العثماني: الأجور بلغت 106 مليار درهم في 2017.. وسنرفع راتب موظفي وأعوان الدولة

غسان الكشوري

قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني اليوم، إن المنظومة الحالية للأجور أصبحت متقادمة وغير متجانسة، وأن استمرار العمل بها يؤدي إلى استمرار الاختلالات وإلى توترات اجتماعية. كما أشار إلى أن نسبة كتلة الأجور بلغت 106 مليار درهم في 2017، وسترتفع في سنة 2018 بـ12 بالمائة، لكنها ستنخفض في سنة 2019.

في الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين اليوم الثلاثاء، قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أثناء جوابه حول "السياسة الأجرية في المغرب"، إن الحكومة تعتزم إعادة النظر في هذه السياسة الأجرية، "في إطار إصلاح شمولي لمنظومة الوظيفة العمومية". مضيفا "أن المنظومة الحالية للأجور قد أصبحت متقادمة ومعقدة وغير متجانسة، وأن استمرار العمل بها من شأنه أن يؤدي إلى استمرار الاختلالات"، والتي من بينها "تكريس الفئوية في مجال الأجور واستمرا التفاوتات المسجلة بين مختلف هيئات الموظفين".

ولمحاربة هذه الاختلالات وضع العثماني تصور الحكومة لتجاوزها، والذي يقوم على "إعادة هيكلة منظومة الأجور بطريقة تسمح باسترجاع المرتب الأساسي لمكانته"، مرتكزا "على الزيادة في الراتب الأساسي بالنسبة لمجموع موظفي وأعوان الدولة". والتي تتمثل، بحسب العثماني، "في تمديد شبكة الأرقام الاستدلالية لتوسيع آفاق تطور المسار المهني للموظفين في السلالم التي ينتمون إليها، وبالتالي تقليص الضغط على نظام الترقي في السلم أو الدرجة؛ وتوحيد الفوارق في النقط بين رتبة وأخرى؛ (فضلا عن) مراجعة التقطيع الترابي للمناطق وحصرها في خمسة مناطق وفق معايير موضوعية لمنح التعويض عن الإقامة".

هذا التصور لنظام الأجور، لا يرتكز فقط على الدرجة أو السلم، "ولكن على أساس مفهوم الوظيف (كفاءات مكتسبة في ميدان المعرفة والمهارة، الأعباء والجهود المبذولة، المسؤولية والمخاطر المتحملة، شروط العمل...)"، يضيف العثماني.

رئيس الحكومة أشار إلى أن التوقعات المتعلقة بالفترة 2017-2021 بالنسبة لكتلة الأجور ستستمر في الارتفاع. وعلى افتراض نسبة نمو اقتصادي في حدود 3.6%، فإن نسبة كتلة الأجور من الناتج الداخلي الخام ستنتقل من 11.84% سنة 2016 إلى 12% سنة 2018، قبل أن تشرع في الانخفاض انطلاقا من سنة 2019 لتصل إلى 11.5% سنة 2021 .

تكلفة القطاع العام

في ما يتعلق بنظام الأجور، أشار العثماني في حديثه عن القطاع العام، إلى أن الأجور شهدت ارتفاعا "من 1586 درهم في سنة 2007 إلى 2800 درهم في سنة 2011، ليصل إلى 3000 درهم سنة 2014، وهو الحد الأدنى المعمول به حاليا".

وبشكل مفصل، زاد العثماني أن معدل متوسط الأجور ارتفع "من 4670 درهم سنة 2003 إلى 5333 درهما سنة 2016 ثم إلى 7600 درهم سنة 2017، أما كتلة الأجور فقد بلغت 106 مليار درهم سنة 2017 مقابل 66 مليار سنة 2006، في الوقت الذي لم تعرف فيه الأسعار خلال العشرية الأخيرة تطورا كبيرا، بمعدل سنوي يقدر بـ 2 %".

ويعزى هذا التطور، بحسب رئيس الحكومة، إلى المجهودات الكبيرة التي قامت بها الدولة في محاربة العمل الهش بالوظيفة العمومية (ترسيم المؤقين والمياومين، وحذف السلالم الدنيا..)، والرفع من الأجور (تخفيض الضريبة على الدخل، الزيادة في التعويضات، مراجعة نظام الترقي ..).

وأضاف العثماني أن نسبة الفارق بين أدنى وأعلى أجر بالوظيفة العمومية تقصلت "من 26 مرة سنة 2007 إلى 16 مرة سنة 2015، وخاصة بعد الرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3.000 درهم سنة 2014، مقابل 1.586 درهم سنة 2007". ويرجح العثماني السبب إلى "مراجعة الوضعيات المادية لفئة الموظفين ذوي الدخل المحدود، وإلى أن "بعض الأجور الإجمالية والتعويضات الممنوحة للمسؤولين المعينين في الوظائف العليا في الإدارات العمومية لم تعرف أية مراجعة منذ 1993 بالنسبة للكتاب العامين، و1997 بالنسبة لمديري الإدارات المركزية"، الأمر الذي ساهم أيضا، في تقليص الفوارق بين أجور الموظفين النظاميين وأجور المسؤولين المعينين في الوظائف العليا، بحسب العثماني.

دخل المغرب والدول الأخرى

قال العثماني في معرض حديثه بمجلس المستشارين، إن مستوى الأجور بالوظيفة العمومية بالمغرب، "يعتبر من بين الأعلى في المنطقة، حيث يمثل متوسط الأجر 3,21 أضعاف الناتج الداخلي الإجمالي للفرد، مقابل 2,5 مرة كمتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و 1,5 مرة على المستوى العالمي".

وبمقارنة كتلة أجور الموظفين بالمغرب بالنسبة الناتج الداخلي الخام، يرى العثماني أنها "بلغت هذه النسبة نسبة 11.84 %سنة 2016، وبالتالي فهي تعد من بين أكبر النسب بالمنطقة، حيث تبلغ هذه النسبة مثلا 7.2 % في مصر مثلا، أما في دول مجموعة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن هذه النسبة تقل عن 10 % حيث لا تتجاوز  9.4 % في فرنسا مثلا".

ويتجلى كذلك هذا المستوى العالي للأجور بالوظيفة العمومية مقارنة بأجور القطاع الخاص، حث يمثل متوسط الأجور في الوظيفة العمومة 1,57 مرة معدل الأجور بالقطاع الخاص، في حين يبلغ هذا المؤشر حوالي 0,7 بمنطقة الاتحاد الأوربي وآسيا الوسطى و 1,3 بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

من جهة أخرى أشار رئيس الحكومة، أن عدم المواءمة بين وتيرة تطور الأجور والإنتاجية قد يمثل إشكالية حقيقية بالنسبة للاقتصاد المغربي. فالواقع أن ارتفاع الأجور بوتيرة أسرع من إنتاجية العمل يؤدي إلى زيادة في تكلفة اليد العاملة، وما يترتب عن ذلك من تأثير على الأسعار التي تؤثر على تنافسية الاقتصاد وخلق فرص الشغل. وبالمقابل، "فإن زيادة إنتاجية العمل التي لا تترجم إلى تحسن في دخل الأجور تؤدي إلى التفاوتات وتركيز الثروة التي يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية".