بالفيديو.. مدير عام "سنطرال" للمغاربة: هذه وضعيتنا ونريد أن نعود بأسلوب أقل تكبرا

مدير عام شركة “سنطرال دانون” ديديي لامبلين
أحمد مدياني

في هذا الحوار يسمي مدير عام شركة "سنطرال دانون" ديديي لامبلين، الأشياء بمسمياتها.  يجيب عن الأسئلة المحرجة: ماهي  انعكاسات المقاطعة على الشركة ومستخدميها وأرباحها؟ ماهي الإجراءات التي قامت بها الشركة من أجل مواجهة الخسارة الثقيلة التي تكبدتها العام الماضي وبلغت 500 مليون درهم؟ كم من الوقت يمكن ل"سنطرال دانون أن تصمد؟ وبأية وسائل تستطيع إلى الآن مواجهة الأزمة؟ ما مصير المستخدمين و المشاريع التي أطلقتها الشركة عام 2018؟

*بعد 9 أشهر من انطلاق  مقاطعة منتجات "سنطرال دانون" ما هي الحصيلة؟ وما هو الوضع المالي للشركة؟

مضت الآن 9 أشهر  على انطلاق المقاطعة، هي مدة قصيرة مقارنة مع تواجد دانون في المغرب  الذي يمتد ل70 سنة، ولكن الشهور التسعة مدة كافية لاستخلاص حصيلة أولية.

‎في أبريل 2018، كنا معنيين كعدد من العلامات التجارية  الأخرى بمقاطعة المستهلكين لمنتجاتنا وقد كان لها تأثير. كما أعلنا عن ذلك مرتين للإعلام. هذا الوضع كان مؤلما وسبب للشركة معاناة، لكن في الوقت ذاته كان اختبارا، وكان فرصة لنعيد الابتكار ولنتحول.

هذا الوضع كان مؤلما وسبب للشركة معاناة، لكن في الوقت ذاته كان اختبارا، وكان فرصة لنعيد الابتكار ولنتحول.

‎أخذنا تقريبا أسبوعين أو ثلاثة أسابيع بعد المقاطعة لنطلق اللقاءات الكبرى المفتوحة مع المغاربة من مختلف الفئات والشرائح، وكانت شيئاً جديد في المغرب. قمنا باجتماعات عامة في خمس مدن مغربية كبرى، وكنا في تواصل مباشر مع المواطنين. لم نخف أي شيء، بل قمنا ببث هذه اللقاء مباشرة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

‎ونجاح اللقاءات المفتوحة، كان أولاً وأخيرا بفضل حماس أطر الشركة ومستخدميها، وفوجئنا من اندفاعهم للتواصل مع 90 ألف مغربي.

‎وبعد التشاور مع المغاربة، أعلنا في 5 شتنبر أولى قراراتنا. التزمنا بأن نجيب عن انتظارات المستهلكين تجاه أهم المنتوجات الأساسية للنظام الغذائي المغربي، بإطلاق منتوج جديد (كيس 2,50 درهم من الحليب خالي الدسم)، خاضع لمعايير الجودة الدولية لـ"دانون"، ومنتوج مغربي وطبيعي 100 في المائة بدون مضادات حيوية وبدون مواد حافظة.

كما قررنا أيضا إعادة ضبط السعر بالنسبة لمنتج الحليب الأساسي الذي ننتجه من 3,50 الى 3,20، وإذا عدنا للثمن فسنلاحظ أنه هو نفسه الذي كان قبل عشر سنوات، يعني أننا لم نرفع السعر طلية هذه المدة.

ومن بين القرارات التي اتخذناها أيضاً، هو إعلان كل ما يتعلق بشركة "سنطرال دانون" على مواقع التواصل الاجتماعي، وسوف نتواصل حول كل شيء، بما في ذلك الأسعار ونتائج اختبارات الجودة.

*نود أن نعرف بالأرقام حجم اقتناع المقاطعين بحملات تواصل "سنطرال دانون" والإجراءات التي اتخذت بشأن السعر وطرح منتوج جديد للحليب

ما أستطيع أن أقوله لكم، هناك تأثير قوي أدى لخسارة نسبة جد مهمة من مبيعاتنا، فقدنا مابين 20 إلى 30 في المائة منها.

بعد شهر أو شهر ونصف، سنعلن عن نتائجنا الرسمية، لأنني لا أستطيع الكشف عنها رسميا الآن، فنحن شركة عالمية مدرجة في البورصة وليس لي الحق في أن أقدم معلومات قبل أن يتم إعلانها من طرف البورصة.

هناك تأثير قوي أدى لخسارة نسبة جد مهمة من مبيعاتنا، فقدنا مابين 20 إلى 30 في المائة منها

 لكن نحن الآن أمام واقع تراجع حجم مبيعات، صرحنا بخسارة تقدر بـ 500 مليون درهم وهذا رقم هائل. عام 2017 كانت لدينا نتيجة ايجابية، وأعلنا تحقيق رقم معاملات بلغ 135 مليون درهم، و الآن أصبحنا في خسارة تبلغ ناقص 500 مليون درهم، ولو لا مساعدة مجموعة "دانون" العالمية و الأبناك كنّا لنكون في وضعية جد صعبة، أكثر مما نواجهه اليوم.

