اليوبي: كل ما تنبغي معرفته عن "كورونا" في المغرب

أحمد مدياني

محمد اليوبي، مدير علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة شخصية أصبح المغاربة يعرفونها جيداً، وينتظرون إطلالتها يومياً. ما إن تشير الساعة إلى السادسة من مساء كل يوم، ينتظرون منه الجديد حول الحالة الوبائية لتفشي فيروس "كورونا" المستجد بالمغرب، وحين غاب مدير مديرية الأوبئة لأيام بسبب دواعي صحية، تعالت أصوات كثيرة مطالبة بإسناد مهمة التواصل له دائماً، وذلك ما حصل بالفعل، ليعود معه التدقيق في الأرقام عن حالات الإصابات والحالات المستبعدة وحالات الشفاء والوفيات، وتقديم معطيات أوفر عنها.

ومع ذلك، تبقى دائما أسئلة عديدة يطرحها المغاربة، بعد كل إيجاز يومي لوزارة الصحة، سواء كان اليوبي أو غيره هو من تكلف بمهمة إعطائها. في هذا الحوار، يطرح "تيلكيل عربي" على مدير علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة مجموعة من تساؤلات المغاربة، وحول ما يؤرق بالهم تجاه فيروس فرض عليهم، مثل أزيد من ملياري شخص حول العالم، الحجر الصحي في بيوتهم.

في البداية، فرض موضوع الرعاية الصحية للمصابين بفيروس "كورونا" المستجد بالمغرب نفسه، بعد أن كانت محط جدل بسبب فيديوهات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، نقلت ما وصف بـ"غياب الرعاية"...

الرعاية الصحية بالمصابين بفيروس "كورونا" المستجد جيدة بالمغرب، وسخرت لها جميع الإمكانيات الضرورية، وجهزت كل الأقسام والأجنحة بما يلزم كي يتم التكفل بحالات الإصابة المؤكدة منذ تأكيد التحليل المخبري بأنهم يحملون "كوفيد 19"، وحتى شفائهم.

يجب أن يعرف المغاربة، أنه تم اعتماد مسار صارم للحالات المشتبه إصابتها بالفيروس، بعد اتصالها بالأرقام الموضوعة رهن إشارة المغاربة، ونتعامل مع كل حالة بالمسؤولية المفروضة علينا، دون تمييز أو تقصير، والأطقم الطبية تقوم بمجهود كبير في هذا الصدد.

لكن هناك حالات اشتكت من ظروف الحجر الصحي؟

يجب أن نميز بين المدة التي تمكث فيها الحالة بالمستشفى إلى حين وصول نتائج التحليلات، والحالة التي تأكدت إصابتها بفيروس "كورونا" المستجد.

حسب المخطط الذي وضعته وزارة الصحة، الحالة المشتبه بها يتم التعامل معها وكأنها حالات مؤكدة، مع التشديد على ظروف وشروط عزلها.

نعم، الحالة النفسية للمريض الذي ينتظر نتائج تحليلاته نقدرها، ولكن يجب أن نفهم جيداً أن الاحتياطات التي نتخذها ضرورية، وخلال مرحلة العزل إلى حين توصلنا بنتائج التحليلات، نحتاج إلى الصبر من الجميع.

وبعد التوصل بنتائج التحليل الإيجابية، يتم نقل المصاب بالفيروس إلى أجنحة الحجر الصحي والعلاج، وسواء تعلق الأمر بالعزل أو الحجر أؤكد لكم أن جميع الاحتياطات الصحية والوقائية متخذة.

المغاربة وبعد كل إيجاز صحافي تعقدون أو بلاغ تصدرونه عن مستجدات حالات الشفاء، تطرح تساؤلات حول قلتها...

يجب أن يعرف المغاربة، أننا لا نعلن عن حالات الشفاء إلا بعد التأكد بشكل قاطع بأن المريض تعافى تماماً من الفيروس، وهذا الأمر يتم عبر خضوعه لتحليلين، يجب أن تكون نتيجتهما سلبية.

يُطرح هذا السؤال، بالنظر إلى أن المغرب، اعتمد منذ 23 مارس بروتوكول العلاج بـ"الكرولوكين" والبروفيسور الفرنسي ديدي راؤول الذي اقترح الوصفة تحدث، قبل أيام عن تجربة سريرية أخضع فيها 80 مصابا بالفيروس، تم شفاؤهم خلال 5 أيام فقط...

البروتوكول العلاجي الذي اعتمده المغرب فيه 10 أيام كحد أقصى، واعتمدنا هذا الخيار بشكل سيادي واعتماداً على رأي اللجنة العلمية التي أنيطت بها مهمة دراسة اعتماد هذا النوع من العلاج.

يجب أن يعرف المغاربة أن "الكلوروكين" ليس مضادا لفيروس "كورونا" المستجد، بل يقوم بمهمة نقص حمولته داخل جسم المصاب، ومنع استهدافه لخلايا الرئة.

