الاتجار بالبشر.. عبد النباوي يطرح وصفة النيابة العامة لمحاربة الجريمة

محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة
تيل كيل عربي

قال محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة، إن "الأخيرة تضع مكافحة جريمة الاتجار بالبشر في صلب اهتمامات السياسة الجنائية في المغرب"، وجاء حديثه  بمناسبة اللقاء التو اصلي حول الاتجار بالبشر، الذي نظم اليوم الاثنين بالعاصمة الرباط.

وشدد عبد النباوي على ضرورة تأمين الحماية القانونية لضحايا هذه الجريمة البشعة من جهة أخرى". خاصة وأنها "جريمة لها طابع اختلف عن باقي الجرائم، وتَعَقُّدِ أركانها، وتشابهها مع جرائم أخرى تشترك معها في بعض الخاصيات. ولاسيما الطابع العابر للحدود الوطنية، والأساليب المتطورة التي تستعملها العصابات الإجرامية المنظمة في ارتكابها، والاحتياطات الدقيقة المستعملة من قبل تلك العصابات لتلافي اكتشافها".

واعتبر رئيس النيابة العامة أن "العدالة الجنائية مدعوة لاتخاذ كل التدابير الممكنة لمكافحة الاتجار بالبشر. سيما بالنسبة للمغرب الذي يَستقطب حركية كبيرة للمهاجرين، سواء الراغبين في العبور نحو أوروبا، أو الذين يستقرون بالمملكة. وفي كلا الحالتين فإن ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية تجعلهم فريسة سهلة ليصبحوا ضحايا للاتجار في البشر سواء من طرف شبكات الاتجار في البشر، أو عن طريق الاستغلال الجنسي أو الجسدي، أو من طرف الوسطاء ووكالات الوساطة في الخدمة في المنازل، التي تستورد العمال من بعض الدول الأجنبية. بالإضافة إلى استقطاب بعض المواطنات المغربيات لتهجيرهن نحو بعض الدول الأجنبية من أجل العمل، ثم سرعان ما يجدن أنفسهن ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر".

وتابع المتحث ذاته، أنه من "المعلوم أن التحدي الأساسي الذي يواجه أنظمة العدالة الجنائية، في العالم بالنسبة لجرائم الاتجار بالبشر، يكمن في التعَرُّف على الضحايا، باعتبارهم الخيط الأساسي للكشف عن المتجرين والإيقاع بهم". ولهذه الأسباب، يضيف عبد النبوي، نص القانون رقم 27.14 في المادة 52.5.1 على وجوب التعرف فورا على ضحية الاتجار بالبشر، وأتاح إمكانية منع المشتبه فيهم أو المتهمين من الاتصال بها أو الاقتراب منها.

ولم يخفي رئيس النايبة العامة أن غير أن "الإمكانيات المتاحة لمكافحة الاتجار في البشر، لا تتحقق إلا بإقدام الضحايا على الإبلاغ عما يتعرضون له من استغلال. وهي مبادرة تعترضها عادة عدة عراقيل. منها ما يتعلق بجهل الضحايا أنفسهم لوضعيتهم كضحايا للاتجار بالبشر، أو لاعتقادهم بأنهم سيتعرضون للمتابعة عن الأفعال المخالفة للقانون التي تورطوا فيها في حالة إقدامهم على التبليغ. بالإضافة إلى خشيتهم وخوفهم من المتاجرين بهم، سيما وأنهم واقعون تحت سيطرتهم، مما يحول دون إقدامهم على التبليغ عن استغلالهم".

وأوضح المتحدث ذاته، أن العوامل السالفة الذكر "تزيد من تعقيد هذه الأوضاع، بالنسبة للضحايا، ويسهل الأمر في الوقت ذاته للمتجرين،خاصة وأن الضحايا يكونون عادة من الفئات الهشة المنحدرة من مستوى اجتماعي وتعليمي متدني، يجهلون حقوقهم وواجباتهم. كما أن السيطرة التي يخضعون لها من طرف المتاجرين فيهم، تجعلهم في أوضاع نفسية تسلبهم القدرة على الاحتجاج أو التمنع، وبالتالي الإبلاغ".

ورأى عبد النبوي أن "كافحة جريمة الاتجار بالبشر، تطرح على السياسة الجنائية تحديات استثنائية تدعو إلى تهيئ سلطات البحث والتحري للتعرف على ضحايا هذه الجريمة من جهة. كما تتطلب تشجيع الضحايا أنفسهم، وعامة الأشخاص في المجتمع على التبليغ عن هذه الجريمة. وتحسيسهم بخطورتها، وتعريفهم على أركانها والوسائل التي ترتكب بها. وطمأنة الضحايا على وضعيتهم وعلى حمايتهم".

وشدد عبد النبوي على أن "التعريف بالجريمة، وبأركانها وأساليبها وبأنواع الحماية المقررة لضحاياها، بات حلقة ضرورية لكي تتمكن السياسة الجنائية من القيام بمهمتها الردعية في المجتمع. ولهذا السبب تطلق رئاسة النيابة العامة، ابتداء من اللحظة حملة تواصلية مع الرأي العام للتحسيس بجريمة الاتجار بالبشر والتعريف بها، من أجل تحرير ضحايا هذه الجريمة من الخوف، وتشجيعهم على تبليغ السلطات والتماس حمايتها".

ودعت النيابة العامة خلال لقاء اليوم، المشاركين في الندوة للاطلاع على شريطين مصورين تم إنجازهما بتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة والمساواة بين الجنسين،
الأول: عبارة عن وصلة تحسيسية، تعرف بجريمة الاتجار بالبشر وتحدد أركانها والوسائل المستعملة لارتكابها، وتدعو إلى التبليغ عنها. وإذا كان الشريط الذي سيعرض عليكم يستغرق أكثر من 4 دقائق، فإنه لضرورات استعمال الشبكات الإعلامية المرئية، تم وضع نسخة مختصرة منه في أكثر من دقيقتين اثنتين، لتحقيق نفس الغاية.

وأما الشريط الثاني، فهو عبارة عن فيلم وثائقي يجسد حكايات واقعية للاتجار بالبشر يرويها بعض الضحايا. كما يعرف بالآليات المتوفرة للتكفل بضحايا الاتجار بالبشر ولاسيما من النساء والأطفال، وبالخدمات التي تقدمها الخلايا القضائية للتكفل بالنساء والأطفال في هذا الصدد.