التوجيه الدراسي.. بنموسى يدعو إلى إعادة التفكير في الشعب والمسارات المهنية وربطها بسوق الشغل

محمد فرنان

أوضح شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة، أن "النموذج التنموي الجديد أكد على أهمية نظام التوجيه كرافعة أساسية من رافعات المنظومة المتكاملة للنجاح المدرسي، وذلك بالارتكاز على المشروع الشخصي للمتعلم كأساس لعملية التوجيه، وتمكينُ المتعلمين من الانفتاح على العالم المهني لمساعدتهم على اكتشاف المهن وسوق الشغل، بالإضافة إلى تعزيز العرض التربوي والتكويني بتوسيع قاعدة المسارات المهنية ذات الجودة والجاذبية".

وأضاف الوزير في كلمته بمناسبة اليوم الدراسي حول نظام التوجيه المنظم من طرف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، صباح اليوم، أن "الوزارة انكبت على وضع تصور شامل لنظام التوجيه المدرسي والمهني والإرشاد الجامعي في ارتباطه بقطاعي التكوين المهني والتعليم العالي، بحيث يرتكز على محورية المشروع الشخصي للمتعلم، باعتباره آلية تجسد اختيارات المتعلم وفق قدراته وميولِه".

وأورد أن "هذا التصور يرتكزُ على ضرورة مواكبةِ المتعلم من طرف المتدخلين بالمؤسسات التربوية والتكوينية في سيرورة مشروعه الشخصي، منذ التعليم الابتدائي إلى الاندماج في الحياة العملية، وبالتدرج عبر أسلاك التربية والتكوين بالتعليم المدرسي والتكوين المهني والتعليم العالي، في إطار رؤية مندمجة، وعمل تشاركي وتكاملي بين مختلف الفاعلين من القطاعات الثلاثة، إلى جانب تعزيز انفتاح المؤسسات التعليمية على الأسر وإشراكها في الحياة المدرسية لأبنائها".

ولفت إلى أنه "تعزيزا لِحَقِّ المتعلمين في المساعدة على تدقيق اختياراتهم المتعلقة بالتوجيه، عملت الوزارة على ضبط خدمة المواكبة التخصصية المسندة للمستشارين في التوجيه التربوي وفق معاييرَ وضوابطَ للجودة، بمكوناتها الثلاثة المتمثلة في الإعلام المدرسي والمهني، والاستشارة، والمواكبة النفسية الاجتماعية، إلى جانب إعدادِ عُدةٍ خاصةٍ بمواردَ منهجيةٍ وعمليةٍ تهدف إلى ضمان الاستجابة لطلبات المتعلمين وحاجاتهم وخصوصياتهم. (دليل تم إعداده في إطار مساعدة تقنية مندرجة ضمن برنامج الدعم المندمج لقطاع التربية والتكوين PIAFE بمقاربة تشاركية من طرف مستشارين ومفتشين في التوجيه التربوي ممارسين في الميدان)".

وتابع: "سعيا إلى دعم إعمال هذه المقاربة التفريدية، تم الاشتغال على توفير الشروط الملائمة من خلال برمجة تعميم فضاءات التوجيه المدرسي والمهني على جميع المؤسسات الثانوية، والرفع من أعداد المستشارين في التوجيه التربوي في إطار مخطط تكويني لمضاعفة أعداد الممارسين حاليا بالمؤسسات الثانوية والبالغ عددهم اليوم 1127 مستشاراً".

وذكر أنه "تم منذ سنتين اقتراح تكوين 1400 مستشار إضافي على امتداد أربعة أفواج، وتم تخريج أول فوج من 348 مستشارا نهاية السنة الدراسية الماضية، وهذه السنة يتكون الفوج الثاني من 329 مستشارا متدربا سيتخرجون نهاية السنة الدراسية المقبلة ومن الاستمرار بفوجين من 350، للعودة بعدها إلى تكوين أفواج من 100 مستشار كل سنة لتحسين نسبة المواكبة التخصصية، وتعويض المغادرة لمختلف الأسباب".

وأكد أن "الوزارة عملت كذلك، وبتنسيق منتظم مع قطاع التكوين المهني، على إرساء مسطرة جديدة للتوجيه المدرسي والمهني تدمج التكوين المهني كاختيار قائم الذات إلى جانب باقي الاختيارات الدراسية الأخرى، وتعتمد تدبيرا رقميا شاملا لكل العمليات المندرجة في إطارها عبر منظومة "مسار". كما تم، ولأول مرة في تاريخ مسطرة التوجيه، تخصيص محطة أولى من هذه المسطرة لفائدة تلاميذ السنة الختامية من التعليم الثانوي الإعدادي بهدف تمكينهم من التعبير عن اختياراتٍ دراسية أولية مصحوبة بأهدافهم المهنية المستقبلية وميولاتهم الدراسية والمهنية عبر استمارات خاصة، وتمكينهم من التعرف على آراء المستشارين في التوجيه التربوي بخصوص مدى انسجام اختياراتهم مع جانبياتهم، ومن تعديلها عند الضرورة قبل الشروع في إجراءات الحسم فيها عبر الآليات المؤسَّسِيَّة الموضوعة لهذا الغرض".

وأبرز أن "نسبة التلاميذ المتمكنين من التعلمات الأساس بالتعليم الابتدائي لا يتجاوز حاليا 30  % . ولهذا السبب، حددت خارطة الطريق هدفا  استرتيجيا يتمثل في رفع هذه النسبة إلى 60 % . إذ لا يمكن فصل الارتقاء بمؤهلات المتعلمين عن مسألة التوجيه، فالتكوين المعرفي الجيد يساهم في تيسير اختيارات التلاميذ كما أنه يضمن فرصاً أكبر لتوضيح المسارات وآفاقها أمامهم".

وأشار إلى أن "تقليص نسبة الهدر المدرسي كذلك، يشكل نموذج مدرسة الفرصة الثانية المندمج في الإعداديات مسارا تعليميا يزاوج بين التعليم العام (اللغات والعلوم)  و الاستئناس المهني وفق هندسة بيداغوجية ملائمة و  خاصة لفائدة هذه الفئة من التلاميذ داخل الاعداديات. وسيتم تنفيذ هذه المسارات التربوية في إطار شراكة تعاقدية مع جمعيات المجتمع المدني المتخصصة في مجال التأهيل المهني على غرار ما هو معمول به حاليا في مراكز الفرصة الثانية الجيل الجديد. ويعتمد المسار المهني الإعدادي على التناوب بين فضاء المؤسسة الإعدادية وفضاء مؤسسات التكوين المهني الشريكة بالنسبة للمواد المهنية".

وأكد أن الإشكالات تتلخص في "الهندسة التكوينية، مع ما تعنيه من إعادة التفكير في الشعب والمسارات المهنية وآليات تدبير التدفقات في استحضار للمستويات البيداغوجية الحقيقية للمتعلمين مع ربط هذه التوجهات مع سوق الشغل، وكيف نعمل على إرساء نظام معلوماتي مشترك وفعال للتوجيه؟ ما هي السبل لوضع نظام انتقاء موضوعي قائم على معايير شفافة لتعزيز التوجيه على جميع مستويات المنظومة؟".