ما يمكن قوله اليوم، هو إننا استرجعنا ثلث ما خسرناه من المستهلكين، ولكننا لم نسترجع بعد الثلثين، وبالتالي سنواصل العمل بتعاون مع التجارالمغاربة، فهم كنز مغربي. لقد عشت في بلدان كثيرة بالعالم، وأؤكد أن لديكم شيء استثنائي بالمغرب هو هؤلاء البقالين.

استرجعنا ثلث ما خسرناه من المستهلكين، ولكننا لم نسترجع بعد الثلثين، وبالتالي سنواصل العمل

ومن تأثيرات المقاطعة على الشركة، أنه كنّا في طور إطلاق مشروع متميز سننخرط فيه من أجل  مضاعفة دخل 50 ألف منتج صغير للحليب، خلال خمس سنوات، ولكن كل هذا توقف بسبب المقاطعة.

وبصفتي رئيسا لفدرالية الحليب التزمنا بانخراطنا وأطلقنا برنامجا يمكن من ضمان تغطية اجتماعية لمرابي الماشية المغاربة، الآن وبعد المقاطعة سنعيد إطلاق كل هذه الأمور بهدوء.

*أعلنتم خسارة قدرت بـ500 مليون درهم بسبب المقاطعة.. ما هي آثار هذه الخسارة على الشركة وشركائها؟

المشاريع التي وضعناها في 2018 تم إنجازها، ولكن بالنسبة للمخططات التي وضعناها مع المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية، وخصوصا المرتبطة بالمربيين هي لحد الآن عالقة، لأن الخسارة التي لحقتنا لم تترك لنا مجالا لإطلاق كل المخططات، لذلك كرسنا كل الجهود لإدارة الشركة ومحاولة الحد من آثر هذه الوضعية.

مثلا قامت الشركة بتدبير المصاريف فيما يخص التنقلات، قمنا بتعويض السفر بالطائرة من أجل تأطير بعض المحاضرات، بعقدها فقط عبر الفيديو، كما صوبنا الاهتمام أكثر تجاه تقليص المصاريف اليومية، فمثلا طلبنا من كل فرق العمل عدم استثمار اَي سنتيم على المخطط التجاري أو الترقية أو الإشهار إلا بعد التأكد من أثره الإيجابي على المبيعات.

قامت الشركة بتدبير المصاريف فيما يخص التنقلات، قمنا بتعويض السفر بالطائرة من أجل تأطير بعض المحاضرات، بعقدها فقط عبر الفيديو

صراحة، فرع المغرب يشكل مشكلاً كبيراً، لذلك مجموعة "دانون" قامت بمساعدة فرعها بالمغرب، لكن هذه الحالة لا يمكن أن تستمر، لأن المجموعة لا يمكن أن تستمر في مساعدة "سنطرال دانون" في 2018 و2019 و2020 .

نحن الآن بصدد التفكير في كيفية تحويل شركة "سنطرال دانون" لمواجهة هذه الوضعية، اليوم لدينا رأسمال أقل وفقدنا عدداً من المستهلكين، ولكن نود أن نحدث قفزة نوعية من خلال التجديد. يمكن أن أخبركم أن سنتي 2019-2020 سوف تفاجئ المغاربة، لأننا أصبنا في العمق بسبب المقاطعة، لكن نحن لدينا رغبة لنظهر أن الرسالة قد وصلت و نود العودة بكم كبير من الابتكارات والمفاجآت للكبار والصغار بمعايير مجموعة "دانون" العالمية.

هناك حديث عن استعداد الشركة لتسريح مجموعة من العمال والمستخدمين والتخلي عن التوزيع.

كما قلت في السباق أطلقنا اليوم خطة عمل مكنتنا من استرجاع ثلث الأرباح المفقودة ومازال أمامنا ثلثين لم نتمكن من استرجاعهما، الأمر الثاني قبل هذه المقاطعة كان استهلاك الحليب ومشتقاته بالمغرب قد عرف تدنيا بعد مجموعة من الإشاعات، يعني أن السوق كان راكدا، إذن اليوم نموذج تنظيمنا يحتاج مزيداً من التفكير.

نحن نعمل على نموذج جديد للتنظيم وعلى إيجاد طريقة جديدة للاشتغال، ونعمل على استثمارات لإطلاق ابتكارات جديدة، وكل هذا من أجل خلق شركة أكثر مرونة وأكثر إبداعا وأكثر تماشيا مع انتظارات المستهلكين.

لكن لحد الآن ليس لدينا مخططات لتسريح أو إعادة تنظيم المستخدمين، نحن شركة تحترم القانون المغربي والعالمي وكذلك الاتفاقات التي وقعناها مع ممثلي مستخدمينا، كما أننا لم نخض أي حوار معهم.