هذا الدواء يمكّن المريض من التخلص من الفيروس في أسرع وقت ممكن.

بالنسبة إلينا شيء جيد أن يتعافى المريض بسرعة، لأن هذا الأمر أكثر خدمة للصحة والسلامة العامة، ولن يشكل خطراً على محيطه، لكن توصية اللجنة العلمية شددت على اعتماد 10 أيام للتأكد من شفاء المريض، وتلاحظون ارتفاع عدد حالات الشفاء ابتداء من يوم 31 مارس.

يعني تتوقعون شفاء حالات أخرى خلال الأيام القادمة، وأن ترتفع هذه النسبة بعد 10 أيام من اعتماد البروتوكول العلاجي؟

كما قلت في السابق، لا نعلن عن حالة الشفاء التام إلا إذا تأكدنا من خلو جسم المصاب من فيروس "كورونا" المستجد بشكل تام.

ومغادرة المصابين للمستشفى بعد التأكد من شفائهم تماماً تتم عبر مرحلتين؛ الأولى تعتمد على معانية الحالة الصحية واختفاء الأعراض التي تصاحب الإصابة بالفيروس، ثم خضوعهم للتحليلات مرتين.

وحسب المتابعة الصحية للمرضى بشكل دقيق ويومي، أؤكد أن حالة 80 في المائة منهم مستقرة، وتتماثل للشفاء.

بل أكثر من ذلك، هناك حالات نلاحظ أنها لا تستجيب للبروتوكول العلاجي المعتمد، لكن عندنا بروتوكول آخر احتياطي نعتمده ويظهر نجاعته في العلاج.

ماذا عن هذا البرتوكول الاحتياطي الآخر؟

البروتوكول الاحتياطي يضم دواءين مضادين للفيروسات، وسبق استعمالهما من طرف خبراء على مستوى عال في الأمراض الفيروسية والتعفنية، وطبعا هذا العلاج بدوره يتم تحت إشراف أطر صحية متخصصة في الإنعاش والتخدير، في حال وقعت مضاعفات.

ويجب أن يعرف المغاربة جيداً أن اعتماد العلاج لا يأتي هكذا، أي أننا لا نمنح المريض الأدوية دون إجراء تحاليل ومراقبة ضغطه الدموي ونسبة السكر في جسده ومراقبة دقات القلب باستمرار.

هل تقومون بمتابعة الحالات التي شفيت لمعرفة تأثير البروتوكول العلاجي المعتمد؟ وهل هناك مضاعفات طرأت عليها؟

نعم بكل تأكيد. كل الحالات التي شفيت بالبرتوكول الذي اعتمده المغرب تخضع وسوف تخضع للمتابعة الصحية.

وأكرر، للتشديد على أن الحالة لا تغادر المستشفى ولا نعلن عن شفائها بشكل كلي، إلا إذا أكد التحليل المخبري الأول والثاني أنها لم تعد حاملة للفيروس بشكل نهائي.

وطبعا سوف نخضعها للمراقبة الطبية والتحليلات، بل لدراسات طبية معمقة، من أجل معرفة تأثير البروتوكول الذي تم اعتماده. نحن نشتغل على هذا الأمر 7 أيام في الأسبوع وعلى مدار 24 ساعة.

المغرب يجري تحليلات قليلة مقارنة مع دول أخرى، وهذا الأمر أصبح محط تساؤل عند المغاربة كلما أعلن عن حصيلة جديدة للحالة الوبائية؟

 الاكتشاف المبكر للفيروس لا يعني اكتشافه لدى عموم المواطنين.

كيف؟

وزارة الصحة تعتمد استراتيجية الاكتشاف المبكر للمرض وليس الكشف عنه، ونستهدف الأشخاص المحتمل أن يكونوا مصابين بـ"كورونا" المستجد. لا يمكن أن تتجه إلى أشخاص ليس لهم أي أعراض توحي بإصابتهم بالمرض، وتبدأ بإجراء التحاليل عند المغاربة من "الطرف حتى الطرف".

لكن الكشف الموسع وسيلة من وسائل الهجوم لمنع تفشي الفيروس. كوريا الجنوبية جارة للصين واعتمدته وذلك ما ساعدها على حصار "كورونا" المستجد، وألمانيا اليوم تسير في على نفس النهج...

لا نخفي أن هناك فرقا كبيرا في الإمكانيات، لكن التحليلات التي نعتمدها تعطي نتائج أكثر دقة وبهامش خطأ ضئيل جداً.

ما هو هذا النوع من التحليلات؟ وهل هو أنجع من التحليلات السريعة التي اعتمدت في عدة دول؟

نعم أرقى وأجود ما يوجد في تحليلات يعتمده المغرب، وهو الكشف عن الفيروس في الحمض النووي للمصاب؛ أي أننا نعرف وجود الفيروس بعد تكبير الحمض النووي، وهذا النوع من التحليلات يمنح كما قلت نتيجة دقيقة جداً، وهو أنجع من التحليلات السريعة.

