفخري في جامعة ماكماستر الكندية والمتقاعد حاليا في إيطاليا، لوكالة فرانس برس "لم يكن من النادر استخدام أنسجة جنينية في ذلك الوقت" وتابع "كان الإجهاض غير قانوني في هولندا حتى العام 1984 إلا لإنقاذ حياة الأم. لذلك، افترضت أن الخلايا المستخدمة في مختبر لايدن كانت من إجهاض علاجي".
وغالبا ما يرغب مطورو اللقاحات باستخدام خلايا "إتش إي كاي 293" لأنها مرنة وقابلة للتحويل إلى مصانع فيروسات صغيرة. ودائما ما تحتاج زراعة فيروسات إلى خلية مضيفة: يمكن أن تكون بيضة دجاج لكن الخلايا البشرية هي الفضلى في الطب البشري.
لكن لماذا إنتاج الفيروسات؟ لأن ثمة طريقة لانتاج اللقاح تقوم على حقن شخص بشحنة خفيفة ومعدلة الفيروس هو ما يسمى "ناقل الفيروس".
وفي حالة كوفيد-19، تحاول العديد من المختبرات استخدام خلايا "إتش إي كاي 293" لصنع فيروسات متحولة وغير ضارة وغالبا ما تكون فيروسات غدانية تحوي على سطحها الطرف المميز لفيروس كورونا. وعندما يتم حقن الفيروس الغداني المعدل في شخص ما، ينتج جهاز المناعة أجساما مضادة ما يضمن الحماية ضد الغزو المحتمل لفيروس كورونا الحقيقي في المستقبل.
وحاليا، ثمة ثلاثة مصانع تستخدم هذه التقنية لإنتاج لقاح لفيروس كورونا هي "أسترازينيكا/أكسفورد" و"كانسينو" و"معهد غاماليا".
وتستخدمها شركات أخرى مثل "موديرنا" و"فايزر" و"ريجيرون" لتصنيع "فيروس كورونا كاذب" لاختبار لقاح أو علاجات.
في السابق، انتجت لقاحات ضد إيبولا والسل وعلاجات جينية أيضا باستخدام هذه الخلايا التي يحتمل وجود حوالى مئة سلالة مشتقة عنها وفقا لفرانك غراهام.
وختم غراهام الذي يفضل عدم التعليق على الخلافات الدورية حول أصل الخلايا "أشعر بارتياح كبير لأن الخلايا التي أنشأتها قبل حوالى 50 عاما، لعبت دورا رئيسيا في تقدم العديد من الأبحاث الطبية الحيوية".