الطالبي العلمي يستعرض بآسيا أربع تحديات تواجه العالم

محمد فرنان

قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، إن "الدورة 44 للجمعية البرلمانية لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا (AIPA)، تنعقد في سياق دولي بالغ التعقيد، ومفتوح على كل الاحتمالات، ومرشح لمزيد من التوترات والأزمات مَالَمْ يَعْمَدْ أعضاء المجموعة الدولية إلى مراجعة مجموعة من السياسات، وما لم يتخذوا تدابير ناجعة وفعالة لمواجهة أصول الشرور".

وأضاف في كلمته بالدورة 44 للجمعية العامة للجمعية البرلمانية لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا (AIPA)، اليوم الإثنين، "حسنًا فعلتم عندما اخترتم التركيز في هذه الدورة على دور البرلمانات في بناء السلم والاستقرار وتحقيق الازدهار، وحيث إن الوقت المخصص لي لا يسمح بالتفصيل في مجمل التحديات التي تواجهها المجموعة الدولية، اسمحوا لي أن أتفاعل مع مداخلاتكم القيمة واقتراحاتكم الناجعة، وأتقاسم معكم هذه الملاحظات".

وتابع: "أولها، يتمثل في أن المجموعة الدولية تواجه اليوم أكبر التحديات التي لم تعترضها منذ الحرب الكونية الثانية. فإلى تداعيات جائحة كوفيد 19 على الاقتصاد العالمي، والانعكاسات الخطيرة للاختلالات المناخية على أحوال البشرية، تُضاف تداعيات الحروب والنزاعات، وشُحُّ مصادر التموين والغذاء والتنافس الدولي الحاد عليها".

وأوضح أن "ثاني الملاحظات، يتمثل في أن العلاقات الدولية أصبحت مبْنية على الانشطار أكثر والتمزق، عوض القطبية، وبِتَعَدُّدِ الأحلاف والمحاور، مع ما يستتبع ذلك من تحديات أمنية، ومن تنامي للحركات الإرهابية والنزعات الانفصالية المتحالفة معها، مع كل ما ينتج عن ذلك من مخاطر على وحدة الدول واستقرارها وعلى الأمن العالمي".

وأبرز أن "ثالث الملاحظات، تتمثل في ازدهار الأنانيات الوطنية والنزوع إلى الانطواء في مواجهة هذه التحديات عوض التضامن والتعبئة الجماعية والوحدة، والعمل المشترك في مواجهة التهديدات الحاصلة والمستقبلية".

وشدد على أن "الملاحظة الرابعة، تتمثل في تعمُّق الشرخ في التنمية والمداخيل ومستوى العيش بين مكونات المجموعة الدولية، وخاصة بين الشمال والجنوب، وداخل المجتمع الواحد، جراء العوامل التي ذكرت وغيرها، مما يزيد من حركات الهجرة، ويعمق الشعور باليأس والإحباط، خاصة في أوساط الشباب، بالموازاة مع تنامي الوعي بالفوارق بفضل إمكانيات التواصل، مما يجعل الديمقراطية المؤسساتية موضع تساؤل في ما يرجع إلى المردودية والعائد الاجتماعي والوقع على حياة الناس".

وأكد أن "هذه المعضلات ليست بِقَدَرٍ لا رادَّ له، كما أن المسؤولية السياسية والأخلاقية والتاريخية للدول ونخبها، وخطورة الأوضاع الدولية، لا تسمح بالاستسلام لهذه المخاطر. وبالتأكيد، فإن لرابطتكم الكثير مما يمكن أن تساهم به لدرء هذه التهديدات، وإعادة الهدوء والتوازن إلى العلاقات الدولية، واستتباب السلم والأمن الدوليين وضمان احترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها وعدم التدخل في شؤون الغير، باعتبار ذلك من أسس القانون الدولي. وفضلا عن ذلك، فإن بلدانكم مؤهلة للمساهمة بشكل حاسم في إيجاد الرافعات الاقتصادية والقَيْمِية والثقافية وقلب المعادلات السلبية على النحو الذي يُيَسِّر استفادة الجميع من مكاسب العولمة والتجارة الدولية والتقدم التكنولوجي".

وشدد على أنه "ما من شك في أن الصعود الاقتصادي والتكنولوجي الذي تحققه البلدان الأعضاء في رابطتكم ومحيطها الإقليمي، وما يميز شعوبها من انضباط وثقافة الجد والعمل، والاعتدال، كفيل بتيسير هذه المساهمة. ودون مجاملة، اسمحوا لي أن أؤكد أن تكتلكم المبني على التعاون والشراكة والذي استطاع تجاوز منطق الإيديولوجيا، مرشحٌ للمساهمة بقدر كبير من القيمة المضافة الاقتصادية والتكنولوجية والبشرية، وفي مجال المبادلات في إعادة التوازن للعلاقات الدولية، خاصة من خلال تقاسم الخبرات وتيسير نقل التكنولوجيات والمهارات. وإن مما يُسْعِفُه أكثر في تحقيق ذلك، بُعْدُه عن سياسة المَحَاوِر الجيوسياسية وتركيزه على بناء الإنسان الجديد وإنتاج الثروات والابتكار".

وأورد المتحدث ذاته، أن "المملكة المغربية، التي تقيم علاقات تاريخية مع بلدانكم، تتقاسم معكم نفس الانشغالات، في الكفاح ضد أسباب الاختلالات المناخية، وضد تدهور البيئة، خاصة تلوث المحيطات والبحار، ومن أجل توطين مشاريع الاقتصاد الأخضر وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة، وهي مشاريع تكتسي طابعا استراتيجيا بالمملكة، وتفتح آفاق واسعة لشراكات متوازنة".

ولفت إلى أنه "سنكون سعداء، بفتح آفاق جديدة للتعاون مع البلدان الأعضاء في رابطتكم، خاصة في المشاريع الاستراتيجية التي تساهم في إنتاج الغذاء، حيث تنجز بلادي مشاريع كبرى وتساهم في تنمية الفلاحة الإفريقية، بفضل مهاراتها في هذا المجال وبفضل ما تتوفر عليه من إمكانيات هائلة من الفوسفاط والمخصبات وأيضا في مجال الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيات المرتبطة به".