الوزير الأول الفرنسي يستحضر الحسن الثاني.. ومزوار مع "الدور" الصيني

السفيرة تقرأ رسالة الوزير الأول الفرنسي
موسى متروف

"السياسة تشبه قليلا أحوال الطقس، ونحن نسير قدما، سواء عبر الأجواء الصافية أو الملبدة، لا بد لنا من اختراق سحب المستقبل"، هكذا قال الملك الراحل الحسن الثاني يوما، وهو ما استشهد به الوزير الأول الفرنسي إدوار فيليب، اليوم السبت بمراكش، في افتتاح الدورة الثانية عشرة لمنتدى "السياسة العالمية" (World Policy Conference).

النموذج التنموي والفوارق

الرسالة التي قرأتها، في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، السفيرة الفرنسية الجديدة هلين لوغال، أكد فيها إدوار فيليب على أن "أحوال الطقس التي تخيم على سماء مستقبلنا كئيبة على الأقل".

وذكر أن "المغرب هو الإطار الطبيعي لمثل هذا الحدث"، وأن "البحر الأبيض المتوسط لا يفصلنا ولكن يقربنا. وليس لأسباب جغرافية أو تاريخية فقط، ولكن لأننا نواجه في الضفتين تحديات متشابهة"، وذكر منها ما يتعلق بمكافحة التغير المناخي والتحكم في تدفق المهاجرين وإنعاش نمو منصف. وأوضح أن المغرب يمكن أن يساعد في مواجهة هذه التحديات جماعيا.

وشدد الوزير الأول، في كلمته، على أربع قضايا كبرى؛ تتعلق، أولا، بحل الأزمات (وخص بالذكر الأزمة الإيرانية) من خلال حلول سياسية، وثانيا، بالتغير المناخي وتفعيل اتفاق باريس، وثالثا، بالتنمية المستدامة ودعا إلى "تغيير نموذجنا التنموي للحد من الفوارق"، ورابعا وأخيرا، ما يتعلق بالعولمة وإصلاح المنظمة العالمية للتجارة.

وفي النقطة الأخيرة، ذكر بالتحالف من أجل "تعدد الأطراف" الذي يجمع بلاده مع ألمانيا.

"الجيواقتصاد" هو الحل

وقبل إعطاء الكلمة للسفيرة، كان رئيس ومؤسس المنتدى تييري مونبريال قد افتتح اللقاء بكلمة، قال في ختامها، إنه إذا كان الاجتماع يتم اليوم وللمرة الخامسة بالمغرب، فلإنهم مقتنعون، في المنتدى، بحقيقة أن أمن أوروبا مرتبط بشكل وثيق بجيرانها، وبضرورة العمل من أجل دعم النمو والأمن لدى جيرانها الجنوبيين، مثل الدول المغاربية ودول الساحل، حيث "قدرها مرتبط بقدرنا"، على حد قوله.

وكان مونبريال قد ذكّر أنه، في السنة الماضية وبالرباط، خلال الدورة الحادية عشرة للمنتدى، كان الرأي السائد بين الخبراء هو أن الاقتصاد العالمي بخير، والآفاق إيجابية، إلا إذا مستها صدمات سياسية. ليؤكد أن صدمات قد وقعت، لتتجاوز حتى الحرب التجارية.

وأعطى مثالي إيران، التي لم تنحن للعقوبات المفروضة عليها من طرف الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية المتورطة في اليمن، والتي أبانت عن هشاشتها أمام أعدائها بالرغم من مئات الملايير من الدولارات التي تستثمرها في دفاعها.

وأكد أن عدم وقوع اصطدامات مرده إلى إرادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي لا يرغب في أن يتورط في حرب جديدة، مفضلا "السلاح الاقتصادي".

وشدد على فشل هذه الطريقة مستدلا بالعقوبات الاقتصادية الدولية في زمن تطورت فيه تكنولوجيا الإعلام والاتصال.

وقال، في هذا الصدد، بأنه يتم الحديث عن "الجيواقتصاد" لوصف وضع حيث دول، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تستعمل، أكثر فأكثر ومنهجيا، الرافعات غير العسكرية للقوة الاقتصادية من أجل الوصول إلى أهداف سياسية.

وأضاف أنه من خلال "الجيواقتصاد"، ومن دون أن تتخلى عن طموحاتها العسكرية الكبيرة، استطاعت الصين أن تمدد تأثيرها عبر العالم، وبنجاح حقيقي.

وأكد أنه على خلاف الولايات المتحدة، تتصرف الصين باسم النمو والحد من الفقر، وتصرح بأنها مع "تعدد الأطراف".

وقد تواتر الحديث عن الصين خلال الجلسة الافتتاحية والجلسة العامة الأولى وما تلاها، لأنها هي الموضوع وهي الحدث في زمن "الحرب التجارية" بين الولايات المتحدة والصين.

الصين في إفريقيا

في كلمته، خلال الجلسة الافتتاحية، لم يغفل الوزير الأول الإيفواري أمادو غون كوليبالي، الحديث عن دور الصين في القارة الإفريقية وفي بلاده.

فبعد التشديد على أن القارة السمراء أدارت ظهرها للانقلابات العسكرية، ذكر أنها ما زالت تعاني من الإرهاب ومشاكل أخرى، وهي تتعامل مع الصين كما دول أخرى.

وأوضح أن بلاده، في علاقاتها مع الصين، لا تقدم مواردها الطبيعية مقابل القروض، لأنها أساسا لا تتجاوز السقف المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.

وأكد على أهمية تطوير مناطق التبادل الحر، وخص بالذكر "سيدياو" (المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية) والتي قال إن مسلسل انضمام المغرب إليها "مستمر".

وبالنسبة للتحالف بين أوروبا وإفريقيا لمواجهة جبهتي الولايات المتحدة ومن معها، والصين ومن معها، قال الوزير الأول الإيفواري إن رؤساء القارة الإفريقية عموما معه.

مزوار والضرورة الصينية

وفي الجلسة العمومية الأولى، تحدث رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب صلاح الدين مزوار، وإن كان قد رفض تقديمه فقط بصفة "رجل أعمال" من طرف منشط الجلسة عند إعطاء الكلمة له ليؤكد، أنه أيضا رجل سياسة، ليشير في كلمته، خلال الجلسة التي كان موضوعها "الآفاق الاقتصادية والسياسية في سياق صعود الصين"، إلى تجربته كوزير مرتين.

وتحدث مزوار عن فترة الـ"كوب22" (كان يرأسه وكان وزيرا للخارجية) التي عرفت تسلم الرئيس ترامب لزمام الأمور في بلاده، وليعلن انسحابه من اتفاق باريس، وكيف تطورت الأمور لتبدو الصين، في نظره (وهو ما يتمناه، على حد تعبيره) كقوة تخلق التوازن مع الولايات المتحدة الأمريكية.

 وأوضح أن "التوازن العالمي" يفترض أن يقبل الغرب بهذه القوة التي تمثل "عالما آخر".

وبالنسبة لإفريقيا والصين، أوضح أن الأخيرة تمثل للقارة السمراء "استرجاع جزء من سيادتها"، وبالنسبة لقادتها وساكنتها "الأثر السريع" في العلاقات.