تيل كيل عربي" يكشف خلفيات غضبة الرميد ضد متابعة حامي الدين.. يوم قرر الوزير الاستقالة

الشرقي الحرش

هاجم المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، اليوم الإثنين 10 دجنبر، قرار قاضي التحقيق باستئنافية فاس، القاضي بمتابعة القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العلي حامي الدين أمام غرفة الجنايات بتهمة المساهمة في القتل العمد، على خلفية مقتل الطالب اليساري بنعيسى آيت الجيد، التي حوكم لأجلها في أوائل تسعينات القرن الماضي.

وعلى عكس التزامه بالتحفظ، وعدم تعليقه الدائم على القضايا الرائجة أمام القاضي، وصف الرميد قرار قاضي التحقيق بالأخرق الذي يوجب المساءلة، فما خلفيات هذه الغضبة غير المسبوقة من الرميد؟

في هذا الصدد، كشفت مصادر مطلعة لموقع "تيل كيل عربي" أن الرميد اعتبر عرض قضية حامي الدين على قاضي التحقيق استهدافا شخصيا له، نظرا لكون النيابة العامة قامت بحفظ القضية خلال فترة توليه لوزارة العدل لأسبقية البت.

وأوضحت مصادر "تيل كيل عربي" أن الرميد اعتبر أن متابعة حامي الدين تعني أمرين لاثالث لهما: فإما أنه تستر على حامي الدين خلال رئاسته للنيابة العامة، أو أن هناك من يستغل النيابة العامة للانتقام السياسي، مشيرة إلى أن الرميد أبلغ "جهات عليا" بموقفه.

وتوعد الرميد حينها بعدم السكوت عن متابعة حامي الدين، حتى لو تطلب الأمر استقالته والدفاع عنه أمام المحاكم.

وقال الرميد في تدوينة على الفيسبوك "تلقيت باندهاش كبير إحالة عبد العلي حامي الدين على الغرفة الجنائية من أجل المساهمة في القتل العمد من قبل قاضي التحقيق".

وأضاف " العجيب هنا هو أن هذه التهمة سبق أن حوكم من أجلها سنة 1993 في قضية بنعيسى آيت الجيد، وقد برأته غرفة الجنايات منها  وأعادت تكييف الأفعال على أساس أنها مساهمة في مشاجرة أدت إلى القتل".

وتابع " الأمر هنا لا يتعلق بوقائع يمكن الاختلاف حولها  ويبقى القضاء هو صاحب الكلمة الفصل بشأنها، ولا يتعلق الأمر باجتهاد  في تطبيق القانون يخضع لقاعدة الصواب والخطأ الذي يمكن أن يتلبس بأي اجتهاد، كلا، الأمر يتعلق بقاعدة تعتبر من النواة الصلبة لقواعد المحاكمة العادلة ومبدأ أصيلا من مبادئ دولة الحق والقانون والتي يعتبر خرقها خرقا خطيرا لقاعدة قانونية أساسية يوجب المساءلة طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة".

وزاد الرميد "تكفي الإشارة هنا إلى المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي نصت صراحة  على أنه لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون  والإجراءات الجنائية  في كل بلد".

وسجل الرميد أن "هذه القاعدة الراسخة التي درج عليها القضاء المغربي واستقر اجتهاده عليها مكرسة في العديد من نصوص القانون، سنتعرض لها بالتفصيل في مناسبة قادمة".

 وأضاف  بنبرة أكثر حدة "يبدو أن تكريس حقوق الإنسان والقواعد الأساسية للمحاكمة العادلة  في هذا البلد تحتاج إلى نضال مرير ومكابدة لا حدود لها ضد كل قوى الردة والنكوص التي تجر إلى الخلف  والتي لن نسكت عليها أبدا".

وتابع "قبل أن اختم، فإنه واهم من يظن أن هذا الموقف نابع من العلاقة الشخصية أو السياسية مع ضحية هذا القرار المنحرف عن جادة القانون. الأمر يتعلق بقرار لو قدر له أن يصمد أمام القضاء في مراحله المقبلة فسيكون انقلابا في مسار العدالة في المغرب، وسيؤسس لاجتهاد يمكن أن يؤدي إلى نشر كل القضايا التي حسمها القضاء لينظر فيها من جديد، إلا  إذا كان هذا الاجتهاد سيبدأ بقضية حامي الدين وينتهي بها وهو أمر لا تخفى خطورته أيضا".

وختم تدوينته قائلا "بقدر الغضب الذي يساورني بسبب هذا الاجتهاد الأخرق بقدر ما استشعر الأمل في الإنصاف وإعادة الأمور إلى نصابها والانتصار للقانون، ووضع حد لهذا الانحراف الجسيم الذي أشر عليه هذا القرار في المرحلة القضائية المقبلة"، متعهدا بالعودة مرة أخرى للموضوع.