افتتاحية: مسمار في حذاء إفريقيا

أحمد مدياني

وصل حد إسقاط الجزائر لطائرة المغرب فوق أي حديقة إلى مستوى تتفهم معه من أصبحوا يواجهون كل ما يصدر عن الجارة، بسخرية، فقط.

هناك داخل مقر الأمم المتحدة بنيويورك، خلال الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، اختارت الجزائر أن تغرد، كما هي عادتها، خارج السرب. أن يعزف "رئيس دبلوماسيتها" لحن العداء للمغرب، بدون توفُر أسباب النزول.

تحلق مسؤولو الدول حول طاولة قاعة اجتماعات مجلس الأمن الدولي، بغرض مناقشة دور الشباب في مواجهة التحديات الأمنية في منطقة البحر الأبيض المتوسط. هكذا، فجأة، صاح وزير خارجية الجزائر:

"يا قوم، دعوا كل القضايا جانبا، نحن لا هم لنا غير المغرب...".

ترك الوزير كل الفوارق بين ما يُوفر من فرص لشباب شمال المتوسطي ويسلب من القاطنين جنوبه، واقترف هواية التخصص في استهداف جاره.

أسقط من حقيبته الدبلوماسية ملفات توفير شروط وظروف تمدد الحركات المسلحة والإرهابية والانفصالية، بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا والصحراء. تجاهل كيف أن دعم هذه السرطانات، في السر والعلن، هو دعم لتسميم أبدان الشباب وعقولهم، إعدام يومي لمستقبل الملايين منهم، وإجبار آخرين على مصير قوارب الموت شمالا وغربا.

دعمٌ تحول إلى عامل أساسي ورئيسي في كبح ما يخدم، ليس شباب المتوسطي وشمال إفريقيا فقط، بل القارة ككل، وما يمكن أن ينعكس على جنوب أوروبا، أيضا، بالنفع.

يحاول المتتبع أن يستوعب كيف لهؤلاء أن يقبلوا على أنفسهم، في كل مناسبة، دفعهم للتأكيد أن العداء للمغرب مجرد إدمان أكثر منه صراع؛ لأن قواعد الأخير، وحتى في حالات الحرب، لا يسقطها الساسة وسط مستنقع التمييع. صوت الرصاص يعلو، ويبقى صوت الدبلوماسي رزينا متماسكا يتجنب لسانه حقول الألغام وسط الكلام.

ولا يسع القول هنا، غير أنه مع تكرار حوادث إخراج الجزائر لكل تجمع أممي، عربي، إقليمي، من سياقه، سنصل قريبا إلى مرحلة تستحضر فيه العداء (...)

أعتذر، لم أكمل الجملة ولا الفكرة. فجأة تذكرت أن القارئ لا يحتاج مخيلته لتركيب أحداث وقعت بالفعل... بملاعب كرة القدم، والرياضات المتنوعة، والمطارات، علاقة بالمناخ والجراد، عند "الكاف" و"فيفا"، وفوق الأرض وتحتها...

يكفي فقط إطالة التركيز مع وسائل الإعلام الجزائرية ومن يمر فيها، للتأكد، كما قال أحد الأشقاء، يوما، أنه"نهار يلعب المغرب مع والو... نشجع والو...".

وبالعودة إلى القليل من الجدية، رغم أن السخرية كما ذكرنا سلفا أصبحت الملجأ، لا مانع هنا من العودة إلى آخر تصريح جاء على لسان رئيس الحكومة الإسباني، وقال فيه: "رخاء المغرب سوف ينعكس على ازدهارنا".

تصريح يدفع إلى طرح سؤال: ماذا لو اقتنع المتحكون بمصير الجزائريين أن نزع مسمارهم من حذاء إفريقيا سيمنح فتح فرص الرخاء والازدهار للجميع؟

مواضيع ذات صلة