أجمع العلماء المفتون المشاركون في الندوة الدولية حول موضوع: "ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي"، اليوم الاثنين، بمراكش، على جعل مضمون الرسالة التي وجهها أمير المؤمنين الملك محمد السادس "خارطة طريق للعمل مستقبلا في خدمة الإفتاء الشرعيّ المنضبط".
وأكّد بيان مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، الذي توّج أشغال هذه الندوة، أن "إجماع العلماء المفتين الحاضرين على جعل مضمون الرسالة الملكية بمثابة خارطة طريق للعمل مستقبلا في خدمة الإفتاء الشرعي المنضبط"، ولاسيّما ما جاء فيها بخصوص التوجيهات المتمثلة في التزام المؤسسة الدائم بالأهداف التي رسمها لها مؤسسها أمير المؤمنين، وعلى رأسها توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين من المغرب وباقي البلدان الإفريقية الإسلامية للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها.
وسجّل البيان أن القيام بمبادرات من شأنها تفعيل قيم الوسطية والاعتدال والاجتهاد في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا، وإنشاء إطار مؤسسي للتواصل بين العلماء والفقهاء والمفتين لمواكبة التحديات المستجدة المرتبطة بتطوّر الحياة الاجتماعية والحضارية.
وشدّد بيان المؤسسة على التوجيهات المتضمنة في الرسالة الملكية بخصوص إشراك النساء العالمات في كل جوانب هذه المبادرة المتعلقة بضبط الفتوى وغيرها، واستيعاب التراث الغني المتمثل فيما رسخه السلف الصالح، عبر القرون، من الروابط المتينة والمتعددة الأبعاد بين المملكة المغربية وبلدان إفريقيا.
كما أبرز المصدر ذاته أهمية التمييز بين الفتوى التي تمت مأسستها في هيئة علمية مختصة تفتي في الأمور ذات الصلة بالحياة العامة، وبين ما يقوم به العلماء كأشخاص بإرشاد الناس وبيان الأحكام الدينية المقررة، وهو ما ينبغي الأخذ به في كل بلد من البلدان الإفريقية، وهو جعل الفتوى في الشأن العام موكولة لمؤسسة جماعية من العلماء العدول الوسطيين، الذين يلتزمون بثوابت بلدهم ومذهبهم الشرعي.
وأعلنت مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، في هذا البيان، أنها ستنشئ موقعا إلكترونيا باسم "مجمع المفتين الأفارقة"، لكي يستمر عليه التداول بين أهل الاختصاص، لما فيه من تنوير وتفهيم الناس في أمور دينهم، مشيرة إلى أنها ستنشر وتترجم بمختلف اللغات الرسمية للمؤسسة أعمال الندوة، في أقرب وقت، على مختلف أنواع الحوامل الإلكترونية.
وخلص البيان إلى أن "المؤسسة، وبعد التواصل مع العلماء ورؤساء فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، فإنها تتوجه بنداء أخوة وتراحم إلى كل المتدخلين من خارج إفريقيا في الشأن الديني لبلدان هذه القارة، حتى يكفوا عن التأثير على العقيدة التي اختارها الأفارقة بفطرتهم، وهم أحرص الناس على التحقق بتوحيد الله، على أساس اجتهادات كبار علماء السنة، وكذا الكف عن التأثير على المذاهب الفقهية السنية التي شكّلت، عبر القرون، ثوابت الممارسة الدينية عند أهل البلدان الإفريقية".