وجه نائب برلماني سؤالا إلى الحكومة، يتعلق حول اعتماد البنوك طريقة لاقتطاع "فوائد" من رصيد المواطنين، في أول يوم من توصلهم براتبهم الشهري. هذا الإجراء، بحسب البرلماني، "غير قانوني" ويتم تحت رعاية بنك المغرب. إذن كيف تتم عملية الاقتطاع من الحسابات البنكية، وهل يسمح القانون للأبناك القيام بذلك؟
وجه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، محمد أبدرار، يوم الجمعة 23 فبراير، بمجلس النواب سؤالا كتابيا إلى وزير الاقتصاد والمالية، حول "احتساب البنوك لمصاريف بنكية غير مبررة". ويتعلق الأمر باعتماد البنوك على طريقة "ناقص/زائد يوم إلى 8 ايام"، تسمى بـ"تاريخ القيمة" (Date de valeur). مما ينتج عن ذلك "احتساب فوائد غير مبررة، يجعل الزبناء أنفسهم أمام اقتطاع مبالغ مهمة من حساباتهم كفوائد، وذلك على الرغم من أنهم لم يسحبوا أموالهم على المكشوف كقروض".
أبدرار، وفي اتصاله مع "تيل كيل عربي" وضح أن الأبناك "تتلاعب بتاريخ القيمة، عبر فرض فوائد بنكية غير قانونية"، مضيفا أن "الأبناك في مختلف بلدان العالم تخلصت من هذا النظام، وتحدد تاريخا آنيا لجميع معاملاتها".
المتحدث يضيف، أن بنك المغرب، ووفقا للقانون، أصدر دورية تنظيمية تؤطر القطاع البنكي، "تتيح للابناك الاقتطاع من كل عملية سحب، تمت في اليوم الذي توصل فيه الزبون بتحويل مالي، وهذا ما يعرف بـاحتساب تاريخ القيمة، التي تصل ليومين غالبا (J-1/J+1)".
لتوضيح هذا الأمر، يقول البرلماني، إن "الزبون عندما يقوم بعملية السحب في اليوم الذي أودع لحسابه مبالغ مالية، يقوم البنك باقتطاع نسبة من السحب، تصل لـ13 بالمائة كفائدة عن كل يوم من تاريخ القيمة". هذه العملية يعتبرها النائب "نوعا من الاحتيال على الزبناء".
لكن هل هذه الاقتطاعات تتم بدون علم بنك المغرب الذي يشرف على القطاع البنكي؟ وهل ما تقوم به الأبناك يتجاوز المسموح به قانونيا؟
مال الزبون.. كدين
لتوضيح هذا الأمر، قال مسؤول بأحد المؤسسات المالية الرسمية، أبى الكشف عن اسمه، إن "الأبناك لا تزال تشتغل بالدورية التنظيمية (القانون المؤطر للأبناك) التي وضعها بنك المغرب، والتي تسمح لهم الاعتماد على نظام تاريخ القيمة".
المصدر المتخصص في السياسة البنكية والمالية، وضح في حديثه لـ"تيل كيل عربي"، أنه ورغم توصل الزبون بعملية التحويل وإبلاغه بأن المال وصل إلى حسابه، "إلا أنه يتصرف فيه كدين في اليوم الأول وليس كمالك له". أما إذا قام بعملية سحب مالي في نفس اليوم، فإن المؤسسة البنكية "لها الحق في أن تقتطع منه ما يقارب 12.45 بالمائة، كتعويض أو فائدة عن كل يوم سبق وصول المال إليه"، يوضح المتحدث.
المتخصص يشير أن "كل عملية تحويل مالي (شيك، راتب شهري..) لا يجب أن تتعدى يومين (2Jours ouvrables) كإجراء اعتيادي"، لكن إذا تأخر التحويل وتعدى اليومين، "سيزيد ذلك من الاقتطاع (البالغ 12.45%) عن كل يوم، وسيصبح (J+3 /J+4.. الخ)"، أي إذا صادف التحويل يوم الجمعة ووصل إلى الزبون يوم الاثنين، فإن نسبة الاقتطاع تحسب فيها ثلاثة أيام.
ولهذا، يشدد المسؤول أن الزبون له الحق في أن يستفسر عن سبب التأخير، وإذا لم يحصل من وكالته البنكية على جواب مقنع وراض، يمكنه أن يلجأ إلى ما يعرف بـ"المركز المغربي للوساطة البنكية" ليقدم شكايته.
"تحايل" قانوني !
لماذا لا يسمح للزبون بالتصرف في مبالغه المالية دون اقتطاع، مادام في ملكه وفي رصيده؟ وهل تطبق جميع الأبناك هذه الاقتطاعات بشكل منتظم وعلى جميع الزبناء؟
يضيف المصدر ذاته، أن البنك العقاري والسياحي (CIH)، قام السنة الماضية "ولو بشكل غير شامل"، بالتخلص من هذا الإجراء "المهلك" للزبون. قرار البنك هذا "يستخدمه أي بنك لتطمين زبنائه بأن سياسته لا تقوم باقتطاعات، وذلك لاستقطاب عدد أكبر من الزبناء".
المسؤول، يؤكد أن بنك المغرب يضع نظام Date de valeur "لكن لا يفرض على أي مؤسسة بنكية، أن تتقيد به، أي أنها يمكن ألا تستخدمه أو أن تقلله إلى J+1، أو إزالته (J+0)، وبالتالي يمكن استعماله "مع بعض الزبناء أو بطريقة غير منتظمة"، يوضح المتخصص.
وفي نفس السياق، يضيف المتحدث، أن الاقتطاع لا يشعر به الجميع، إذ يتم أحيانا بطريقة "غير شاملة" وتمس "بعض الزبناء دون غيرهم"، مشددا أن هذا النظام المالي، "جد مربح للمؤسسات البنكية، وتعتمده كل أبناك العالم".
من جهة أخرى، يؤكد المصدر أن الزبناء "يمكن لهم التفاوض مع البنك على إزالة نظام القيمة او تخفيضه إلى يوم واحد فقط، وذلك حسب نوعية التعامل مع الزبون"، يضيف المتخصص.
ويشدد المسؤول، أن "الدولة ألزمت المؤسسات البنكية بأن تنشر إعلانا عموميا للزبناء عن هذه العمولة، داخل جميع وكالاتها".