دراسة استقصائية.. هذه مشاكل المغاربة القانونية وطرقهم في مواجهتها

أحمد مدياني

قام "معهد لاهاي للابتكار القانوني" وشريكاه المغربيان، "نادي قضاة المغرب" و"جمعية عدالة"، في الفترة بين شهري يوليوز وشتنبر من العام 2018 بإجراء دراسة استقصائية حول الاحتياجات في مجال العدالة ومستويات الرضا بخصوصها في المغرب، دراسة أجريت من خلال استطلاع للرأي استهدف 6000 شخص، نصفهم نساء، تم اختيارهم بشكل عشوائي من 12 منطقة في المملكة، أظهرت أن  نصف سكان المغرب تقريباً يواجهون مشاكل قانونية.

كل عام، يواجه مليار شخص حول العالم مشكلة جديدة في مجال العدالة. 70 في المائة منهم لا يجدون حلاً مرضياً، كما أن 30 في المائة منهم لا يشعرون بأنهم ممكنون بما فيه الكفاية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحل مشاكلهم، ما يترتب عنه تأثير مباشر وكبير على حياتهم اليومية، وينتج عنه عنف وعلاقات مدمرة ونزاعات في مختلف المجالات، كذا تهديد بسلب حريتهم. هذه معطيات تخص كل سكان الأرض، لكن ماذا عن مشاكل المغاربة في مجال العدالة؟

فحسب نتائج استطلاع "معهد لاهاي للابتكار القانوني" و"نادي قضاة المغرب" و"جمعية عدالة"، الذي يتوفر "تيل كيل عربي" على نتائجه كاملة، فإن الغاية منه هي "إحداث تأثير اجتماعي، يمكن 150 مليون شخص، بينهم مغاربة، من تفادي المشاكل القانونية أو حلها بحلول العام 2030.

وقبل إيجاد الحلول الممكنة للمشاكل القانونية التي يواجهها المغاربة، قام الاستطلاع باستخراجها من خلال استجواب العينات المستهدفة، والتي عبرت احتياجاتها في مجال العدالة في المغرب، على أكثر من صعيد.

كل عام 3,9 مليون مشكلة قانونية جديدة

يقول نصف المغاربة، حسب ما جاء في نتائج استطلاع الرأي، إنهم واجهوا مشكلة قانونية أو أكثر خلال الأعوام الأربعة الماضية؛ ما يعني أنه كل عام، يتعين على 3,9 مغربي معالجة مشكلة قانونية جديدة أو أكثر.

ويعرض الاستطلاع فئات المشاكل القانونية الأكثر شيوعاً التي يواجهها المغاربة، وعلى رأسها الجريمة. هذه الأخيرة تؤثر على حياة 760 ألف شخص سنوياً، ثم المنازعات الأسرية التي تؤثر على 630 ألف شخص سنوياً، فالمنازعات في العمل وتؤثر على 350 ألف شخص سنويا،  وأخيراً العنف المنزلي الذي يؤثر على 240 ألف شخص سنوياً، وتمثل هذه الفئات الأربع معاً ما 44 في المائة من مجمل المشاكل القانونية التي يواجهها المغاربة.

يتعين على 3,9 مغربي معالجة مشكلة قانونية جديدة أو أكثر كل عام

ويرصد التقرير وجود تفاوت في الوصول إلى المشورة القانونية المتخصصة، لحل مشاكلهم القانونية. ثلثا المغاربة يسعون للحصول على الاستشارة القانونية، مع ذلك، فإن شخصاً واحداً فقط من بين كل خمسة أشخاص ممن يواجهون مشكلة قانونية خطيرة يعتمد على مصادر متخصصة، مثل المحامين أو المساعدين القانونيين أو مراكز الاستشارات القانونية.

