دراسة حول الأسئلة البرلمانية: "الأحزاب الإدارية" أقل دينامية.. ووزير الداخلية أكثر من يُسأل وأقل من يجيب

تيل كيل عربي

نتائج مثيرة انتهت إليها دراسة أنجزها مركز بحثي مغربي حول "الأسئلة البرلمانية: من يطرحها ومن يجيب عنها؟"، في الولاية التشريعية السابقة، تذكر بزمن سياسي يعتقد الكثير أنه انتهى إلى غير رجعة.

خلصت دراسة أنجزها مركز البحث "طفرة" إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هو الحزب الأكثر نشاطاً في مجلس النواب، من حيث متوسط عدد الأسئلة لكل نائب، في الولاية السابقة، حيث طرح ممثلوه 257 سؤالاً لكل منهم، يليه حزب العدالة والتنمية الذي بلغ متوسط الأسئلة التي طرحها نوابه 208 سؤالاً.

ويبقى في العموم أن حزب العدالة والتنمية هو الحزب الذي طرح أكبر عدد من الأسئلة، حيث قدرت بحوالي 25 ألف سؤال، أي ما يزيد عن نصف الأسئلة التي طُرحت خلال هذه الولاية التشريعية. ويأتي خلفه الاتحاد الاشتراكي، الذي طرح نوابه حوالي 12 ألف سؤال، أي 25% من مجموع الأسئلة الموجهة للحكومة. أما باقي الأحزاب الحاضرة في مجلس النواب، فقد طرح كل واحد منها ما يقل عن 5000 سؤال.

استمرار الانقسامات القديمة

وأضافت الدراسة، التي استندت على جمع كافة الأسئلة الكتابية والشفهية الموجهة من طرف أعضاء مجلس النواب للحكومة خلال الولاية التشريعية 2011-2016؛ أي حوالي 40 ألف سؤال، إلى أن حزب التقدم والاشتراكية حل ثالثا، بالنسبة لمتوسط عدد الأسئلة لكل نائب، بنسبة تناهز 115 سؤالاً لكل نائب.

ولم يطرح النواب المنتخبون من التجمع الوطني للأحرار، حسب الدراسة ذاتها، في المعدل سوى 18,3 سؤالاً، ما يجعل هذا الأخير الحزب الأقل نشاطاً في مجلس النواب، وبالكاد تجاوزهم نواب حزب الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري بمعدل 30 سؤالاً لكل نائب.

والمثير، كما جاء في الدراسة، أن نائب الاتحاد الاشتراكي، عن دائرة جرادة المختار راشدي طرح أزيد من 2100 سؤال في 5 سنوات، في المقابل لم تطرح ياسمينة بادو، وزيرة الصحة السابقة ونائبة حزب الاستقلال، عن دائرة أنفا بالدار البيضاء، إلا سؤالا واحداً!

ومن النتائج التي يستخلصها منجزو الدراسة أن الفوارق بين الأحزاب "تذكرنا بواحدة من أقدم الانقسامات في التاريخ السياسي المغربي: من جهة، نجد الأحزاب الإدارية (الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري وحزب الأصالة والمعاصرة) التي تم تشكيلها بتشجيع كبير من القصر؛ ومن جهة أخرى، أحزاب الحركة الوطنية (حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية) وليدة النضال من أجل الاستقلال، بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية". وأعطوا مثالا على ذلك بكون "الأحزاب الإدارية" تطرح عدداً أقل من الأسئلة مقارنة بالبقية، فالعضو من "الحزب الإداري" يطرح 26,2 سؤالاً في المعدل، مقابل 165 سؤالاً من عضو في أحد أحزاب الحركة الوطنية أو حزب العدالة والتنمية.

ولاحظوا أن "المثير للدهشة هو أن هذا التمييز بين الأحزاب يعد أكثر تأثيراً على طرح الأسئلة البرلمانية من الانقسام بين المعارضة والأغلبية. وقد يظن المرء أن أحزاب المعارضة تمارس ضغطاً أكبر على الحكومة مقارنة بنظيراتها التي تنتمي للأغلبية. إلا أنه على عكس ذلك، يتبين أن برلمانيي الأغلبية يطرحون أسئلة أكثر بقليل من أولئك الذين ينتمون للمعارضة (في المتوسط، يطرح نائب في الأغلبية 123 سؤالاً مقابل 78 لنائب في المعارضة)".

الرقابة تختلف باختلاف الوزارات

من نتائج الدراسة، التي أنجزها المركز الذي تأسس سنة 2014 بهدف "تحسين فهم المؤسسات المغربية للمشاركة في توطيد سيادة القانون في المغرب"، أن وزارة الداخلية كانت أكثر من وُجِّهت لها الأسئلة حيث تلقت 8265 سؤالاً، أي 17,5% من الأسئلة الواردة، تليها وزارة التربية الوطنية بـ4176 سؤالاً (9%)، ثم وزارة التجهيز بـ4079 سؤالاً (8,6%).

ومن نتائج الدراسة أن جميع الوزارات لا تجيب عن الأسئلة بنفس الوتيرة، فمن بين الوزارات العشر التي وُجِّه لها أكبر عدد من الأسئلة (أي 70% من مجموع الأسئلة)، بلغت نسبة الإجابة بالنسبة لوزارة الداخلية 29,6%، أي النسبة الأدنى. في المقابل، أجابت وزارة الصحة على حوالي 80% من الأسئلة الموجهة لها والبالغة نسبتها 7,3% فقط.

ومما خلص إليه معدو الدراسة أن "فعالية الرقابة البرلمانية تختلف باختلاف الوزارات". وأوردوا مثالا يتعلق بسهولة حصول أعضاء مجلس النواب على المعلومات من وزارة الصحة أو وزارة العدل، من حصولهم عليها من وزارة الداخلية، رغم أن القانون ينص على كافة الوزارات الإجابة على الأسئلة التي يتلقونها في غضون الـ20 يوماً التي تلي إيداعها لدى مكتب مجلس النواب. وفي حال غياب الرد، يجوز للنائب أن يطلب إدراج سؤاله في جدول أعمال الجلسة الموالية ويجبر الوزير المعني على الإجابة، إلا أن هذا الإجراء نادراً ما يتم القيام به.

وحول سؤال: لماذا تقوم بعض الوزارات بالرد أكثر من غيرها؟ يقول معدو الدراسة "لا يمكن لغياب الإرادة السياسية أن يكون التفسير الوحيد، إذ يمكن أن يوجد تفسير آخر يتمثل في أن غياب الرد ناتج على العدد المفرط من الأسئلة الواردة، فكلما زاد عدد الأسئلة، طال أمد الرد".