لحد الآن ليس لدينا مخططات لتسريح أو إعادة تنظيم المستخدمين، نحن شركة تحترم القانون المغربي والعالمي وكذلك الاتفاقات التي وقعناها

عندما كلفت كرئيس لهذه الشركة، أخذت وقتا مهما لعقد مجموعة من الالتزامات مع المستخدمين وكذلك مع باقي الشركاء الاجتماعيين، وأخبرتهم أنه لن يتخد أي قرار تنظيمي داخل الشركة بدون أن يتم مناقشته معهم، ولم أتخذ أي مبادرة في هذا الاتجاه.

لكن في المقابل، المستهلكين الذين تخلو عنا إن لم يعودوا، علينا التأقلم مع الوضع، والتفكير في الموضوع انطلق بجدية، مع ذلك أشدد على أنه لا توجد لحد الآن أي خطة عمل ملموسة لإحداث تغييرات بخصوص ما طرحته داخل الشركة.

وفي ما يخص التخلي عن التوزيع، أقول لك بصراحة، أنت تخبرني بأمر فاجأني جداً، وسأجيبك بكل حزم، أننا لن نكلف شركة أخرى بتوزيع منتجاتنا، أبدا لن نقوم بذلك.

التوزيع يعتبر كنزاً من بين كنوز "سنطرال دانون"، نحن أضخم مؤسسة للتوزيع بأوربا، ونحن فخورون بالتوزيع المباشر لمنتجاتنا، كما أننا فخورون بعلاقتنا المباشرة مع البقالين، فهذه حرفة لها قواعدها، ونحن نستثمر بشكل كبير في تكوين مستخدمينا كيفما كان نوع التعاقد معهم سواء تعاقد لمدة غير محدودة أو لا.

في ما يخص التخلي عن التوزيع، أقول لك بصراحة، أنت تخبرني بأمر فاجأني جداً، وسأجيبك بكل حزم، أننا لن نكلف شركة أخرى بتوزيع منتجاتنا

أطلقنا برنامجا للتكوين والذي من خلاله سنقوم في ظرف سنتين بما تقوم به عادة المقاولة خلال عشر سنوات على مستوى التكوين، من أجل الحصول على فرق مبيعات مؤهلة، لذلك لا يمكن أن نؤهل مستخدمينا ثم نمنحهم لشركة أخرى.

كنت رئيسا للشركة في المكسيك وفي إفريقيا الجنوبية، كنت أعتبر الموزعين جيشاً عند الشركة وكنز لا يمكن التفريط فيه.

*ما هو مستقبل شركة "سنترال دانون" في المغرب، هل سوف تصمدون لأكثر من سنتين؟

أعمل لدى "دانون" منذ 38 سنة، وأعرف جيداً أن المغرب يعتبر بعد أوروبا، أول بلد نشأت فيه "دانون" بالتعاون مع السلطات المغربية، إذن فهو يمثل في تاريخ الشركة أول انطلاقة لها خارج أوروبا.

عندما تكون لديك شراكة كهاته، فيصعب التخلي عنها. وتعلمون أيضا أن بين المغرب وفرنسا علاقة تاريخية مهمة وأنا أشعر بالارتياح داخل هذا البلد. ورئيس "دانون" العالمية أعطى يوم 5 شتنبر إشارة قوية، عبر فيها عن رغبته في مواجهة هذه المشكلة.

استوعبنا أننا قمنا بأخطاء ونود الاستماع و نريد أن نعود تدريجا لنبني شركة مختلفة بأسلوب أقل تكبرا وأكثر تواضعا وأكثر إصغاء و قرباً، أكثر اندماجا وابتكاراً.

كانت المقاطعة اختبارا عنيفا وصعبا، بل أعتبرها أكبر تحد عشته في حياتي، وطيلة 38 سنة من العمل عند "دانون"

أنا الآن أملك نظرة إيجابية للمغرب، كانت المقاطعة اختبارا عنيفا وصعبا، بل أعتبرها أكبر تحد عشته في حياتي، وطيلة 38 سنة من العمل عند "دانون"، لقد عانيت، ولكنني أخذت وقتا مع فرق العمل وأؤكد لك أن فريق الإدارة الذي يساندني له رغبة كبيرة للعودة ولمفاجأتنا

لكي اختم أودّ أن اشكر كل المستهلكين المغاربة لكونهم أرسلوا لنا هذه الرسالة الشجاعة، وقد كنّا أكثر جرأة لنستمع إليهم. كما أود أن أشكر كل من ظل وفياً، وأن أشكر من قرروا الرجوع لاستهلاك منتجاتنا.

أعد بأنني سوف أخصص وقتا كبير للاستماع والإجابة عن كل من لهم حاجة لبراهين أكبر من أجل العودة لاستهلاك منتوجنا.

تصوير ومونتاج: فهد مرون