وفي الواقع، صرح معظم الذين شاركوا في استطلاع الرأي، أنهم يلجؤون لاستشارة أفراد أسرهم، ما يترتب عنه عدم حصول الناس على حقوقهم التي يكفلها لهم القانون. ويضيف الاستطلاع، أن سبعة من أصل عشرة أشخاص في المغرب يستخدمون نوعاً من الآليات لحل المنازعات، وتعتبر خطوة أساسية عندهم للوصول إلى حل، ويظهر الاستطلاع ذاته، أنه يتم حل مشكلة واحدة من كل ثلاث مشكلات يواجهونها بعد اللجوء لحل المنازعات.

62 في المائة من المشاكل القانونية لم تحل

يعرض استطلاع الرأي عدداً من أسباب عدم حل المشاكل القانونية التي يوجهها المغاربة، ومن أبرزها التفاوت في الولوج إلى المحاكم والشرطة بين المجالين الحضري والقروي، كذا ضعف المرأة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن تكلفة تتبع المساطر القضائية ما يحرم الفقراء وذوي الدخل المحدود من اختيارها. هذه العوامل، يقول الاستطلاع، ترفع نسبة المشاكل القانونية التي لم تحل إلى 62 في المائة.

ويوضح الاستطلاع أن ما يكلفه اللجوء إلى المحاكم والشرطة يعتبر مرتفعاً نسبيا في المغرب، وغالباً يشير الناس إلى أن هذين المسارين هما الأكثر فائدة للوصول إلى العدالة، إلا أن الولوج للأخيرة "يظل غير متكافئ"، لأنه في المجال القروي قل ما يلجأ الناس إليهما، بسبب عدم قدرتهم على الوصول إليهما، وإما لأنهم لا يعرفون طريقة اللجوء إليهما.

اللجوء إلى المحاكم لذوي الدخل المنخفض، تقول نتائج الاستطلاع، قد يكون باهظ التكلفة

 بالإضافة إلى ذلك، فإن اللجوء إلى المحاكم لذوي الدخل المنخفض، تقول نتائج الاستطلاع، قد يكون باهظ التكلفة.

أما في ما يخص المرأة المغربية، فيرصد الاستطلاع، أنها أضعف من الرجل من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وهي تواجه مشاكل مختلفة عن تلك التي يواجهها الرجل. وحسب الاستطلاع ذاته، تعد المنازعات الأسرية والعنف المنزلي أكثر إلحاحاً بالنسبة للمرأة كما أن معدلات إيجاد الحلول هي أقل مما هي عليه بالنسبة للرجل، وتكون هذه العوامل أكثر حدة بالنسبة للنساء ذوات الدخل المنخفض اللواتي يواجهن صعوبات شاقة على ما يبدو عندما يحاولن الوصول إلى العدالة، كما تشتد عندما يتعلق الأمر بالنساء اللاتي يقطن في المجال القروي.

89 مشكلة قانونية

استناداً إلى نتائج الاستطلاع، والمشاورات مع الخبراء المغاربة الذين ساهموا في إعداده، تم تحديد 89 مشكلة قانونية يواجهها المغاربة باستمرار، تقع في 14 فئة، وهي: الأراضي، العنف المنزلي، السكن، الجيران، العمل، العائلة، الجريمة، مشاكل المستهلك، حادث/إصابة شخصية، المال، الحصول على مستندات الهوية، مشاكل متعلقة بالشرطة، الرعاية الاجتماعية، وأخيرا مشاكل الفساد.

وخلال سؤال المستجوبين عن تعرضهم لمشكلة قانونية واحدة أو أكثر، خلال الأعوام الأربعة الماضية، أجاب 45 في المائة منهم بـ"نعم" و55 في المائة بـ"لا". وبمقارنة المغرب مع دول عربية ومغاربية أخرى شملها نفس الاستطلاع، تأتي المملكة في الرتبة الثانية بعد اليمن الذي صرح 94 في المائة من المستجوبين بأنهم واجهوا مشكلة قانونية واحدة أو أكثر خلال نفس الفترة، ثم تونس في الرتبة الثالثة بنسبة 41 في المائة، يليها الأردن بـ33 في المائة، وخامساً لبنان بـ32 في المائة.