يعني هذا أنه ليس هناك بطء في إجراء التحليلات في المغرب، والعدد الذي يعلن عنه حسب ما ذكرت هناك ما يبرره؟

ليس هناك بطء، وقبل أيام رخصت وزارة الصحة للمستشفيات الجامعية كي تبدأ بدورها بإجراء التحليلات للكشف عن الحالة المشتبه إصابتها بفيروس "كورونا" المستجد.

خلال هذه الأيام، سوف تبدأ المستشفيات الجامعية بالدار البيضاء والرباط وفاس والمستشفى العسكري بمراكش، بالمشاركة والمساهمة كمنظومة واحدة في إجراء التحليلات.

وأكرر أن المختبرات تعمل على إجراء التحليلات 24 ساعة على 24 وطيلة أيام الأسبوع. هناك نتائج نتوصل بها على الساعة الرابعة صباحا، أي أنه بدأ الاشتغال على عيناتها منذ منتصف الليل.

الحالات التي تشفى من الفيروس هل يمكن أن تتعرض مرة أخرى للإصابة به؟

ليس هناك أي دراسة تفيد أن المرض يعطي مناعة للمصاب الذي شفي منه.

هناك احتمالية المرض مرة أخرى، لذلك نخبر المتعافين من "كورونا" بأخذ الاحتياطات التي يجب أن يتخذها أي شخص دائما، والاستمرار في تنفيذ جميع شروط الوقاية.

ليس عندنا أي حالة أو دراسة أو تجربة سريرية تفيد بأن من أصابه "كورونا" المستجد يكتسب مناعة ضده.

ماذا عن حالات الوفيات عند الشباب. في بداية تفشي الفيروس سمعنا كثيرا من منظمة الصحة العالمية والمسؤولين عن الصحة في أكثر من بلد أنه خطر على كبار السن؟

هناك عدة احتمالات. نحن لا نريد أن يفارق أي شخص الحياة، سواء كان متقدما في السن أو صغيراً أو شاباً.

الموت بفيروس "كورونا" المستجد لا يعني أنه سوف يستهدف هذه الفئة فقط؛ أي كبار السن، ولو أن معدل الوفيات عالميا يتحدث عن 63 سنة سنة كمعدل.

وبالنسبة للوفيات في صفوف الشباب الذين أصيبوا بالفيروس، لا يمكن أن تحيط بجميع الظروف، منهم من يصل إلى المستشفى في مراحل متأخرة من الإصابة؛ أي أن جسده يحوي حمولة كبيرة من الفيروس، ونجد أنه دخل للجهاز التنفسي السفلي.

كما أن هناك مرضى استعملوا دون أخذ الاستشارة الطبية، في غضون الأيام الأولى من ظهور الأعراض عليهم، أدوية مختلفة، منها مضادات الالتهابات، وهذه الأخيرة تزيد من المضاعفات، وتصعب عملية الشفاء بعد ذلك.

وأغلب الحالات التي تفقد حياتها بسبب فيروس "كورونا" المستجد، تعاني من أمراض مزمنة، منها ما لا يمكن الكشف عنه سوى بتشريح الجثة. والسرطان والسكري وارتفاع ضغط الدم والاضطرابات في دقات القلب والأمراض التنفسية وغيرها كلها أمراض تقلل من نسبة الشفاء.

 ومعظم الأشخاص الذين فارقوا الحياة، بسبب الفيروس في المغرب، وصلوا المستشفى في حالة متقدمة جدا، خاصة في بداية ظهوره عندنا، ولم تستطع مناعتهم مقاومتها.

وفي دول مثل فرنسا وإسبانيا وغيرهما سجلت حالات وفيات في صفوف الشباب.

ما هي الرسالة التي تريد أن توصلها للمغاربة، خاصة وأن هناك قناعة عند كثيرن أن العلاج اليوم هو الحجر والبقاء في المنازل؟

رسالتي لهم هي أن يصبروا على هذه الإجراءات. دول أخرى متقدمة لم تتخذ ما اتخذه المغرب من قرارات موجعة اقتصاديا، لكن ذلك تم لأجل الصالح العام وحفاظا على حياة المغاربة. إذا أردنا أن تمر هذه الأزمة بسرعة، علينا أن نصبر.

وأبشرهم أن هذه الأزمة سوف تفيدنا كثيراً، وسوف نراكم تجربة مهمة في مجال مواجهة الفيروسات والأمراض التعفنية.

وأهم شيء هو أن المغاربة سوف يقطعون مع عادات يومية، كانت تساهم بشكل كبير في نقل الأمراض والعدوى، خاصة كثرة السلام بالتواصل المباشر وكثرة العناق والمكوث في أماكن تعرف الازدحام وطبعا التربية على النظافة العامة.