المواصفات الجديدة.. جمعيات حماية المستهلك ترفض التلويح برفع أسعار الشاي

المصطفى أزوكاح

يخضع الشاي المصنع بالمغرب والمستورد ، اعتبارا من فاتح يوليوز الجاري، لمواصفات جديدة يراد منها محاصرة المبيدات الضارة بصحة المستهلك. تلك المعايير تثير حفيظة المهنيين، الذين يتوقعون ارتفاع الأسعار وحتى تراجع العرض في السوق، في الوقت الذي تؤكد جمعيات حماية المستهلك على أن تلك المبررات التي قد يسوقها المهنيون لا تعفيهم من احترام المواصفات الجديدة، حماية لصحة المستهلك المغربي.

كان المكتب الوطني لمراقبة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية  (ONSSA)، مذكرة إلى رئيس جمعية مصنعي الشاي بالمغرب، تتناول التدابير الجديدة الواجب الالتزام  بها بخصوص النسبة المسموح بها لبقايا المبيدات الفلاحية بهذه المادة التي تعتبر المشروب الأول للمغاربة.

شاي ملوث

وجاء السعي إلى تشديد الإجراءات بعد التحقيق الذي أنجزته " تيل كيل" في العام الماضي، تحت عنوان: "تحقيق صادم... هل الشاي الذي يتناوله المغاربة مسموم" .

ويتعلق الأمر بالعلامات التجارية: سلطان، بارود، الحفلة، المسك، هدية مربوحة، هدية ضيفان، الصويري، القافلة، الشاقور، السبع، ومياز، آخر علامة التحقت بالسوق المغربية.

وأظهرت التحليلات التي خضعت لها 11 ماركة مغربية أنها ملوثة بحوالي 30 مبيدا، بعضها يشتبه في خطورتها على الصحة. وقد تصل نسبة المبيدات إلى 150 ضعف الحد الأوروبي المسموح به، كما أن الشاي الأخضر الصيني لا يراعي مقتضيات  الدستور الغذائي Codex Alimentarius، وهو معيار دولي وضعته منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO).

وكان المغرب يستند في تحديد المعايير التي يخضع لها الشاي المستهلك محليا، على الدستور الغذائي أو معايير البلد المصدر، المتمثل في الصين، الذي يعتبر متساهلا في احترام المعايير مقارنة بالمعايير الأوروبية.

تحفظ المهنيين

لم يصدر أي تصريح رسمي عن المهنيين في قطاع الشاي بالمغرب، منذ الإعلان عن المواصفات الجديدة، غير أن مختلف التصريحات غير الرسمية التي نسبت لبعضهم، يؤكدون فيها على أنهم لا يستطيعون احترام الآجال التي حددها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، مضيفين أن تلك المعايير سيكون لها تأثير على الأسعار، بل إنهم توقعوا تراجعا في العرض في السوق.

ويؤكد مستوردون بالمغرب على أن الصين لن تستطيع توفير الشاي بالموصفات المغربية الجديدة، إلا بعد أربعة أو خمسة أعوام، خاصة أن تلك المواصفات تتضمن إكراهات عديدة، مقارنة بتلك المطبقة بالاتحاد الأوروبي.

ويفترض في زراعة الشاي المصدر إلى المغرب من الصين التكيف مع المعايير الجديدة التي تبناها المغرب، خاصة أن 99 في المائة من الشاي المستهلك بالمملكة، المقدر بـ70 ألف طن، يأتي من ذلك البلد الأسيوي.

ويستقبل المغرب 21 في المائة من الشاي المصدر من قبل الصين، والذي يصل إلى 365 ألف طن، ما دفع المستوردين إلى اللجوء إلى البلد الآسيوي بعد الكشف عن المعايير الجديدة، حيث سعوا إلى إعادة التفاوض حول الواردات التي تحدد على أساس ثلاثة  مواسم.

وبلغ حجم مشتريات المغرب من الشاي إلى غاية ماي الماضي، حسب بيانات مكتب الصرف، أكثر من 34 ألف طن، مقابل 35,8 ألف طن في الفترة نفسها من العام الماضي، كي تنتقل فاتورته من 998 مليون درهم إلى 927 مليون درهم.

وحسب أحد المهنيين، فإن الصينيين عبروا عن عدم ارتهانهم للسوق المغربية، التي تصل وارداتها إلى 70 ألف طن. وأوضح مصدر من المهنيين بأن الأمر يقتضي سنوات قبل تكيف المتدخلين في صناعة الشاي مع القواعد الحديد، مؤكدا على أنه يفترض في المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية إلغاء المعايير الجديدة أو إرجائها.

ويذهب مهني، في تصريح لـ "تيل كيل"، إلى أن الرؤية غير واضحة، مؤكدا أنه كف عن الاستيراد منذ فاتح يوليوز، حتى لا يقع تحت طائلة القانون الجديد، مشيرا إلى أنه يتوفر على مخزون من الشاي، مثل جميع المصنعين، وهو مخزون يتآكل، والحال أن استهلاك الشاي سيصل إلى ذروته في عيد الأضحى.

غير أن مصدرا آخر أكد لـ"تيل كيل" أن موردين صينين أكثر براغماتية، أكدوا لزبنائهم المغاربة، أن المنتجين طلبوا أسعارا أعلى من الأسعار المطبقة حاليا، مشيرا إلى أن الأسعار التي يطلبونها تتجاوز تلك المعمول بها في أوروبا، مشددا على أن سعر المنتج النهائي الذي يستجيب للمواصفات الجديدة سيعرف ارتفاعا ملحوظا، حيث سيتحمله المستهلك.

صحة المستهلك أولا

ويتصور بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك،  أن المعايير التي وضعها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أتت من أجل وضع حد للفوضى التي يعرفها سوق الشاي بالمملكة والمخاطر التي تهدد صحة المستهلك.

ويؤكد، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، على أن المنتجين الصينيين يمكنهم الاستجابة للمعايير الجديدة، وفي حال لم يحترموها، يمكن البحث عن موردين جدد في أسواق أخرى، مشيرا، في الوقت ذاته، إلى أنه يفترض في المصنعين والمستوردين الاكتفاء بهوامش أرباح معقولة حفاظا على القدرة الشرائية للمغاربة.

ويتصور مديح وديع، الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، أن الدفع باحتمال ارتفاع الأسعار لا يبرر عدم احترام المعايير، خاصة إذا ما استحضرت الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمستهلك جراء المضي في توفير الشاي بالمواصفات السابقة.

ويشدد، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"،على أن المستهلك المغربي أضحى أكثر حرصا على جودة الشاي الذي يستهلكه، خاصة بعدما تجلت له خطورة الملوثات التي تفسد المنتج المعروض في السوق، مؤكدا، في الوقت نفسه، على أنه من غير المستساغ التلويح باحتمال ارتفاع الأسعار من أجل المضي في الإضرار في صحة المستهلك.