العثماني: هبوط الإسلام السياسي لا يعني أفوله وما يحسب للدولة سماحها بإدماج الفصيل الإسلامي

بشرى الردادي

اعتبر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، أمس الخميس، في حوار مع صحيفة "الخليج الجديد"، أن "الادعاء" بأن الأحزاب أو التيارات ذات المرجعية الإسلامية وحدها، التي شهدت تراجعا، "نظر غير سديد للتحولات والتطورات".

وقال العثماني، في تقييمه لتجربة "الإسلام السياسي" في المغرب، عقب اندلاع ثورات الربيع العربي، أنه "من الواضح أن المناخ الدولي كله أضحى مناخا تراجعيا، على المستوى الديمقراطي. فالديمقراطيات العريقة تواجه أزمة تتجلى، أساسا، في ازدياد العزوف الانتخابي، وتراجع الثقة في المؤسسات، والصعوبات المتصاعدة في تشكيل الحكومات، وتراجع دور الأحزاب السياسية في التأطير، وغيره من المظاهر، التي أضحت موضوع اهتمام ودراسة المتخصصين في العلوم السياسية".

وتابع أن "هذه الأزمة، التي توصف في بعض الأدبيات بالعميقة، لها تأثير في دول الجنوب. فهناك، اليوم، تراجعات ديمقراطية وحقوقية واضحة تختلف من دولة لأخرى. وبالتالي، فإن التراجع السياسي يهم الوضع العام، كما يعني جميع التيارات أو الأحزاب الإصلاحية، بمختلف تلاوينها وأطيافها. ورأينا تبعا لذلك، تقدم الحركات الاجتماعية غير المؤطرة".

وأضاف العثماني أن "هذه الأحزاب والتيارات تنمو وتتقدم أكثر، كما علمتنا تجارب التاريخ المعاصر، في المجتمعات والسياقات المتميزة بمستوى معقول من الممارسة الديمقراطية والانفتاح السياسي. أما في سياق التراجعات، فليست وحدها الخاسر، بل الأوطان والشعوب بالدرجة الأولى".

وعن أيهما أكثر تقدما وتأثيرا، الحركة الإسلامية في المغرب العربي، أم الحركة الإسلامية في المشرق العربي، اعتبر العثماني أنه "من الصعب الحسم؛ إذ لكل تجربة سياقها السياسي والتاريخي، ما يجعل الحكم، دون استحضاره، نوعا من التعسف".

واستدرك: "لكن بحكم انتمائي للحركة الإسلامية في المغرب، فإنها استفادت من الإرث الإصلاحي في المغرب الإسلامي عموما، والمتميز بالبُعد المقاصدي، تأثرا بالمدرسة المالكية وبإرث أبي إسحاق الشاطبي، إضافة إلى جهود المدرسة الإصلاحية، في القرن 14 الهجري، والتي كانت عمق الحركة الوطنية والمقاومة ضد الاستعمار"، مضيفا: "قد يكون للتحدي، الذي طرحته المدرسة اليسارية، لعقود من الزمان، دورا في استثارة تطوير الطروحات الفكرية والسياسية، للدفاع عن المرجعية الإسلامية وتقديم نموذج مقنع. كما أن قرب المغرب من أوروبا واحتكاكه بالتيارات الفكرية الغربية جعل مختلف المدارس الفكرية تتفاعل مع المنجز الفكري الغربي".

و"حول مستقبل قوى الإسلام السياسي في المنطقة، خاصة أن البعض يرى أنها تتجه نحو الأفول"، رد العثماني أن "تاريخ الدعوات والحركات الإصلاحية هو مسار دائما متموج من صعود وهبوط، تلك سنة الله في الحياة. وفترات الهبوط لا تعني بالضرورة الأفول أو الفشل. ومصطلح "الإسلام السياسي" فضفاض في رأيي، والمهم هو نهضة الأمة وتقدمها، في إطار مبادئها وهويتها".

وتابع رئيس الحكومة السابق: "ولفهم هذا الأمر، لابد من الرجوع، ولو قليلا، للتاريخ السياسي القريب لعدد من دول المنطقة، والتي كان فيها تضييق يختلف من قطر لآخر على المكون الإسلامي، وما يُحسب للمغرب هو أن الدولة سمحت بهوامش متعددة لإدماج الفصيل الإسلامي، واختارت نهجا مختلفا، نوعا ما، عن عدد من البلدان الأخرى".

وختم العثماني حديثه بالتأكيد على أن "الحركات الإصلاحية، وفي مقدمتها الحركات الإسلامية، تبقى دائما مؤهلة وقادرة على القيام بأدوار طليعية، في مراحل النهوض المقبلة".