 تحتل جهة الشرق الصدارة بنسبة 55 في المائة، تليها جهة طنجة-تطوان الحسيمة بـ53 في المائة

وعن نسبة انتشار المشاكل القانونية في جميع أنحاء المغرب، تحتل جهة الشرق الصدارة بنسبة 55 في المائة، تليها جهة طنجة-تطوان الحسيمة بـ53 في المائة، ثم جهة الرباط-سلا-القنيطرة بنسبة بـ53 أيضاً، أما جهة فاس-مكناس ففي الرتبة الرابعة بنسبة 50 في المائة وهي نفس النسبة التي سجلت في جهة بني ملال-خنيفرة، أما جهة العيون-بوجدور الساقية الحمراء فسجلت فيها نسبة 47 في المائة، وجهة مراكش-آسفي 43 في المائة، و41 في المائة بجهة سوس-ماسة، و40 في المائة بجهة كلميم-واد نون، و39 في المائة بجهة درعة-تافيلالت، و32 في المائة بجهة الدار البيضاء-سطات، وفي الرتبة الأخيرة جهة الداخلة وادي الذهب بنسبة 30 في المائة.

50 في المائة للرجال و40 في المائة للنساء

وفي ما يخص التبليغ عن المشاكل القانونية التي يواجهها المغاربة، بالنظر إلى الجنس والحالة الاجتماعية والاقتصادية وغيرهم، تشير نتائج استطلاع الرأي، إلى أنه من المرجح أن يبلغ الرجال المغاربة عن المشاكل أكثر من النساء، وذلك بنسبة 50 في المائة مقابل 40 في المائة.

كما يبلغ المنفصلون عن أزواجهم بنسبة 83 في المائة، أو المطلقون بنسبة 79 في المائة، عن مشاكل قانونية أكثر، خاصة في مجال المشاكل الأسرية.

وبحسب المناطق، يبلغ سكان المناطق الحضرية بنسبة 48 في المائة عن المشاكل القانونية أكثر، مقارنة مع السكان الذين يعيشون في المناطق القروية وذلك بنسبة 41 في المائة لهذه الفئة.

ويضيف الاستطلاع في هذا الجانب، أنه من المرجح أن يبلغ الأشخاص الذين لديهم طفل واحد أو أكثر عن مشكلة قانونية.

بالنظر إلى عامل السن، تبلغ نسبة الشباب المغاربة الذين يبلغون عن مشكلة قانونية واحدة أو أكثر 25 في المائة

وبالنظر إلى عامل السن، تبلغ نسبة الشباب المغاربة الذين يبلغون عن مشكلة قانونية واحدة أو أكثر 25 في المائة، أما الشباب في مرحلة البلوغ، كما وصفهم الاستطلاع، فنسبتهم 51 في المائة، والشباب في مرحلة البلوغ الوسطى 50 في المائة، أما كبار السن فنسبتهم 30 في المائة، ويوضح الاستطلاع أنه تم الأحذ بعين الاعتبار، في هذه النتائج، أن الأشخاص يمكنهم الإبلاغ عن مشاكل متعددة، لهذا السبب، فإن أرقام النتائج تزيد عن 100 في المائة.

20 في المائة للجريمة

وعن انتشار المشاكل القانونية، حسب فئاتها، تفيد نتائج استطلاع الرأي، أن الجريمة تمثل 20 في المائة، وقضايا الأسرة 16 في المائة، والمشاكل مع الجيران 14 في المائة، والنزاعات على الأراضي 10 في المائة، والعمل 9 في المائة، وحادثة/إصابة شخصية 8 في المائة، والسكن 7 في المائة، والعنف المنزلي بنسبة 6 في المائة، والمال نفس النسبة، والفساد بنسبة 5 في المائة، والحصول على وثائق الهوية بنسبة 4 في المائة، وأخيرا الرعاية الاجتماعية/العامة ومشاكل المستهلك أيضاً بنسبة 4 في المائة.