بوسعيد: تشغيل الشباب مهمة القطاع الخاص

محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المعفى
امحمد خيي

أفصح محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في حوار نشرته مجلة "تيلكيل"، في عددها الجديد للأسبوع من 3 نونبر إلى 9 منه، عن الفلسفة التي تستند عليها حكومة سعد الدين العثماني، إزاء معضلة البطالة المتفاقمة وتشغيل الشباب، ممثلة في أن القضية تبقى بالأساس مهمة القطاع الخاص، ولا يتعدى دور الدولة المواكبة بالتحفيز الضريبي لفتح الشهية على الاستثمار. أما الإحساس السلبي العام بشأن وضعية الظرفية الاقتصادية، فيعتبره مخالف للحقيقة، ويحمل مسؤوليته إلى السياسيين.

"إن إحداث مناصب الشغل لا يقرر بمراسيم، ولا يتم داخل مكاتب الوزارات، ولكن أساسا عبر القطاع الخاص"، هو الجواب الصريح الذي قدمه محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية في حكومة سعد الدين العثماني، جوابا عن سؤال ضمن حوار مطول حول الظرفية الاقتصادية، واختيارات مشروع قانون مالية 2018، نشرته مجلة "تيلكيل"، في عددها الجديد الموجود في الأكشاك ابتداء من اليوم (الجمعة).

وإذا كان التشغيل إذن من مسؤولية المقاولات، بالنسبة إلى الوزير عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، فهو على يقين بأن تلك المقاولات "لا يمكن أن تحدث مناصب الشغل دون الاستثمار"، وهنا يأتي دور الحكومة، إذ قال "ذلك ما حاولنا التشجيع عليه في مشروع قانون مالية 2018، من خلال إقرار تحفيزات لفائدة القطاع الخاص، قد تعيد إليه ذوق وشهية الاستثمار".

وحدد وزير المالية، وصفة الحكومة لفتح الشهية على الاستثمار، بالقول إنه "على المستوى الضريبي، صار الأمر جذابا في مجال الضريبة على الشركات، بالإعفاء من رسوم التسجيل في حالة الرفع من الرأسمال، ومن خلال تحسين خدمات الإدارة الضريبية، ومعالجة متأخرات الضريبة على القيمة المضافة"، بهدف "تحسين ميزانية المقاولات، وقدراتها المالية بما يمكن من إعادة إطلاق الاستثمارات".

ولكن لا يخفي محمد بوسعيد، بالمقابل، أن تلك الوصفة، تظل وحدها غير كافية، بقوله إن "الأمر غير كاف بطبيعة الحال، لأن تشجيع الاستثمار لا يرتبط فقط بالنظام الضريبي، إنما أيضا بقطاعات أخرى لها بدورها أهمية كبيرة من قبيل إصلاح الإدارة، وسوق الشغل، ومحاربة الرشوة، والمراكز الجهوية للاستثمار، لذلك إذا أردنا تحريك دينامية تشغيل الشباب يجب العمل على مختلف تلك المحاور".

التشاؤم سببه السياسة

وتعد وضعية الظرفية الاقتصادية، من القضايا التي تناولها حوار مجلة "تيلكيل" مع محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، إذ قال بخصوص نظرته، إنه "من حيث الأرقام، الظرفية الاقتصادية للمغرب جيدة، فكل المؤشرات تحمل اللون الأخضر، والصادرات مستمرة في التصاعد، وكل القطاعات، باستثناء البناء والأشغال العمومية، أحوالها جيدة، وكذلك وتيرة استهلاك الأسر"، فلماذا إذن يتحدث الفاعلون الاقتصاديون عن أزمة غير معلنة، وتخالف نظرتهم واقع أرقام الحكومة؟

في جواب الوزير التجمعي المسؤول هما السياسيون، إذ قال "لا يمكن الحديث عن أزمة، إنما على العكس، ولكنني أتفهم هذه النظرة السلبية الموجودة لدى البعض، والتي تأتي أساسا من العالم السياسي، فالسياسة في المغرب هي التي أعطت علامات سيئة، الشيء الذي أثر على ثقة الفاعلين فذهبوا إلى موقع الإتظارية".

وغير ذلك غير صحيح، بالنسبة إلى المتحدث ذاته، الذي قال "اليوم، وقبل أي وقت مضى، المغرب، قوي وصلب جدا، على مستوى مرتكزاته الأساسية، ولست أنا من يقول ذلك، إنما كل المؤسسات الدولية، وخلال السنة الجارية سنحقق نسبة نمو بـ4.6 % بفضل الأداء الجيد للموسم الفلاحي وانتعاش مختلف الأنشطة غير الفلاحية".

مرة أخرى إرادة السماء

يعتبر محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في المقابلة ذاتها مع "تيلكيل"، أن توقع مشروع قانون مالية 2018، نسبة نمو بقيمة 3.2 %، "توقع واقعي، ويستند على فرضيات واقعية لها ارتباط بالإنتاج من الحبوب والقطاني، وبالارتكاز على سنة متوسطة محصولها من الحبوب بقيمة 70 مليون قنطار، علاوة توقعات ترتبط بانتعاش الأنشطة غير الفلاحية".

ويعني ذلك، أن الارتهان إلى سخاء السماء لتساهم في محصول جيد من الحبوب، لتحقيق ناتج داخلي إجمالي جيد، مازال مستمرا، رغم أن الفلاحة شهدت تنويع أنشطتها منذ إطلاق مخطط المغرب الأخضر، فكيف يفسر الوزير المزداد بفاس في 1961، والذي تخرج في 1986 بباريس مهندسا من المدرسة الوطنية للطرق والقناطر؟

في اعتقاد محمد بوسعيد، "فلاحتنا تغيرت بشكل جذري في السنوات العشر الأخيرة، ، بفضل بزوغ أصناف فلاحية جديدة، من قبيل فلاحة التشجير، والحوامض، وزيت الزيتون، وعلى هذا المستوى الأخير مثلا كانت لدينا 660 ألف هكتار في 2008 والآن بلغنا مليون هكتار، مع إنتاج توقعي قيمته مليون و600 ألف طن، أي 48 % نسبة ارتفاع مقارنة بالسنة الماضية"، ولكن "إذا كنا نقول أن مساهمة الفلاحة حاليا، من حيث القيمة المضافة، لا علاقة لها بمساهمتها قبل 10 سنوات، فالناتج الداخلي الإجمالي عرف استقلالا متواترا عن القطاع الفلاحي، ففي 2016 مثلا حققنا 1.2 % نسبة نمو رغم الجفاف".

والحبوب إذن لا تشكل إلا جزء صغيرا، فلماذا الاستناد على أداء قطاعها مستمر رغم تنويع الأنشطة الفلاحية؟ يفسر محمد بوسعيد، الأمر في جوابه عن السؤال، فيقول إن "الحبوب والقطاني حقيقة لا تشكل إلا 15 % من القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، ولكن الموسم الفلاحي غير الجيد يؤثر على مستوى استهلاك الأسر في العالم القروي، والتي تشكل 46 % من نسبة السكان النشطين بالمغرب، علاوة على وجود تأثير نفسي، فحينما تكون هناك تساقطات مطرية، تعطي رغبة في الاستهلاك حتى داخل المدن".